الفصل الرابع

494 3 1
                                    

الفصل الرابع  :
لم يتحمل معتز فكرة بأن شاب أصغر منه بالعمر قد خدعه وصنع منه أضحوكة أمام الجميع ترك الضابط نور ولم يرحب به عكس ما توقع ولكنه أتجه نحو الغرفة الخاصة بنور وهو يستشيط غضباً  وجده واقفاً منتظره لم يستطيع أن يمسك لجام أعصابه وهو يقول له :
- خير يا معتز بيه .
صعقت حينما لكمها معتز بقوة وهو يقول :
- عيل صعلوك زيك يضحك عليا أنا وتفهمني أنك أبن أخوه سعد بيه .
حاولت أن تمسك أعصابها ولا تنهار أمامه من البكاء فالرجال لا تبكي بسهولة فقالت :
- أنا أسف مكنتيش أقصد أنا حولت أفهمك كتير بس أنت
لم يمهله فرصة ليتكلم حتى أمسكه من يديه بقوة وتحرك لخارج الغرفة ليجبره على التحرك معه فأقترب من زنزالة الحبس أمر العسكري بأن يفتح الباب له حاولت أن توضح له سوء الفهم ولكنه كان كالثور الهائج دفعها بقوة فأصطدمت بالحائط متألمة وأغلق الباب بقوة فقال لها بنبرة جدية حازمة جعلتها ترتعد :
- أنا كنت جي علشان أقولك أني نازل أجازة بكرة وأنك تخلي بالك من المركز بدالي  بس شكلي كدا  هحبس أهلك لحد لما أجي تاني ودا أخر قرار هعمله علشان تبقي عبرة لمن يجرؤ على أنه يضحك على معتز سمير  فأقتربت من الباب تصيح بأن يسمح لها مرة واحدة بأن تخرج من ذلك المكان ولكنه تركها وغادر الحبس فأتجه نحو نور الذي ظل واقفاً مستغرباً بأنه تركه بدون أي أستقبال منه ولكنه لم يعلم ماذا حدث في الأيام القليلة الماضية
************************************
تعالت الأصوات داخل قاعة الأفراح الجميع يتهامسون بسخط عما يحدث سيدة تجاوزت الأربعين تجلس على كرسي العروس ترتدي فستان أبيض كبياض الثلج ذو اللمعان جالس بجانبها عريسها يرتدي بدلة باهظة الثمن جلست بالقرب من والدتها تحاول أن تتجاهل نظرات الناس وكلامهم عن أمها رفعت عينيها علي أمها وشردت قليلاً الصور تتكرر بعقلها فرحها للمرة الثالثة نفس العروس ولكن العريس ليس هو ،أخذت أنفاسها بيأس بعدما قامت بأخذ حبوب من المسكن لتسيطر على صداعها المسيطر على رأسها حتي قطع شرودها ونظراتها الساخطة على أمها بجلوس حسن أمامها وهو يرتدى بذلة سوداء قال لهامستأذناً :
- ممكن أقعد معاكي .
نظرت له بتضايق فإنه فعل ذلك بالفعل منذ لحظات حاول أن يزيح تلك النظرة الحزينة التى تظهرها عيناها قائلاً :
- تعالي نخرج من المكان دا .
أمتلئ عيناها بالدموع فحاولت أن تداري دموعها فوقف حسن وأجبرها على الذهاب معه ،لم تنتبه أمها بأن صغيرتها تركت الفرح وغادرت بل كان يشغل تفكيرها عريسها الذي تمنت أنت تتزوجه منذ فترة كبيرة ،أركبها سيارته وقادها نحو برج التطبقيين أجلها علي كرسي بالمكان وطلب لها عصير حتي تهدىء من نوبة البكاء فقالت له :
- عاوز مني أيه يا استاذ حسن ؟
أجابها قائلاً :
- مكنتيش عاوزك تقعدي في الفرح علشان نفسيتك أحنا خلاص بقينا قدام أمر واقع ولازم نتقبله .
أمسكت حقيبتها وأخرجت منها علبة السجائر أمسكت أحداهما وأشعلت بها النار وأخذت نفساً أتسعت حدقة عينيه بذهول مما فعلت فقال لها بغضب :
- أنتي بتعملي أيه بتشربي سجاير .
نفثت الدخان بوجهه قائلة بوقاحة غير متوقعة :
- وأنت مالك .
زفر بشدة وأزاح وجهه الناحية الأخرى قائلاً :
- أنتي فكرة نفسك أنك الوحيدة اللي مضايقة من الجوازة دي أنا كمان مضايق أكتر والله بس أحنا مقدمناش حاجة تاني نعملها هما خلاص هيتجوزوا وهنعيش كلنا تحت سقف واحد .
نظرت له قائلة بإستنكار :
- أنا مش هعيش مع حد أنا هعيش لوحدي في بيت أبويا  .
مرر أصابعه في رأسه محاولاً أن يوضح لها بأن والدتها قامت ببيع الشقة وأشتركت مع أبيه لبناء فيلا تجمعهم .
نزلت دموعها وهي تستمع له محاولة إستعاب ما يحدث بحياتها فتركت السيجارة أرضاً وقفت وكأنها بغيبوبة لا تتصل بعالمنا سوى أنفاس مختنقة ،أبتعدت عنه حاول أن يمسكها ولكنها كانت أسرع منه لم يمر سوى القليل حتى ركبت سيارة أجرة أخذت تبكي وتجهش بالبكاء وكأن هناك من مات توقفت عندما وصلت لفيلا عمتها ونزلت لتحاسب السائق فدلفت لهناك سريعاً طرقت الباب ففتح لها معتز مبتسماً لها بفرح قائلاً :
- ميرنا حبيبتي أزيك  .
نزلت دموعها من عيون أشبه بأكياس الدم قائلة :
- أتجوزت يا أبيه أتجوزت .
تساءل قائلاً بعدم فهم :
- مين يا حبيبتي اللي أتجوزت ؟
حاولت أن تتحمل الصداع والدوار المسيطر عليها ولكنها لم تعد تتحمل كل ذلك فإن الضغط النفسى كان أقوى من العضوى فخرت قواها أمامه فلحقها محتضنها قبل الوقوع أرضاً صاح بقوة ينادي أمه ولكنها لم تسمعه فحملها على ذراعيه وأنامها بكنبة جلدية قبل أن يذهب منادياً مساعدة أمه تاركاً ميرنا بظلامٍ دامس  .
************************************
بفيلا شريف بالتحديد بغرفة زياد جلست سلمى بجانبه أمام مكتبه الخشبي ولكنه لم يكن ينتبه معها كمثل كل يوم بل كان شارداً بشىء ما تركت ما بيديها وسئلته قائلة :
- سرحان في أيه ؟
لم ينتبه لم قالته وكأنها تحدث نفسها فأضطرت أن تتصرف فضربته على رأسه بخفة فنظر لها بغضب وتضايق قائلاً بصوت مرتفع وهو يضع يديه على رأسه :
- أيه في أيه ؟
أجابته قائلة بتضايق :
- أنت اللي فيه أيه بشرح لأمي أنا مش معايا ليه ؟
أردف قائلاً :
- واحدة عزيزة عليا في مشكلة كبيرة وأنا مش عارف أساعدها .
تركت ما بيديها وأنتبهت له قائلة بتساؤل:
- أيه هي نوع المشكلة ؟
أجابها قائلاً :
- مدمنة  .
وقفت ونظرت له بخبث قائلة :
- مدمنة ولا مدمن أصلها بتفرق في الحل .
أجابها قائلاً :
- مدمنة بقولك .
أقتربت منه قائلة بتتابع :
- مدمنة كولة ولا حشيش .
نظر لها قائلاً بتساؤل :
- هي هتفرق في أيه بقولك مدمنة .
أجابته قائلة :
- لا هتفرق في الحل .
أكمل قائلاً وهو يزفر :
- ترامدول يا ستي .
أمسكت عصا بيديها فأتسعت حدقة عينيه قائلاً :
- أيه يا أبلة ماسكة عصاية ليه ؟
أجابته قائلة بثبات :
- هي دي الحل .
أقتربت منه سريعاً وأخذت تضربه بها بقوة  وهي تصيح به قائلة :
- أنت أتجننت يا زياد مدمن ترامدول نهارك مش فايت دا أنا هولع فيك مش كفاية بليد وقولنا ماشي صايع ومنحرف وقولنا بكرة يكبر ويعقل أنما كمان مدمن .
ركض بالغرفة مبتعداً عنهاوهو يصيح بها بأن تتركه قائلاً :
- والله ما أنا يا أبلة أسمعيني  .
ولكنها لم تكف عن ضربه قائلة :
- والله لأربيك .
تعركلت بالوسادة المتواجدة بأرضية الغرفة وهى تركض وراء زياد كادت أن تقع لولا أنه أسرع ناحيتها ليمنعها من الوقوع فتعركل هو الأخر فوقعا أرضاً هما الأثنين .
************************************
فتحت ميرنا عيونها وجدت معتز يجلس بجانبها وأمه أيضاً أبتسم لها معتز قائلاً :
- حمدالله علي سلامتك يا قمر كدا تخضيني عليكي .
أمتلئت عيونها بالدموع وهي تقول لشيرين :
- ماما أتجوزت يا عمتو .
ربطت علي كتفها بحنان قائلة :
- معليش يا حبيبتي بكرة ربنا هيعدلها مش ممكن جوزها دا يكون كويس معاها وتستقر بقي .
دمعت عينيها وهي تقول بصدمة :
- باعت كل حاجة علشانه حتى الشقة بتاعت بابي بعتها أنا خلاص مش عاوزة أشوف خلقتها .
جلس معتز بجانبها وحاول تهدئتها ولكنها لم تكف عن البكاء حتى نامت بحضن عمتها ،دلف شقته بعدما أنتهى الفرح وذهب الوالده مع زوجته إلى فندق لقضاء شهر العسل خاطب نفسه قائلاً :
- ياترى راحت فين لتكون عملت حاجة في نفسها هقول لبابا وأمها أيه ؟
حاول الأتصال بها ولكن هاتفها كان مغلق أو غير متاح زفر بشدة وطرق الهاتف علي الكومود .
تسللت أشعة الشمس بفيلا شيرين داعبت وجه ميرنا الناعس أعتدلت بجلستها تنظر حولها فإنها نائمة بغرفة الضيوف تركت الفراش وأتجهت نحو المرحاض تزيل أثر النوم من وجهها تناثرت الماء علي وجهها وعيناها المنتفخة من أثر البكاء خرجت من المرحاض ودلفت الشرفة وجدت معتز يجلس بالحديقة يحتسي قهوته بهدوء فلمحها نظر لها بإبتسامة وهو يشير أليها لتأتي لعنده وبالفعل فعلت ذلك
أردف متساءلاً :
- الجميل عامل أيه انهارده ؟
أجابته بصوت ضعيف :
- بخير يا أبيه .
أبتسم قائلاً :
- يارب دايماً تبقي بخير .
نظرت له وهي بداخلها كلام كثير تريد أن تقوله ولكنها خائفة من رد فعله ولكنها حاولت أن تمهد له قائلة :
- هو أنا وحشة ؟
أجابها قائلاً :
- لا طبعاً أنتي زي القمر ليه بتقولي كدا .
تابعت قائلة :
- يعني ممكن أعجب أي شاب .
أستغرب من سؤالها ولكنه أجابها قائلاً :
- تعجبي أحسن واحد في الدنيا .
لاحظ أنها تفرك بيديها بتوتر وجهها يتصبب عرقاً فقال لها :
- مالك يا ميرنا أنتي كويسة ؟
أجابته قائلة :
- أنا عاوزاك تتجوزني .
أتسعت حدقه عينيه وهب واقفاً فقال لها بصدمة :
- أنتي بتقولي أيه ؟
أىدفت قائلة بدموع :
- مش عاوزة أعيش مع ماما وجوزها مش هطيق أعيش معاهم خليني أعيش معاكم هنا أنا مش هطلب منك أي فرح ولا شبكة ولا حاجة بس عيشوني معاكم .
نزلت  دموعها فشعر بالشفقة ناحيتها فأقترب منها وأحتضنها ليحاول أن يخفف عنها تلك المحنة قائلاً :
- أهدي طيب والله كلها فترة وتعدي .
أبتلعت ريقها وهي تقول :
- الله أعلم هكون عيشة ولا .
قاطعها قائلاً :
- باذن الله تكوني عيشة ربنا يبارك في عمرك .
بكت بشدة فأبتعد عنها قليلاً ومسح الدموع من خديها قبل أن يقول :
- أنتي عاوزة رايي .
أؤمات بإيجاب فتابع :
- تعالى أقعدي .
أجلسها علي الكرسي وقال لها :
- أنا لو منك مسبهمش وأروح أقعد معاهم أقرف أمهم وطبعاً هو مش هيستحمل كدا وهيطلقها وأنتي اللي كسبانه .
أنتبهت له قبل أن تقول بتساؤل :
- يعني أعمل أيه ؟
أبتسم لها قائلاً بخبث :
- هقولك .
راقبتهم من شرفة غرفتها فوجدتهم يتحدثون وأبنها يحاول أقناع ميرنا بالمكوث مع والدتها فتقبلت منه وأستأذنت بالرحيل بعدما ودعت عمتها فقالت لها شيرين :
- خليكي يا حبيبتي لحد لما أطمن عليكي .
أبتسمت لها قائلة :
- هجيلك تاني يا عمتو .
خرجت من الفيلا وجدته واقفاً منتظرها كما أمرته بذلك ركبت السيارة فقال لها :
- فطرتي ولا لسه  .
أخذت أنفاسها قائلة :
- روحني يا حسن لو سمحت .
أدار المحرك وأنطلق بسيارته نحو شقة والده بالمعادي ،جلست شيرين مع معتز بعدما وضعت أمامه الطعام قائلة :
- حبيبي أفطر كويس .
شكرها معتز وجلس بجانبها فقالت له وهو يتناول الفطور :
- أنت قولتلها أيه ؟
أجابها قائلاً :
- أبداً قولتها أستحملي وعيشي معاهم بدل ما تخسري مامتك .
نظرت له شيرين وأبتسمت فهي تعلم أن أبنها لا يقول الصدق فلم ترضى أن تتمادى بالسؤال
فتح لها باب الشقة وقال لها :
- أتفضلي يا ميرنا أهلاً وسهلاً .
دلفت ميرنا الشقة فهى كبيرة بمقارنة بشقتهم الصغيرة تبدو خمس غرف وصالة كبيرة تبدو من أثاثها الفخم بأنها ليست شقة بل قصر يعيشوا به وجدها تتطلع علي الشقة فأبتسم لها قائلاً :
- عجبتك الشقة ؟
أجابته بجمود :
- كويسة .
قال لها وهو يشير إلى أحدى الغرف :
- دي بتاعتك تعالي شوفيها .
أسرعت بالدخول بها وأغلقت الباب بقوة في وجهه ،أحمر وجهه خجلاً من ذلك الموقف ولكنه لم يريد أن يجرحها فدلف غرفته وأغلق الباب خلفه هو الأخر .
***********************************
وضعت له الفطور ويديها ترتعش بخوف فلاحظ ذلك فكادت أن ترحل مغادرة المطبخ ولكنه أمسك كف يديها قائلاً :
- مش هتقعدي تاكلي .
نظرت سنية إلى زوجها الذى عاد أليها منذ يوماً واحد ليكرر حياتها السوداء معه مرة ثانية وجدها شارده تنظر له فقال لها بغضب :
- أيه يا ولية هتصوريني بقولك أقعدي .
جلست بجانبه  ترتجف من أقترابه منها فنزلت دموعها وهى تراه ينظر لها نظرات فهمت ماذا يريد فحاولت ألتقاط أنفاسها ولكنها لم تستطيع فإن أيامها معه تتقاذف بمخيلتها واحدة تلوى الأخرى ليته لم يخرج ولظل طوال عمره بالسجن ولا ترى عيونها وجهه القبيح ،ترك الطعام وتنتح قائلاً بخبث :
- شيلي الأكل وحصليني على الأوضة .
تجمعت قطرات العرق علي جبينها وهي تجمع الأطباق متخيلة ما سيحدث لها من ذلك الوغد أرتجفت يديها فهوت منها الأطباق تحطمت بالأرض لحظة الإحتضان فصرخت وهى تضغط بكفيها على أذنها محاولة عدم سماع صوته العالى وهو يوبخها عن كسرها للأطباق فتقدم ناحيتها وأمسكها بقوة من ذراعها لكى تبعد يديها عن أذنها وتتجه معه نحو غرفتهم .
لم يمر سوى القليل حتى أبتعد عنها وهو يلعنها  بكلمات قذرة كرهت أن تستمعها منه دموعها تتساقط رغماً عنها فإنها ليست صغيرة بأن تتحمل كل ذلك الألم النفسى أنه السبب بفقدها لصغيرتها لأعوام هو السبب لإلحاق الأذى البدنى لها من علاقاته القذرة فرق شملهم كم تمنت لو رجع بها الزمان لأنهت علاقته بها ولم تتزوج شخص مثله فإن جلوسها كالكرسى ببيت أبيها أفضل من ذلك الزواج .
جلس أمامها وهو يرتدى ملابس النوم أمسك سيجارة أشعلها لينفث بها عما بداخله وجدها تقول له بصوت ضعيف :
- جيت ليه ؟
أجابها قائلاً بإستنكار  :
- يعني أيه جيت ليه دا بيتي جي لمراتي وعيالي .
قالت له بحدة :
- البيت دا بفلوسي وعيالك أنت اللي طفشتهم ولا نسيت يا رفعت .
أبتلع ريقه قبل أن يتابع :
- هجيبها بنت الكلب دي حتي لو في بيت العفريت .
قالت له وقد أمتلىء دموعها :
- مش هتعرف يا رفعت كان غيرك أشطر .
***********************************
أراح جسده على فراشه تذكر ما حدث بليلة البارحة حينما كانت تضربه بقوة فهوت أرضاً وتعركل هو الأخر فسقط بفوقها وجدها أحمر وجهها خجلاً فدفعته بعيداً عنها قائلة بتضايق:
- أوعى جتك القرف .
ظل واقفاً كالصنم يحدق بها فقالت له بغضب :
- أنت كنت قصدها صح .
لم يتحرك قيد نملة فتابعت بسخط :
- أيوة أنت كنت قصدها انك تحطلي مخدات توقعني أنا هوريك .
تركته بضجر كغضب الأطفال وغادرت الغرفة فضحك بشدة ولكنه لم يعلم لم ذلك الشعور لم يشعر به من قبل ضربات قلبه تتسارع كسباق للخيل ولكن لماذا ؟
قطع شروده صوت رنين هاتفه فأجاب قائلاً :
- الو .
تغيرت معالم وجهه المبتسم الى شخص أخر فقال للمتصل :
- أنا جاي حالاً .
جلست بغرفتها تتابع صور معتز التى أنزلها بليلة أمس عبر برامج التواصل الأجتماعي  أبتسمت فإنها علمت أنه قد أخذ أجازة من الجيش فحاولت أخذ فرصة للتكلم معه  فهاتفت شيرين التى أجابت عليها بمجرد رؤية أسمها قائلة :
- أزيك يا سوسو عامله أيه ؟
قالت سلمى بتضايق :
- والله لسه فاكرة سوسو من ساعة ما جبتيني بيت أخوكي وأنتي قطعتي علاقتك بيا بس أعمل ايه في قلبي اللى بيحبك .
أبتسمت شرين قائلة :
- خلاص بقي متزعليش أنتي وحشاني والله .
قالت لها سلمى :
- أنا هجيلك أكل كاب كيك بتاعك .
أجابتها شرين قائلة :
- وانا مستنياكي .
أنهت سلمى المكالمة قبل ما تخرج أجمل الثياب عندها فإنها ذاهبة لتراه أنه حبيبها معتز خفق قلبها بشدة وكأنها تركض لأميال .
وقف بسيارته أمام مصحة لعلاج الأمراض النفسية والعصبية ترجل من سيارته وهرول للداخل سئل أحدى الممرضات عنها فإنه لم يجدها بغرفتها فقالت له :
- في جلسة الكهرباء .
أتسعت حدقة عينيه وهو يقول لها :
- أيه وديني لعندها دلوقتي حالاً .
قالت له بموافقة :
- حاضر يا زياد بيه .
أخذته إلى غرفة المحددة فوجدها تخرج من الجلسة فاقدة وعيها على سرير المتحرك يجره رجلين نظر لملامحها وجدها تبدو هادئة مازالت هناك دموع متجمعة بجانب عيناها أمسك بيديها الباردة وتحرك معهم نحو الغرفة أنامها على الفراش بنفسه فهى أصبحت أخف وزناً مما سبق جسدها الهزيل الذى أسى كثيراً بذلك المكان وجهها مستدير شعرها البني كلون حبات القهوة ممتزج بخصلات من الأبيض دال على الشيب تركها وأتجه نحو مدير المشفى وهو يخطط لشىء ما .
لم يستأذن بالدخول بل كان يستشيط غيظاً من ذلك الرجل تقدم منه فأرتعد الأخر قائلاً :
- ذياد بيه .
لكمه زياد بقوة وهو يردف قائلاً :
- أيوة زياد ياروح أمك .
أمسك الطبيب أنفه التي لم تتحمل لكمة زياد فنزفت دماً وهرول ناحية باب الغرفة ليطلب المساعدة ولكن زياد لم يمهله الفرصة بل أمسكه من ياقة قميصه الأبيض وأخذ يضربه بعنف وهو يصيح بيه :
- يابن **** بتخليهم يدوا لأمي جلسات كهرباء أنت فاكرها مجنونة يا ولاد **** دي أعقل منكم كلكم .
حاول الطبيب أن ينجو من بطش زياد ولكن زياد كان كالثور الهائج ظل يضربه بقوة حتي نشب الدماء من وجهه وهو يصيح بطلب المساعدة في ثوانِ أتى رجال المدير أمسكه زياد بقوة فقال بهم الطبيب :
- أوعوا تسيبوه .
سَبه زياد مرة أخرى وهو يريد أن يتحرر من قيد الرجال له الذين أمرهم رئيسهم بأن يقيدوا زياد ويحقنه أحدهم بمهدىء حتى يستطيع أن يتصرف معه وبالفعل وضعوه على كنبة جلدية وأحضر أحدهم مهدىء أعطاه له حتى هدىء ونام كالطفل الذى نام من كثرة الصراخ أمسك بعض مناديل كتم به دماءه وهو يبحث عن رقم هاتف شريف وبالفعل وجده أنتظر الرد حتى قال له :
- شريف بيه عاوز حضرتك تجيلي حالاً .
أغلق المكالمة بعدما تحدث مع مدير المستشفى فضغط على أصابع يديه بقوة وكأنه يحاول أن يقلل من توتره فوقف وأتجه ناحية باب المكتب خارجاً من عمله .
طرقت باب الفيلا قبل أن يفتح لها ذلك الباب أبتسم لها قائلاً بدهشة :
- مش معقول سلمى .
لمعت عيناها وهي تنظر له فأردفت بخجل :
- أيه يا حضرة الظابط مش هتقولي أتفضلي ولا أيه ؟
أجابها قائلاً :
- طبعاً أتفضلي .
دلفت الفيلا فتقدمت نحو شيرين بالحديقة فهي جالسة بإنتظارها فجلس معتز أمامها وقال لها :
- قوليلي عملتي أيه في رسالة الماجستير صحيح أخدتيها زي ماما مابتقولي .
أردفت قائلة بفخر :
- طبعاً أخدتها مش قدها ولا أيه .
أبتسم لها بود قائلاً :
- قدها وقدود .
نظر كلامنهم لبعض فتضايقت شيرين من نظرة أبنها لتلك الفتاة فعندها قالت لها :
- أيه يا سوسو مش هتعمليلنا كوبايتين شاي من شايك الحلو بقالي فترة نفسي في وكل لما أقوله أعملي شاي بيعمله زي بتاع المستشفيات .
ضحكوا فأخبرتها سلمى بأنها ستفعل فتركتهم ودلفت الفيلا متجهة للمطبخ فقالت له شيرين :
- فيه أيه عمال تسبلها قدامي كدا عيني عينك .
أردف معتز بإمتضاض :
- محصلش ياماما مكنتيش أقصد أكيد .
تابعت قائلة بتهكم :
- طيب كويس علشان دماغك متروحش بعيد .
قال لها بتضايق :
- بقولك أيه أنا خارج رايح عند صاحبي عاوزة حاجة أجيبها وانا جاي .
أمسكت المجلة وكأنها تخبره ردها فتركها وغادر فعادت سلمى إليها تحمل صنية الشاي فأستغربت من عدم وجود معتز فتساءلت :
- هو فين حضرة الظابط .
أجابتها شيرين قائلة :
- مشي راح لصحبة أقعدي عاوزة أدردش معاكي كتير .
جلست بجانبها وقد ظهر عليها ملامح الضيق من خروجه فهي لم تجلس معه بضع الوقت .
***********************************
وصل شريف للمكتب مدير المشفى أستأذن بالدخول فوجد أبنه نائم على الكنبة الجلدية والمدير واضع قطع قطن بأنفه ليمنع النزيف الصادر منه وقف ليصافحه فأردف قائلاً :
- كويس أن حضرتك جيت يا شريف بيه .
نظر شريف لأبنه النائم فتساءل قائلاً :
- أيه اللي جابوه هنا .
أجابه الأخر قائلاً :
- والله يا شريف بيه أنا أتصدمت بيه أنه جاي هنا وقلب الدنيا بعد الجلسة الكهرباء اللي خديتها المدام .
كور شريف قبضته وقال له بغضب :
- مش أنا قولت تمنعوا الزفت دا أنه يدخل هنا .
أخفض الأخر رأسه قائلاً بخذي :
- أسف يا شريف بيه الخطأ دا مش هيتكرر تاني وانا هعرف بطريقتي مين اللي بيكلمه وبيقوله أخبارنا .
نظر له شريف بإستنكار قبل أن يردف قائلاً :
- تعالى وديني عندها .
وقف الطبيب وتقدم خلف شريف قبل ما يغلق باب الغرفة خلفه فتح زياد عينيه بعدما تأكد من رحيلهم أعتدل بجلسته متحملاً الدوار المسيطر عليه فمازال تأثير المهدىء لم ينتهي بعد من جسده تقدم بتثاقل ناحية باب وخرج من الغرفة راقب أبيه وهو يدلف غرفة أمه قبل خروجه من المشفى بالكامل .
وجدها ملامحها هادئة وهي نائمة نظر للطبيب ففهم أنه يجب أن يتركه معها قليلاً بالفعل تركهم معاً وخرجت خلفه الممرضة بعدما أدفئتها تقدم ناحيتها فجلس بجانب فراشها يتطلع على وجهها الناعس وضع ساق فوق الأخرى بوضية تبدو مريحة له قائلاً :
- عاملة أيه يا سميرة شكلك مبسوط هنا .
أمسك يديها الناعمة التي بها الجروح أثر نزعها لأبرة المحلول فقال لها بصوت هادىء :
- وحشتني إيديك الناعمة .
أقرب فمه من ظهر يديها ليقبله بهدوء فوجد يديها ترتعش نظر لوجهها وجدها تستعيد وعيها ببطء فترك يديها بجانبها قبل تركه لغرفتها بالكامل وقف خلف الباب يلتقط أنفاسه وكأنما كان يختنق منذ دقائق والأن يتنفس لأول مرة سئله المدير قائلاً :
- أنت كويس يا شريف بيه .
أجابه قائلاً :
- تعالى معايا لمكتبك أخد زياد .
فتحرك خلفهم رجال شريف وكأنهم مبرمجون على أتباعه فدلف المدير وشريف الغرفة ولكنهم لم يجدوا زياد بالغرفة عندها أشتد غضب شريف فصاح بالمدير قائلاً :
- زياد فين ؟
تابع قائلاً لرجاله بنبرة أمرة  :
- دوروا عليه وهتهولي .
أوقف السيارة أمام أحدى العمارات بحى مدينة نصر نظر على الطابق الأول فرجع بالذاكرة لسنوات ليست قليلة عندما كان صغيراً كأنت أمه مازالت معه تلاعبه وتضحك معه كانت كالزهور بفصل الربيع فى يوم جلست تلعب مع أبنها فتح باب الشقة وأغلقه ورائه تغيرت ملامح وجهها الضاحكة وهو يقترب منها وضع يديه عليها فأرتعدت للحظة فهمس بأذنيها لتتابعه تاركة طفلها فدلف غرفته نظر لها الصغير فأبتسمت له قائلة :
- حبيبي أنت لازم تنام .
قال لها الصغير وهو يدمع  :
- يا ماما أنا خايف أنام لوحدي .
أمتلىء عيونها بالدموع وهي تقول :
- مش أحنا كبار وبنسمع الكلام لازم تنام لوحدك يا بابا .
أخذ يضرب بقدميه الأرض بضجر بأن ينام بجانبها حاولت أن تهدئه ولكنه لم يهدىء فخرج شريف قال لها بتضايق :
- أيه يا سميرة منيمتيش لسه زياد  ؟
رمشت عدة مرات وهي تحاول أن تمسك لجام أعصابها وقالت له :
- حاضر يا شريف هنيمه دلوقتي .
دلف الغرفة فحملت الصغير ودلفت به غرفته وضعته على السرير وقالت :
- حبيبي أنت لازم تنام .
بكى الصغير ولكنها حاولت أن تهدئه قائلة :
- اللي هينام بسرعة هيبقي فايز وانا هنام جمبك أهو.
أدعت النوم حتى تجعله ينعس بجانبها وفنام هو الأخر بعدما قال لها بتحدي  :
- أنا هنام يا ماما الأول .
تركته بعدما نعس الصغير فأدفئته وخرجت من الغرفة أغلقت خلفها باب غرفته بإحكام فتقدم منها شريف وأمسكها من ذراعها قائلاً :
- نيمتي زياد .
أجابته قائلة :
- أها نام .
أستيقظت الصغير عندما سمع صوت صفعة أبيه لأمه فأقترب الصغير من باب الغرفة لينادي على أمه ولكنه سمع حوارهم
أمسكها من شعرها بعنف قائلاً :
- أنتي تعملي فيا كدا ليه عملتلك أيه علشان ترفعي عليا قضية تعدي بالضرب .
دمعت عيناها وهي تنظر لعينيه الثاقبة عليها فقالت :
- تعبت مبقتيش قدرة أعيش معاك أنسان قذر زيك بعد لما عملتك وخليتك بني أدم وبعت أهلي عشانك .
ترك شعرها وأبتعد قليلاً عنها وهو يتابع :
- أنتي بتعيريني بالكام ملطوش اللي أخدته منك هديهملك على  الجزمة القديمة بس لازم أخد حقي منك الأول .
نظر لها بغضب وكأن الشيطان يقف أمامها فأكمل بتوعد :
-أقسم بالله لأخليكي كلبة متسويش في سوق النسوان جنية وكل فلوسك هتبقي ملكي أنا أنتي ناسية أني معايا حقوق يعني هعرف أطلع من أي قضية زي الشعرة من العجينة بس أنتي .
أقترب منها فأرتعدت كثيراً وهي تراه يقترب منها ،بكى الصغير وهو يتنادى على أمه فهو خائف من الظلام الدامس حوله يسمع لصوت صياح أبيه لأمه قبل أن يسمع لصوت صراخها من قوة الضرب فتصرخ ويصرخ هو الأخر ...
يتبع ...
#الباشمدرسة_أية

رواية مقرر أن أحبك بقلمي أية أحمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن