الفصل الخامس

6.9K 247 3
                                    

رسائل حب وغزل . أ هكذا تدرسين ؟! لقد اعترفت ان الدفتر ليس لك فما هذا ؟
ـ ماذا .. تقول ؟
ورمى نحوي بالدفتر ، فاذا برساله لم اعلم بوجودها من قبل ولكن عيوني تجمدت على حروفها بصدمة .
( زينه حبيبة قلبي ومهجة روحي ، انا أقف عاجزاً امام حزنك العميق لفقدان العم زياد الغالي لقد فجعنا جميعا بوفاته . اكتب لك كل الحلول في دفتري هذا وأمنيتي أن اكتبها لك على صفحة قلبي، أما روحي فتكاد تفارق جسدي لفراقك ، وأمنيتي ان تسمحي لي بمساعدتك وشرح الدروس لك لتعود تلك الابتسامة الرقيقة تزين ملامحك صباحاً ، فلم اعد استطيع الصبر وانا افتقدك كثيرا. ليتك تعودين للمدرسه لنلتقي من جديد فما عدت أحتمل ابتعادك يا حبيبتي الغالية ..
احبك ، عماد )
ذهلت بشدة وهززت رأسي غير مصدقة ، فقد كنت أقرا الدفتر بالتسلسل ولم أقلبه ابدا. ما الذي فعلته بي يا عماد ؟! من يقرأ سطورك تلك يظن اننا على علاقة . لن يصدق عمي اني كنت ارميك بالحجر عندما تلاحقني . ما الذي سأفعله يا الهي ؟!
خفضت نظري خجلا وانا عاجزه عن إيجاد كلمة او حتى حرفاً واحداً يخرج من فمي ليشرح لعمي.
يده الضخمه ايقظتني من ذهولي وهو يشد لي شعري بقوه وينفجرُ غضباً بذلك السم العساف الذي يخرج من فمه :
ـ كنت اسمع عن قله ادبك ودلالك المفرط ولكني لم اتوقع ان تكوني سافلة . هل تقابلين الرجال بحجه المدرسه ؟
ـ عمي !
صفعه اخرى كادت ان تكسر لي فكي من شدتها تلقيتها وانا صامتة ، ولا أجرؤ على التأوه الماً .
ـ لا تتكلمي ! هيا معي .
صوت صراخه صم اذاني ويده الضخمه استقرت على شعري ليسحبني بقوه وينزل بي السلالم وانا أحاول أن أجاري خطوته الواسعه ويداي الاثنان تمسكان بيده علّه يرخي قبضته قليلا قبل ان يقتلع شعري .
ـ صدقني انا لم اكن اقابل احدا ، اقسم لك !
خرجت امي راكضة على صوت صراخه يخالطه صوتي المتألم لترى عمي يشد شعري ويسحبني خارج البيت وصوته يصل الى الجار العاشر
ـ ابو مروان مالذي حدث ؟!
ـ سآخذ زينه لبيتي ، اخي لم يكن قادراً على وضع حدٍّ لها فكيف بك انت وحدك ؟!
ـ ما الذي فعلته؟!
رمى عمي الدفتر نحوها ليستقر عند قدمها وهو يزأر بوجهها وقبل ان تنحني لتلقطه دوى صوته بالتهديد والوعيد :
ـ لن اسمح لطائشة مثلها ان تلوث اسم عائلتنا النظيف .
ـ بل انا التي لن تسمح لك بكلمة اخرى يا طه ، ابنتي ربيتها وأحسنت تربيتها .
ضحكه ساخره تبعتها قهقهات عالية اجابت امي، ارتفع حاجباي نحو والدتي بنظره كلها توسل ورجاء ، علها تنقذني من عمي المجنون ولكن لا فائدة !
ـ ما الذي تفعله يا طه ؟ ابعد يدك عنها ! انسيت انها تيتمت منذ فتره قليله ؟ لن اسمح لك بأخذها.
ـ انتِ لا رأي لك بوجودي . انا عمها وانا المسؤول عنها ! لكن لا تَخَافِي، سأعيدها بعد ان تتعلم الأدب.
جملة واحدة حددت مصيري بأكمله ووقفت امي عاجزة امام جبروت عمي وهو يرميني في سيارته الكبيره كقطعة خردة بلا قيمه، هاي هي والدتي تركض خلف السيارة، تحاول اللحاق بنا بعد ان استنفذت كل الطرق لاقناعه، متناسيةً لشروط العدة.
كانت الرحله الى الريف شاقة وكنت انا متعبه وجائعة لأني لم أتناول الغداء فقد كنت ادرس ولم ارغب أن يقاطع الطعام افكاري، فنمت بعد ان رفض عمي ان يستمع لي أو ان أفتح فمي بكلمة.
ـ مدلّلتي كيف حالك ؟
شهقت غير مصدقه والدي يقترب مني وهو يبتسم.
ـ أنت لم تمت ؟ كنت اعرف بأنك حيّ يا والدي، لكنهم لم يصدقوني !
ـ أ تذكرين نصيحتي يا ابنتي؟ اذا اردت السعادة فعليك بكتاب الله والدعاء .
-انا اذكر كل كلمه قلتها وكل لحظه قضيتها معك.
ابتسم لي واقترب فأغمضت عيني عندما داعبت يده فروة شعري وحسرة ألم تسربت من بين اضلعي رغما عني لأفتح عيوني واجد والدي قد اختفى ، فأخذت اصرخ بلا وعي :
ـ ابي ، عد ارجوك ! ابي لا تذهب ابي .. أه !
صفعه قوية مؤلمة أزاحت فكي إلى الناحيه الأخرى ، اجبرتني على فتح عيوني من جديد لأجد نفسي جالسه قرب عمي.
ـ هل تحاولين التلاعب بي يا عديمة الاخلاق ؟
هززت راسي نفيا.
ـ ِعليك ان تفهمي اني منيع ضد ألاعيبك هذه فلا تتعبي نفسك باستعطافي. انا أكره الفتيات من عينتك .
نكست رأسي وقضيت ما تبقى من الطريق صامتة وذكريات حياة جميلة غادرتني للابد ، اشاهدها تهرب امامي من نافذة السيارة المسرعة.
وصلنا عند المغرب فنزل عمي وهو يسحبني بقسوة.
خرجت زوجة عمي راكضة لاستقباله وقبلت يده وخرجت زوجته الثانية بعدها وفعلت مثلها وعلامات التعجب واضحة عليهم عندما لمحوني .
ـ جهّزوا لها ملابس ترتديها ولتساعد في اعداد العشاء .
ناولتني زوجة عمي الكبرى ملابس ابنتها ميعاد وكانت بعمري تقريبا لكنها متزوجة منذ فترة وهي على وشك الانجاب .
كان لعمي سبع بنات من زوجته شيماء جميعهم تزوجوا ولم يتبقَّ سوى اثنتان اصغر مني واما زوجته الثانية سلمى فقد كانت اصغر عمرا . تزوجها عمي بعد ولادة البنت الخامسة فأنجبت له مروان ومهند وآية الصغيرة وكانوا جميعا يسكنون في بيت واحد .
اقتربت مني زوجة عمي الصغيرة ومسحت على رأسي وقالت :
ـ لا تَخَافِي، عمك طيّب القلب. عليك أن لا تعصي اوامره وإن احتجت لشي فسأكون قربك .
ابتسمت لها وأنا خائفة مرتعشة فآخر مرة دخلت هذا البيت عندما كنت في الثامنة من عمري ، في عزاء جدتي . وما حدث لي وقتها أجبر والدي على ان يقسم بأنه لن يسمح لقدماي أن تدوس عتبة هذا المنزل ابداً !

𝓜𝔂 𝓣𝓸𝓻𝓶𝓮𝓷𝓽.....{عذابي }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن