الفصل التاسع عشر

4.8K 206 5
                                    

اجلسي يا ابنتي .
ما الذي يحدث اليوم يا ترى ؟ وما الذي يريده والد طارق مني ؟
ـ هديل سوف تنشغل بالامتحانات النهائيه كثيرا ، واعلم انك ستشعرين بالوحده فما رايك ان نقوم معا انا وانت وخالتك بحفظ القران الكريم ؟
ابتسمت دون ان اعي انه بذكاء وحنان الاب يعالجني بطريقته الخاصه طريقته الي يعرفها ويثق بها .
ـ احب هذا يا عمي ، يا ليت !
ـ حسنا ولكن اليس من الأفضل ان نلتزم بالصلوات قبلها . ما رايك ؟
هززت رأسي وانا خجله من نفسي وهو يبتسم لي بمرح .
ـ الفجر ان شاء الله ستقوم خالتك بإيقاظك للصلاة ، وبعد الصلاة سنحفظ ثلاث آيات كل يوم . قليل دائم خير من كثير منقطع .
ابتسامتي ازدادت اتساعا وانا أقول له :
ـ لمَ لا نبدأ من الان ؟
رفع حاجبه تعجبا وهو يبتسم لي :
ـ حسناً ، لم لا ؟! اذهبي لتغتسلي وانا انتظرك في الحديقة .
مرحلة جديده بدأت في حياتي . اشعر وكأني اقتلع الخوف من روحي ببطء وتساعدني تلك اليد الكهلة لأقف من جديد . تقوّم لي انحناء ظهري الذي كسرته كثره الازمات التي مرت بي . خالتي معه تأخذني لطريق مريح معبد وسالك ، وكأني اسير فوق السحاب ، وكأن روحي قد انفك اسرها فلم تعد اسيره ذاك الجسد بل اصبح الكون كله مساحتها التي تلهو بها ! بمرور الأيام وبالتدريج، الآيات الثلاث أصبحت صفحة كاملة مع سرعة حفظي واقبالي الشديد على الحفظ .

التزمت بمواعيد العلاج النفسي رغما عن أنفي ! بكيت موت والدي ولأول مره وبكل حرقه في مكتبها حتى انها اعتذرت عن الموعد الذي بعدي بسبب حاله الانهيار التي اصابتني ساعتها . تكلمت عن البيت وياسر لكني لم اتطرق لوالدتي وعمي ابدا .
فالنسبة لي والدتي ماتت يوم تزوجت رجلا اخرا وعمي غير موجود . بدأت ارتاح قليلا ، وفي احدى الجلسات طلبت مني ان ابدأ بكتابة مذكراتي . كل ما مررت به من حزن وفرح ، من الم وامل ، كل شيء حتى مشاعري المتضاربه . لم اقتنع ساعتها بالفكرة لأني اعتبر كتابة المذكرات سخف ، ما لم تكن لرجل حرب او سياسي محنك . ولكني فعلت وبدأت اكتب علّي اسقط كل تجاربي المؤلمه على الورق فيرتاح عقلي قليلا .
كانت المشكله ساعتها الدفتر ! دخلت على هديل اطلب منها دفترا فلم تجد عندها واحدا ولكنها نزلت لتطلب من طارق ان يشتري لي واحدا . على العشاء وبينما كنا نجهز المائده انا وهديل ونساعد خالتي سميه ، اقترب طارق وناداني بصوته الرجولي الخشن فتركت كل شيء وذهبت له .
ـ نعم ؟
ـ اخي علاء ، هلا فتحت لي فمك ؟
اخذت انظر له بعجب ولم افعل .
ـ اريد ان افهم ، هل ابتلع القط لسانك ؟
هززت رأسي نفيا وهو يضحك ثم بدأ يتكلم بجد :
ـ أي شيء تحتاجينه يا علا تطلبيه مني مباشرة او من والديّ . لا داعي لأرسال غير علا نفسها !
نكست رأسي خجلا قبل ان أقول :
ـ انا لا احتاج شيئا اخي طارق . انا ملكه بينكم. فعلا انا ملكه ولا اريد أي شيء ، ولكن الدكتوره فاتن هي من طلبت الدفتر .
رفع لي رأسي بأطراف انامله :
ـ وانا تحت امر دكتوره فاتن والتي تذهب لدكتوره فاتن .
ابتسم لي بحنان بالغ وانا كنت مرتبكه من لمسته اللطيفة . طارق هذا يعاملني وكأنني اميره .
ـ والان اطلبيها مني . ما الذي تحتاجه يا أخي علاء ؟
دون ان ارفع رأسي :
- انا احتاج لدفتر .
لم اعتد ان اطلب من طارق ولا اريد ان اطلب منه. الا يكفي الخساره التي لحقت به ؟ الشقه التي باعها ، والعلاج النفسي ، وعدا عن ذلك الملابس التي يشتريها لي كلما اشترى لهديل شيئا ما . فعلا انا اشعر وكأنني عبئا كبيرا عَلَيْه. كنت شارده قبل ان اشعر بضربه خفيفة على رأسي .
ـ لو أعلم ما الذي يفكر به دماغك الصغير هذا !
رفعت له رأسي فشاهدت دفترا جميلا مزينا بالفراشات الملونه في يده . ضرب رأسي مره ثانيه وهو يقول :
-هذا الدفتر صغيرتي .

𝓜𝔂 𝓣𝓸𝓻𝓶𝓮𝓷𝓽.....{عذابي }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن