زينة ؟
ـ ابتهال ، انت حية ؟!
ـ كيف استطعت يا زينة ان تفعلي بي هذا ؟ لمَ لم تنقذيني ؟ لقد تألمت كثيرا !
دموع تحرق عيوني والم يمزق احشائي وانا ابرر لها :
ـ ابتهال صدقيني لم يكن بيدي حيلة ! انت اعز انسان صادفته . انت الوحيدة التي اخبرتها عن اسمي الحقيقي . سامحيني ارجوك !
اقتربت مني وتلاشى الظلام لأجد رأسها مقسوم الى شطرين بحيث تمكنت من رؤيه دماغها . جسدها كان ممزق ، يدها مقطوعة واثار قضمة كبيره عليها ! خصرها النحيل قد اقتطع منه جزء كبير حتى أكاد اقسم ان القسم العلوي منه يتصل بالقسم السفلي بخيط رفيع فقط !
ـ لقد تألمت كثيرا يا زينة ، وحان دوري الان لأقطع لك جسدك !
ـ لاااااا !
لم استوعب انه كابوس وانا أرى خيالا معي في الغرفة . انها ابتهال عادت من جديد !
ـ ابتهال لا تؤذيني ارجوك ! انا اسفة !
ـ علا ، اهدئي !
اخفيت وجهي بيدي وانا التصق بالسرير . العرق يغسل لي وجهي ويبلل ملابسي .
ـ لم استطع ابتهال انا اسفة ! ارجوك سامحيني!
امتدت يدها نحوي فبدأت اصرخ بهستيريا وانا أرفس واضرب علّها تختفي !
ـ افتحي عيونك . انظري لي !
صوت غاضب يصرخ بوجهي ! صوته يهدر أعلى من صوتي ، يأمرني ويهز لي جسدي المرتعش بقسوة :
ـ انه كابوس ! انظري لي ، لقد انتهى !
ـ لاااااا ! انها حية ، عادت لتنتقم !
ماء بارد رُشِق عليّ فانتفضت انظر لطارق قربي ووالديه قرب الباب ! دموعي بدأت تنساب رغما عني وانا ارتجف :
ـ انا قتلتها ! عادت لتنتقم !
جلس طارق قربي على السرير :
ـ ابتهال ؟
ـ أجل انا قتلتها ! لقد كانت أجبن من ان تهرب ولكني أنا السبب !
رفعت رأسي لطارق ونظرت له دون ان اعي بأني أحاول ان ابرر له ذنبا لا يعلم عنه شيئاً من الأصل :
ـ لقد فجروا دماغها ورموا جسدها لتأكله الحيوانات !
بدأت اشهق بالبكاء .
ـ هل قتلوها امام عينك ؟
ـ لماذا لم يقتلوني انا ؟ انا السبب ، انا قتلتها !
امسك طارق بكتفي وهو يحاول تهدئتي :
ـ ليس ذنبك انت . انه القدر المكتوب على جبينها لتموت بتلك الطريقة .
رفعت رأسي نحوه وانا اشهق ببكائي حتى ان انفاسي تختنق :
ـ ألا تفهم ؟ كانت اجبن من أن تهرب ! لو لم اشجعها لما ماتت ! انا قتلتها .
لم اشعر بالأب الذي تقدم نحوي وناولي كاسا من الماء لأشرب ثم بدأ يدلك لي جبيني وهو يتمتم ببعض الكلمات .
نظرت إليه فإذا هو يقرأ آيات من القران الكريم . جسدي بدأ يسترخي وبكائي بدأ يهدأ . انزلقت نحو الوسادة أحاول امتصاص لحظات الهدوء التي تجتاح جسدي واغمضت عيني ويده تدلك لي رأسي وكأن مغناطيسا يسحب كل الأفكار السوداء من عقلي .
فجأة لم اعد اشعر بيده تلامس وجهي ففتحت عيني وانا اراه يبتعد وبصوت هامس يترجاه :
ـ لا تتركني ارجوك !
نظر الي وهو يبتسم :
ـ ظننت بانك غفوتِ . سأصلي وأعود لأجلس قربك حتى الصباح .
هززت رأسي له نافية وطارق يقف بعيدا ويراقب . ابتسم لي الاب :
ـ ما زال الوقت باكرا للصلاة . نامي وارتاحي فلن اتركك .
جلس قربي على السرير . امسكت يدي بيده الضخمة وقربتها على جبيني وعيوني تتوسل لحظة السلام التي اجتاحتني ، وكأن والدي قد عاد للحياة ويده الحنونة تداعب لي شعري .
عاد يمسح لي رأسي ويداي الاثنتان تقبضان على يده الأخرى بقوة وانا خائفة ان تتسرب من بين يدي لحظة السكون تلك . صوته يقرأ القران بصوت هادئ ونبرة حزينة .. أجنحة ، وكأني امتلكت اجنحة لأحلق في فضاء واسع مريح ، فأسترخي ويرتاح جسدي وروحي .
استيقظت لأجد الغرفة في سكون تام . فتحت الستائر واذا بالشمس قد توسطت السماء . يا إلهي إنها الظهيرة ! اخذت انزل السلالم بخطوات سريعة فاصطدمت بسيدي وهو يخرج من غرفة المعيشة .
ـ اسفة سيدي ، ارجوك سامحني .
هز رأسه متعجبا :
ـ صباح الخير علا . لمَ تتأسفين ؟
ـ لقد نمت حتى الساعة !
وبعفوية ، ربت على كتفي فتشنج جسدي بأكمله.
ـ تناولي افطارك وتعالي للصالة . اريد الكلام معك .
ـ حاضر سيدي .
تناولت قطعة خبز صغيرة وتبعته .
- أنهيتِ افطارك بهذه السرعة ؟! هل أكلتِ شيئا ؟
ـ اجل سيدي .
ـ اسمي طارق . تعالي اجلسي . لمَ تقفين هناك؟
جلست على كرسي مقابلة له حيث أشار ، وانا خائفة مما ينوي التكلم به . رمى الصحيفة جانباً وبدأ يتكلم :
- اسمعيني جيدا يا علا، امس كنت تتكلمين عن فتاة قتلت!.
انتفضت واقفة بسرعة
- كان حلم سيء
- اعلم انه كان حلم، اجلسي ، لم وقفتِ؟
جلست وانا اتمنى ان يرحمني من هذا الاستجواب فلن احتمل ذنب ابتهال وهو يطاردني ليلا ونهارا
- اسمعيني جيدا ، انها جريمة قتل . يجب ان نبلغ عن القتلة . هل تعرفين اسم البنت ؟
ـ سيدي ارجوك !
انتفضت واقفة مرة اخرى فوقف هو أيضا .
ـ من هي ابتهال ؟ اين عائلتها ؟ يجب ان تتكلمي!
وضعت يدي على اذني ارفض سماعه واكبر مخاوفي تتجسد امامي . طارق يثير مواطن الألم في عقلي ويحفز احساسي بالذنب اكثر ! انه يضغط علي بأسئلة لا استطيع ان اجيب عنها حتى وان كنت اعلم الجواب .
ـ من هو ياسر ؟ تكلمي علا ، هذه جريمة وانت الشاهد !
ـ لا لا لا انا لا اذكر شيئا !
اغمضت عيني لأشعر بيدي طارق وهو يسحب يداي عن اذني وهو يصرخ
ـ بل تذكرين ! ما الذي فعلته ؟ اين هي الان ؟
استفزني بطريقة اخذت اصرخ بكل شيء أعرفه:
ـ هي واحدة من تلك البنات في ذاك البيت حيث تدربنا . انا قتلتها ! كانت اجبن من ان تهرب ولكنها غبية .. غبية .. غبية ! لمَ تستمع لي ؟!
ـ ما الذي حدث ؟
ـ لا اذكر !
ـ بل تذكرين ! ما الذي حدث ؟ تكلمي !
يهزني بين يديه ويصرخ بصوت عال وانا ارتجف ضائعه بين ابشع الصور وخيال ابتهال يقترب مني يحاول خنقي . يداي تتخبط هنا وهناك تحاول ابعادها عني ، دموعي تجري بألم .
شهقات عالية وتنفس سريع وطارق لم يمهلني الوقت لألتقط انفاسي وهو يهزني ويصرخ بي .
أجهشت بالبكاء وشرحت له كل شيء، كل شَيْء.
ـ كيف وصلت لذاك البيت ، كيف ؟
ـ زوجني باعني . أتظن اني الوحيدة هناك ؟ هنالك المئات ! لمَ لم ينقذنا احد ؟ لمَ تركتمونا هناك نعاني ؟ الم تسمعوا صرخاتنا ؟! زوج يبيع زوجته العذراء ، عقد عمل مغرٍ في دولة اجنبية ، معهد من معاهد الدراسة بتأشيرة دخول الى احد الدول ذات الأسماء البراقة . كنا كثيرات .
ـ من هو ياسر ؟
نظرت له واستقرت عيني في وسط عينه وانا اكمل من بين شهقاتي وقد جلست فما عاد جسدي قادرا على احتمال الألم الذي يهاجمه الان وكأنه يعيشه من جديد :
ـ سيدي الذي اشتراني. انه صاحب البيت وهو من كان يمسكني في المزاد .
ـ ما الذي حدث لك بعد محاولة الهرب ؟
وهنا لم احتمل فنكست رأسي . أي جواب يطلب مني ؟ هل أقول له انهم نجحوا بطمس آدميتي ؟ بانني لم اعد انظر لنفسي سوى كحيوان يعيش في قفص ويتبول على نفسه ؟
اقترب مني واخذ رأسي بين أحضانه ويده تربت على ظهري بلطف
ـ يكفى يا علا ، انا اسف . كان يجب ان تنفثي كل هذا الألم خارجا كي تتمكني من العيش بسلام .
وبدهشة لم استطع اخفاءها ، طارق الشخص الوحيد الذي قابلته وهو يتجاوز شكلي الخارجي الى الألم الذي يسكن روحي . شيء ما يطمئنني بأنه مختلف . مختلف كثيرا وربما اكثر مما اتخيل !
أنت تقرأ
𝓜𝔂 𝓣𝓸𝓻𝓶𝓮𝓷𝓽.....{عذابي }
ChickLit☑مكتملة☑ ⭕يمنع منعا قاطعا نقل رواية او الاقتباس ❌ ♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡ ...لقد شارفت ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة على الإنتهاء, وختامها مسك كما يقال. كالعاده سادتي, الأفضل يتنظر للأخر - غزل, إنه دورك . امسك ياسر بيدي وقادني للدخول إلى ذلك المسرح الض...