الفصل الرابع والثلاثون

5K 220 3
                                    

اسمعيني زينه فانا لن اتوسل
كنت انظر باتجاه الشباك فاكمل
- انا لم اكن اعلم انكِ قد سمعتي بطلب والدي للزواج منك ، ومعك الحق في صدي ولكن من حقي انا ايضا ان تسمعيني
- تفضل
- فلتنظري نحوي بالاول !
- احب منظر الازهار في الحديقه، لاتقلق استطيع ان استمع باذني
- اصبحتِ قويه جدا
نظرت اليه ورفعت حاجبي وابتسمت بسخريه
- و الفضل لك طبعا
فابتسم لي حتى ضاقت عيونه
- يعجبني صدك هذا ، ما لم يطول !.
تاملته طويلا، وكم كنت مشتاقة له ، لعيونه ووجهه وللحيته تلك، ياللهي لو يعلم كم اعشقه
- في تلك الليله يازينة قبل سفرنا، عندما اهديتك الحلق سالتك سؤال وكنت اريد ان اعرف ان كان ما تشعرين به تجاهي هو حب ام مجرد عرفان بالجميل لما فعلته معك.
- وماذا اكتشفت؟
- لم تقولي لي ما يريح قلبي ، كما واني لم اشعر بانك تثقين بي كالسابق، كُنت اشاهد شحوب وجههك وانا خائف من ان يقتلك خوفك مني .
- طارق لقد دخلت علي غرفه نومي وانا ارتدي قميص نَوْم!،... كيف تطلب مني ان اثق بك وانا اعي انك قد تغيرت بعد عودتك من السفر.
-لم اتغير زينة، كل ما في الامر اني اكتشفت مشاعري الحقيقة، عندما عانيت الغربه، واشتقت لكم، كانت صورتك تزورني فاقف اجلالا واحتراما لك وانا اشعر بجزء مما عانيتِ دون ان تفقدي تماسكك، برغم كل ماحدث معك يازينه، الا ان تلك القوة التي تملكين قد ابهرتني، ثم عدت وكان استقبالك الرائع، عدت وانا ابحث عن وجهك ليكون اول وجه اراه، لقد تغيرت هذا صحيح ، تغيرت عندما لم احتمل الابتعاد اشهر قليلة، بينما انت الصغيرة ، كنت مغتربة بيننا طوال تلك الفترة دون ان تبكي او حتى تشتكي، دخلت غرفتك وانا اريد ان اعلم ما مشاعرك ناحيتي، فانا لا اريد ان اخسر امراة مثلك بثباتك وقوتك.
- طارق ليس هذا ما تريد قوله، لن نقضي اليوم بطوله نتكلم عن تلك الليله ، اليس كذلك؟
- معك حق ، اريدك ان تعلمي يا زينة اني كنت قد اتصلت بعمك عقيل قبل ذاك اليوم الذي شاهدنا فيه ابي، كنت اريد ان اسافر لالتقي به واتقدم لخطبتك واشرح له كل ما مر بك ، لكن تاشيرتي تاخرت، والدكتورة فاتن لم تشجعني، كانت متاكدة ان ما تشعرين به تجاهي هو امتننان وسيزول بزوال الاسباب، اخبرتني عندما ذهبت لاستشيرها، بانك ستكرهيني للابد ، ان لم اطلق سراحك، اتعلمين كم كان هذا صعبا علي، لقد حاولت ان اجافيك وابعدك عني وفي يوم زفاف دنيا كنت خائف من ان افقدك انتِ .
- طارق في ذاك اليوم انت كنت حزينا على دنيا !. حتى انك ثملت!.
- دنيا كانت تحدي بالنسبه لي، واحببتها او هكذا كنت اظن ، لكن غرورها وما فعلته معك جعلني اكرهها . اكتشفت فيها الشخصيه التافهه وعندما تشاجرنا وقالت كلام سخيف اثبتت لي في وقتها مدى سطحية افكارها وكانت فرصتي لاتخلص منها، ابي كان يقول لي دوما انها لاتليق بي، فطباعها تختلف عن طباعنا، عدا عن كل هذا كنت اشعر باني منجذب لكِ دون ان الاحظ اني اعشقكِ كامرأه، في يوم زفافها كنت اتخيل انه سياتي اليوم الذي اسمع به بخبر زفافك انت، وهذا مالم احتمله، كنت اريدك لي، قررت ان اضرب كل مبادئي عرض الحائط وان اوصمك بقبلة، على امل ان تذكرك دوما بي.
- لكن ..
- لكن ماذا ؟ في حفل خطوبتي وامام جميع المدعوين قفزت بدون وعي لاحملكِ وانا اكاد اجن ، كنت اوهم نفسي انك كهديل ، لكنك لم تكوني كذلك ابدا.. حتى هديل الصغيره كانت تقول لي اني احبك انتِ ولكني كنت اغالط نفسي
- لانك تخجل مني !
قلت كلماتي ونظرت لاسفل خجلا فرفع لي وجهي باصبعه حتى نظرت اليه فابتسم
- بل لاني كنت اريد ان اثبت لكِ ولنفسي اني شهم ولا اريد شيئا بالمقابل ، وكنت اظن انك ستقبلين بي فقط لان لا خيار لك ، وهذا ما لم ارغب به، زينه انا اكبرك بثلاثة عشر عاما، هل تعلمين ، كنت اشعر بالدونية وانا اعتقد اني استغل طفلة، ياللهي زينه انت بعمر هديل وهديل يوم ولدت ، كان قد بدا ينبت لي شارب !.
-لقد رفضت الزواج بي وعرضتني للخطر!.
-كان يجب ان ارفض وانا ارى الكل يقف ضدي، حتى الحظ عاكسني فلولا تلك التاشيرة لكنتِ قد اصبحت خطيبتي قبل ان تعودي لأهلك ولذلك غضبت منكم وخاصة والدي، وانا اشاهدكم جميعا قد فقدتم الثقه بي
تنهد بقوة حتى شعرت باضعلي انا وهي تتمزق لتنهيدته
- انا يا زينة لم اكن اعي الخطر الذي يحيط بك والا ما كنت قد جازفت بارجاعك لمجرد الثار لكرامتي، وانت لم تقولي شيئا عن عمك هذا ولكن وبرغم كل هذا فلم اتركك لوحدك ، ففي النهاية كان يجب ان تعودي لعائلتك، فهذا الوضع غير صحيح كما قال لي ابي ساعه وصلتِ ، وعندها كنت ساتقدم للزواج بك حسب تقاليدنا وحسب الأصول.
ضحك وهو يمازحني
- فتقف والدتك وتقول لي يجب ان تشتري ذهب بمبلغ كذا ويجب ان تسكن ابنتي لوحدها .
فضحكت وانا اراه يقلد كلام النسوة عندما يقدم الشاب لخطبه الفتاه .
- ان تخرجي من بيت والدك مرفوعة الراس بفستانك الابيض امام العالم اجمع ، ان أرفع لك الطرحه لاقبل جبينك هذا ما تمنيته ، لا ان نتزوج كالذي ارتكب معصيه ويريد ان يغطي على ما فعله، فانت لا تستحقين زواج لا اقبله على اختي.
اغروقت عيني بالدموع فقلت له
- برغم كل كلامك الحلو يا طارق وبرغم اني اتمنى ان اقول لك العكس ، لكن الفرصه تاتي مره واحده فقط.
- انا احبك يازينه انت الفرح بحياتي ، انا اريدك زوجة لي وملكه في بيتي.
- ارجوك طارق انت تؤذيني بكلامك هذا، لن استطيع ان اقبل بك كزوج ابدا.
-أ لهذه الدرجه تريدين الانتقام لكرامتك !. لم اترككِ صدقيني ولكن عمك عقيل اشترط علي ان لا اقترب منك ابدا عندما تكلمنا في الحديقه واخبرته اني انا من اتصل به سابقا لاتكلم معه بموضوع خاص .... والحق يقال فمع عمك كل الحق لانه اراد لك ان تبداي حياه جديده في مكان جديد حتى تستطيعي التفكير بدون اي ضغوط .
انفعلت بشده وانا اشاهد حلم حياتي يهرب من بين يدي بسبب هوس عمي المجنون ذاك فصحت به بقهر:
- الا تفهم ! حتى اليوم في كل مره يزورنا عمي طه ويبيت معنا، امي تقفل علينا باب الغرفه !. وتبقى صاحيه حتى تشرق الشمش ، انت بزواجنا هذا تثبت له اننا فعلا كنا عشيقين
- ما زال يريد قتلك !؟.
قلت كلماتي الغبية ثم احسست بالندم وانا ارى طارق مذهول ومتفاجئ، ياللهي كيف اعيد الكلمات لجوفي ، ماذا لو تهور طارق وعندها لن ينفعني لوم نفسي فاستدركت بسرعة وضحكت
- أترى لقد غلبتكَ
ضحكت بمرح وانا احاول جهدي اقناعه بكلماتي
- أنا امزح ، عمي طبعه صعب هذا صحيح ولكنه يحبني كثيرا ولن يؤذيني .. خيالك ياخذك بعيدا جدا ، اخي طارق انا احبك فعلا ولكن مثل حب هديل لك، فلنعد كالسابق انت اخي طارق وانا اخاك علاء
- زينه !.
- طارق لا نصيب لنا معا ، انت انسان رائع واتمنى لك السعاده من كل قلبي مع انسانه تحبك بحق .
وقفت لاخرج فامسك يدي ورغما عني سقطت دموعي وانا انظر لوجهه الرائع وربما لاخر مره فكبريائه وعزه نفسه لن تسمحا له ان يطلب يدي مره اخرى بعد ان رفضته مرتين، فرفع ابهامه ومسح دموعي، ابتسمت له وقلبي يتمنى ان يصرخ ( وجودك حيا ترزق هو ما يبقيني على قيد الحياه)
ابتعدت فلحق بي ببطء ، ذهبت الى طاولتهم فطلبت من امي الذهاب فتكلمت والدته
- زينه ماذا حدث؟
تسمرت نظراتهم جميعا بعيوني الدامعه فابتسمت لهم ، اخذ خالد يقلب نظره بيني وبين طارق وعيونه تتسائل عما حدث
- اتركيها ترحل ياامي، خالد اذهب واوصلها للبيت .
والتفت طارق نحو امي
- خالتي احب ان نتناول الغداء معا لو سمحت.
نظرت لأمي فاشرت لها براسي لترفض ، ولكن والدة طارق اصرت وهي تنظر لابنها البكر بتساؤل، فذهبت أنا مع خالد وحنان وبقيت امي وامه وطارق معا، وما ان صعدت السياره حتى ارسلت لامي رساله على الجوال ارجوها ان لاتخبر طارق بتهديد عمي لي.
ارتديت نظارتي الواقعية من اشعة الشمس وانا اريدها ان تحجب عني عيون خالد المستفسرة، والقيت بثقل راسي على زجاج النافذه، الدموع تجري ولا شئ بقادر على ايقافها، الصمت المؤلم يخيم علينا، وعندما لاح لي بيت فلاح، وما ان توقفت السيارة نزلت بسرعة هاربه من خالد الذي ما ان استدار نحوي ليتكلم حتى خرجت مسرعة وركضت لداخل البيت، دون ان اهتم لغلق باب السيارة حتى !.
ياللهي كيف اقفل بيدي باب سعادتي؟ كيف ارفض طارق؟ وانا لا أقوى على نسيانه للحظة.
دخلت سمر غرفتي ليلا بعد ان انهكني البكاء فنمت دون ان اتناول شيئا وكانت تحمل الطعام لغرفتي، حاولت مواساتي والتكلم معي، لكني لم ابح لها بشئ، دوما كانت سمر بعيدة عني
- تناول طعامك يا زينة، يكفي بُكَاء
- الم تعد امي بعد؟
- بل جاءت قبل فترة وهي تتكلم مع فلاح اتريدين ان اناديها
- لا سمر ارجوك اريد ان ابقى لوحدي
خرجت سمر وتركتني لوحدي مع خوفي والمي ودموعي، تصاعد رنين الهاتف فتجاهلته، وبأصرار رن مرة ثانيه وثالثة فتقدمت لاغلق الجهاز واخرس صوته واذا بها هديل تتصل
- هديل؟؟
- لم يا زينة، لم ؟
- اخيرا اعترفت ان اسمي زينة!.
- طبعا انت زينة، فصديقتي واختي علا، لا تعرف كيف تجرح ولاتعرف كيف تؤلم من يحبها
- يكفي ياهديل؟
- اسمعيني ياصديقتي ، في الماضي انا من طلبت منك ان تنسيه لانه وبرغم انه اخي، الا انني احسست بانه لايستحق كل هذا الحب الكبير الذي يسكن قلبك تجاهه، ولكن ..
صمتت لانها تفاجئت بصوت شهقات بكائي فاكملت وقد تغيرت نبرة صواها الغاضبة الى اخرى حنونة
- لكني سمعت اسبابه وفهمتها، زينة طارق كان يتبع نصيحة الطبيبة النفسية ، كان يفكر بك اولا وقبل نفسه
تصاعد صوت بكائي ليبدو كنشيج مؤلم
- اجيبي علا لم رفضتي اخي وانت تعشقيه حد الجنون؟
- علا !!!
- اجل علا انت الان علا التي اعرف ، الطيبة الحنونة التي تعشق طارق
- لانه لايمكن ان نكون لبعض لهديل، ابدا لن نكون لبعض .
اغلقت الهاتف وارتميت على فراشي ابكي بالم .

بعد ثلاثه ايام سالت عن عمي عقيل لاني لم اره يفطر معنا صباحاً على غير العاده ، فاخبرتني سمر انه سافر ليلتقى عمي طه ، خفت ان يكون طارق قد طلب منه ان يتوسط في موضوع زواجنا، فاتصلت به لاخبره ان لايقول له شيئا ولكني كدت افقد وعيي وانا اسمع صوت طارق يتحدث مع رجل ما
- عمي انت وحدك ؟.
- لا طارق معي ، يريد التحدث مع عمك
- ارجوك عمي ارجعوا ، ارجوك
- لاتخافي زينه لن يحدث شيء، الضابط وليد موجود ايضاً
اغلقت الهاتف وانا كالمجنونه فذهبت ابحث عن امي
- لم طلبَ منك طارق البقاء على الغداء في ذلك اليوم يا امي؟
- لقد سالني عن سبب غضب عمك عليك ولم اجبركِ على الزواج ، فاخبرته عن الدفتر وعن ضربه لك واحتجازك في مخزن الادوات الزراعية.
جن جنوني وانا اعلم ان طارق لن يترك الامر يمر بسلام ولكن لم يخطر ببالي ابدا الجنون الذي قرر القيام به. اخذ راسي يدور وانا اضرب وجهي بيدي الاثنين ، لقد اخبرته امي كل شي (وربما حتى عن سبب زواجها من عمي ) فتكلمت بيأس
- هل شرحتي له كل شئ ياامي !. والرساله التي ارستلتها على الجوال !.
- لم انتبه لرسالتك الا حين غادرت المطعم.
- طارق الان في طريقه لعمي طه
شقهت امي غير مصدقه
- مستحيل !. كيف علمت؟
- عمي اخبرني ، سيطلب يدي منه!، الان سيقتلنا عمي معا.

ارسلت الرسائل لطارق ارجوه بالعوده
- طارق ارجوك لاتحرمني من وجودك ، انت الهواء الذي اتنفسه ، وانت نبض الحياه في قلبي ، عد ارجوك وسافعل ما تريد.
- ماهذا الكلام الرقيق ، هل انت محمومه ؟
- اتوسل اليك ، طارق انا احبك انا اعشقك ، مستعده لان افديك بروحي ولكن ارجع
- لن تقضين حياتك خائفه لان عمك لا يريد ان يفهم
- طارق اهب لك نفسي ،اقبل قدمك ارجوك لاتقابله .
- لن اسمح لك ان تقولي هذا الكلام مره ثانيه، ولا تقلقي لن يحدث شئ وليد معنا وهو سيشرح له كل شئ فقط ادعي لنا، ولا ترسلي المزيد من الرسائل فعمك الى جواري ولا اريده ان يشعر بشئ.
تركت الهاتف ليرن معلنا وصول رساله اخرى
- لم اكن اعلم انك تحبين اخاك طارق لهذه الدرجه !.
- متى فهمتَ لتفهم الان !. كنتُ وسابقى طوال حياتي ملكُ يمينكَ
- بل انتِ ملكُ قلبي

𝓜𝔂 𝓣𝓸𝓻𝓶𝓮𝓷𝓽.....{عذابي }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن