الفصل التاسع

5.4K 207 14
                                    

هستيريا اصابت والدتي ما ان عادت . لا لم تكن هستيريا بل الجنون بعينه يقابلها برود عمي وارتياحه وعدم اهتمامي انا .
امسكت بقميصي تهزني بعنف وهي غاضبة :
ـ ما الذي فعلته بنفسك يا غبيه ؟
ـ عُقد قراني .
صفعه هوت على وجهي مزقت لي ما تبقى من احترامي لها :
ـ حطمت مستقبلك بيدك يا مجنونه !
صوت عمتي وهي تطالبها بالهدوء ولكن امي تهدأ ! لا مستحيل ، بل ذهبت لعمي تمسك بقميصه وهي ترعد :
ـ لمَ حطمت مستقبلها ؟ انها يتيمه ، ألا تشفق عليها أبدا ؟
ابعد عمي يديها عن قميصه بقوه ودفعها بقسوه قبل ان يقول بهدوء مصطنع
ـ لم اضغط عليها ، صحيح زينه ؟
ـ اجل صحيح .
اجبت بكل ثقه وانا اشاهد امي تتقدم لتضربني مرة اخرى فصرخت بها والغضب تفجر بداخلي ولأول مرة عليها بسبب زواجها :
ـ لا تضربي يكفي ! لمَ ترفضين زواجي ؟
ـ لم تمض سنه على وفاة والـ ...
قاطعت صوتها المرتجف بصوت اعلى وانا اتمزق لطريقتي في التعامل معها ولكنها تستحق :
ـ ألم تتزوجي انت قبل انقضاء السنة ؟ لمَ تحليّن لنفسك شيء وتحرمين عليّ الشي نفسه ؟
صدمه ! كانت ملامح وجهها تعبر عن صدمه كبيره وخيبة امل بي . وعمتي أيضا ، فأخرستهما قبل ان تفتحا فمهما :
ـ لقد تزوجت بإرادتي وسأسافر ، وليس لك الحق في حرماني من سعادتي !
ـ زينه !!
ـ لأكون واضحة اكثر ، انا سعيدة انه سيسافر بعيدا فلا اراك ثانية .
دموع تجمعت في عيون والدتي ، شاهدتها وان سيطرت عليها فلم تنساب بسهولة والالم الذي ارتسم على وجهها لو تكلم لأرداني قتيله ساعتها.
اقتربت عمتي وهي عاجزه عن الكلام ولكن امي لم تتوقف . اتجهت لعمي مرة اخرى :
ـ حسنا ، لتتزوج احمد ابن شيخ نعمان .
ـ كيف تتزوج احمد وهي متزوجه الان ؟!
تعثرت خطواتها وهي كالطير المذبوح تدور بيني وبين عمي . حسنا ، لم ارحمها ولكن قلبي كان يتمزق لحالها . صوت عمي وهو يقترب منها :
ـ كلمتي مقابل كلمتك يا وداد . ممم تذكري دوما ، الرجل رجل والمرأة لا كلمة لها .
تركها وخرج فتهاوت والدتي ارضا تسندها عمتي . مدت لي يديها وهي تترجاني ان أقترب لأسكن في حضنها . نظرت اليها وهي جاثيه على ركبتيها ترفع رأسها نحوي بتوسل و همسات عمتي تحثني ان اقترب منها .
قسوه قلبي ساعتها مزقتني انا قبل ان تمزق والدتي . لم استطع ان أتقدم . لا أريد حضنها هذا الذي تلطخ بقرب رجل غير والدي . انا أحتاجها و خائفة مما فعلته لكني تمنيت ان اؤذيها ! اؤذي تلك النخلة الصامدة الشامخة ، وقد فعلت الان فها هي تجلس ارضا تبكي بكل أنكسار. يداها تضربان فخذيها بقوة بعد أن يئست من اقترابي وعمتي قربها تحاول مواساتها.
ـ ضاع مستقبل ابنتي ! سعاد ماذا سأفعل ؟!
شهقات عمتي وهي تحاول تهدئة امي لم تخفف من قسوتي الظاهرة . لا افهم لم تبكي امي! كنت على وشك ان اخبرها ان مستقبلي ضاع ساعة غادرت الإسعاف محملة بأروع رجل في الوجود .
دخلت ليلا لغرفتي تحاول التكلم معي بهدوء
ـ لا تخافي من عمك يا ابنتي، ثقي بي سأنقذك ونعود لبيتنا وتدرسين لتفي بوعدك ، حبيبتي .
كانت تمسد على شعري بحنان وهي تبكي . شلال من الدموع قد ارتسم على وجهها يشرح حجم الألم الذي تعانيه .
امي لأتياس أبدا ! تريد ان تقنعني بالتراجع، وعندما اخبرتها اني قد تزوجت فعلا وباختياري . أمسكت شعري تشده وهي تضربني بغير وعي منها
ـ مجنونه غبيه ! لن اسمح لك بتحطيم حياتك !
ـ وداد ، اهدئي !
كانت عمتي قد سمعت صوت صراخ امي واسرعت تخلصني من بين يديها .
ـ اتزوجه فقط حتى لا أرى وجهك ثانية ، امي الحنون !
اليوم الخميس وانا اتجهز كعروس الثأر . ليس هناك اي اثر لمظاهر فرح او عرس وانا ازف الى رجل لا أعرف عنه شيئا سوى ان اسمه ادهم واننا سنسافر الى حيث يعمل ، وهو موافق على ان اكمل دراستي .
مشاعري كانت متذبذبه بين خوف من المجهول وعدم القابلية على التصديق وألم .. ألم عميق لما فعلته بأمي فقد كسرتها . أنا اعلم انها ليست بالقوة الكافية لمواجهة عمي فالاستسلام لمصير محتوم هو الافضل لنا جميعا .
لم انم ليلة الأمس برغم اني كنت بأحضانها ، فقد دخلَتْ غرفتي ليلا ولأني أجبن من ان اواجهها في آخر ليلة لنا معا فقد تظاهرت بالنوم .
اقتربت مني وقبلت جبيني، داعبت خصلات شعري التي كنت قد اخفيت عيوني بها . اصابعها الرقيقة الطويلة تضع خصلة الشعر خلف اذني . صوت اهتزاز السرير والدفء المفاجئ الذي سكن جسدي المرتعش ينبئي انها قد استلقت بقربي ، خلف ظهري مباشرة . انا متكورة بوضيعه الجنين لأبدو بنصف حجمي . يداها الحنونتان امتدتا لتطوقا يديّ ودفنت رأسها في رقبتي، تستنشق رائحة جسدي في شهيقها وأما الزفير فكان يترك أثره على جلدي الرقيق ، فلا املك السيطره على تنهدية تخرج من اعماقي تزيد احساسي بالقهر وقطرات دموعها تبلل كتفي .
ـ انا اسفة .
شهقة بكاء انتزعت من بين أضلعها وارتعاشتها وصلت جسدي .
ـ سامحيني يا ابنتي لأنني ..
انقطع صوتها بالبكاء. دمعة نزلت من عيني بكل هدوء لتتبعها الأخرى وهي تكمل :
ـ لم استطع حمايتك ... كنت ضعيفة .... موت زياد ... اضعفني .
صوتها المتقطع، شهقات البكاء المؤلمه وبحة صوتها تثير في جسدي رعشة لا استطيع ان اسيطر عليها .
ـ لقد خذلتك زينه فسامحيني .
اشتدت يداها لتطوقني بقوة اكبر . ساعتها تمنيت لو أن والدتي قادرة على إعادتي لجسدها وكأني جنين لم يولد بعد . تمنيت ان التحم معها ، تتشابك اضلعنا معا ، وتنصهر روحينا لتعود روح واحدة من جديد .
ـ اعرف انك تألمت كثيرا يا صغيرتي ولم تعودي بقادرة على الصبر ولكن ..
ابتسمت رغم دموعي . محاولة اخرى تطالبني فيها بالهرب معها والعودة كما كانت تفعل طوال الأسبوع الماضي ، ترمي عليّ الأفكار والحلول . وحتى سمر التي وصلت أمس مع فلاح والاطفال. الكل كان يحاول ولكن يكفي ان ارفع عيني لتصدم بعيون عمي لأ اعلم ان كل شيء قد تم ولا مجال للتراجع .
ـ صدقيني زينه ، استطيع ان ألتجي لبيت الشيخ. أتطلق من عمك وأطلقك أنت ونعود لمنزلنا يا صغيرتي .
يدها تداعب شعري بأطراف اصابعها، كما احب.
ـ لن يؤذيك مجددا صدقيني اعدك يا صغيرتي .
لم اجب ولم أبدِ أي ردة فعل ، فانا نائمة .

𝓜𝔂 𝓣𝓸𝓻𝓶𝓮𝓷𝓽.....{عذابي }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن