الفصل السابع عشر

333 3 1
                                    

الفصل السابع عشر :-
نظرت لملامحه الهادئة التي لم تغيرها الأيام فهو شاب طويل القامة نحيل الجسد يرتدي نظارة طبية تداري عيناه السوداء كسواد الليل لديه ذقن خفيفة،أرتمت بحضنه وهي تبكي فرتب على رأسها بحنان قائلاً بلهفة :
-مالك يا سلمى فيكي ايه ؟
أدخلها من البرد الشقة وأغلق الباب خلفها،أجلسها
على كرسي الأنترية فأمسك يديها وهو يقول لها بتساؤل :
- أهدي وفهميني ايه اللي حصل .
أخذت أنفاسها قبل أن تحكي له كل ما حدث منذ أن قابلته مرة أخرى فهو أعتاد أن يسمع مشاكلها ويحاول مساعدتها فذلك مهام الأخ الأكبر إن لم تكن تعرفه فهو عاطف أخيها من الأم أنجبته بثينة قبل أنفصالها عن فؤاد أبيه بشهرين فتركته معه بالأسكندرية وعادت لمصر ليجبرها والدها بالزواج من رفعت بعد أكتمال العدة .
أردف قائلاً :
-إنتي غلطانه أزاي تسيبي جوزك وتسافري كل المسافة دي وانتي حامل ايه مش خايفة على نفسك خافي على اللي في بطنك .
تنهدت بضيق وهي تقول له :
-معدش ينفع يا عاطف كل حاجة جاية عليا وأمك طول عمرها ضعيفة قدامه وهتفضل كدا أما أنا فمستهلش حب زياد .
أمسك يديها وهو يتابع :
-ممكن تهدي أنا هقوم أعملك عصير يهديكي ولا أقولك أنا مكلتيش كويس أنك جيتي علشان ناكل نفتح نفس بعض عامل كوسة بالبشاميل تستاهل بوقك .
وقفت أمامه كالطفلة التي تقف أمام أبيها حينما يقوم بتوبيخها قال لها بغضب :
-ودا ايه إن شاء الله ملبس وانا معرفش ؟
أبتلعت ريقها عندما أحست أنها غير قادره على التنفس فقالت له :
- أنا مأخدتيش منه دي دي كانت حبوب قديمة .
أقترب منها أكثر فتراجعت للخلف حتى خذلها الحائط الذي أوقفها أمامه مباشرة نظر لعيناها الزائغة وقطرات العرق على جبينها برغم من برودة الطقس فعلم أنها تكذب عليه فأمسك معصمها وهو يردف قائلاً بخبث :
-أنا شايف عكس اللي بتقوليه إيماءات جسمك فضحاكي أنتي أخدتي الزفت دا قولي الحقيقة يا ميرنا علشان لو نزلت دلوقتي وعملتلك تحاليل وطلع أنك أخدتي نوع من المخدر .
تابع قائلاً بجمود كالثلج :
-أقسم بالله مش هرحمك .
أزاحت يديه عنها وأخذت أنفاسها وهي تردف قائلة :
- أه أنا باخد من الحبوب دي بس اقسم بالله غصب عني .
ترك معصمها قبل أن يكمل قائلاً بغضب وهو يمسك وجهها بقوة :
-أنتي أيه مش بتفهمي حرامي عليكي أذيتك في أيه علشان تعملي في أبننا كدة .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تردف قائلة :
-غصب عني مكنتيش قادرة أستحمل الألم والله مش بكدب عليك .
تابع بغضب متساءلاً :
-جبتي منين الحبوب وأزاي ؟
أخبرته بأنها كانت تقف بالشرفة فسمعت أثنين من الشباب يتحدثون عن شخص يبيع المخدرات فأنتهزت فرصة بأنه ذهب للعمل لمغادرة الشقة والبحث عن ذلك الرجل لتحصل على ما تريد أتسعت حدقه عيناه في غضب ،أمسكها من معصمها بقوة ليتجه بها نحو الفراش أجلسها عليه بحذر قبل أن يخرج لها ملابس تليق بالخروج دفعها بوجهها قائلاً بصرامة لم تعتادها معه :
-ألبسي دا .
أمسكت الفستان بقبضتها وهي تتساءل :
-هتعمل أيه يا حسن ؟
أخرج حقيبة سفر كبيرة وضع بها ملابس لها وهو يجيبها بنبرة صارمه مصاحبة لتهديد  :
-هوديكي عن أمك أنا خلاص مش قادر عليكي أنتي هتموتيني ناقص عمر .
أقتربت منه وأمسكت به لتترجاه قائلة :
-لا أبوس ايديك يا حسن متودينيش عندها مش هعمل كدا تاني  .
أمسكها من ذراعها بقوة ألمتها وهو يتابع :
- هو أنتي بتسمعي كلام حد قولتلك رجلك متخطيش باب الشقة غير لما أكون عارف غايرة في اني داهية .
دمعت وهي تقترب منه أكثر لتغلق خزانة الملابس قالت له :
-مش هعمل كدا تاني صدقني .
زفر بشدة وأزاح وجهه بعيداً عنها وهو يقول لها بغضب :
-أنتي أصلا متخلفة جاهلة مش مدركة أن بالهباب اللي بتخديه دا بيأثر على اللي في بطنك وممكن يجبله تشوهات ويطلع معاق أو عنده تأخر ذهني مين اللي هيعتني بيه أنتي هأمن عليه مع أم مستهترةومدمنة زيك لا دا أنا أتجوز واحدة تخلي بالها منه وتربيه صح .
أزدات دموعها بالنزول وهي تسمع لكلماته الصارمة معها فبكت وهي تضع يديها على صدره لتحاول أن تصالحة فأبعد يديها بقوة وكأنه لا يطيق ملامستها فقالت له وهي تنهار بالبكاء :
-ا اخر مرة و و والله مش هعمل كدا تاني بس أنت متزعلش مني .
نظر لها بغضب قبل أن يأخذ تلك الحبوب ويغادر الشقة فوقعت بالأرض وهي تبكي بكاء شديد فلم تجف دموعها لحظة واحدة بينما هو وصل للميدان فأتصل بفادي ليقول له :
-أنزل أنا عاوزك .
أجابه الأخر حينما أحس من نبرة صوته بأنه ليس بخير :
-فيه حاجة يا حسن أنت كويس والمدام كويسة .
أردف  الأخر في غضب وهو يقول له :
-يعم بطل رغي بقولك أنزل دلوقتي أنا هترزع على القهوة لحد لما تجيلي.
أغلق المكالمة معه فتساءلت أمه لتقول :
-فيه ايه يا فادي ؟
أجابها قائلاً :
-معرفش ياماما أنا نازله .
ظل جالس ينظر لتلك الحبوب بشدة ويتذكر وجهها الباكي حتى قطع شروده جلوس فادي أمامه وهو يقول له :
- خير مانا من ساعة ما عرفتك مش بشوف غير كل خير اشجيني سمعني .
أمد له يديه بالحبوب وهو يقول له بتضايق :
- هي خديت من دا  .
أعدل النظارة الطبية ليرى ما يعطيه حسن فقال له بتضايق :
-جابتها من اني داهية البتاع دا ؟
أجابه حسن قائلاً بغضب :
- من واحد ديلر عندكم لمين يعترني عليه .
زفر بشدة وهو يمسك هاتفه المحمول ليكلم صديقه فيخبره بنوع المخدر ويريد شىء يبطل مفعوله نظر له وهو يلتقط أنفاسه قبل أن يغلق  الأخر معه المكالمة فقال له :
-المخدر دا هيقعد في جسمها مش اقل من تلت شهور مراتك اخديت كتير .
أردف الأخر قائلاً :
-والعمل ؟
دلف شقته فأوصد خلفه الباب بقوة فأرتجفت للحظة حاولت فتح عيناها فأحست بالزغللة من كثرة البكاء دخل غرفته فوجدها مازالت تجلس أسفل الخزانة الملابس على الأرض الباردة فأقترب منها وأوقفها حينما أمرها بالأ تجلس على الأرض ولكنها أحسن أنها غير قادرة على الحركة كاد أن يتحرك بها ليجعلها تتسطح على الفراش فوجدها تضع رأسها على صدره قائلة بدموع :
-متسبنيش يا حسن مش هعمل كدا تاني حتى لو هموت من الألم مش هاخد حاجة .
كاد أن يتحرك بها نحو الفراش ولكنه وجدها أمسكت بقميصه بقوة قائلة بصوت ضعيف :
-مش قادرة أتحرك .
مال بجسده وحملها على ذراعيه ليضعها على الفراش وضع عليها الغطاء ليدفئها فالطقس بارد بالخارج وهي ترتدي ملابس خفيفة أحتضنته لتجبره على الجلوس بجانبها قائلة:
-حقك عليا سامحني .
مسد على رأسها برفق وهو يردف قائلاً :
-ميتكررش تاني علشان ياماما ميحصلش حاجة للبيبي .
اؤمات رأسها بالإيجاب فقبل رأسها وهو يقول لها :
-ربنا يهديكي .
قالت بغضب وبكاء لا يقف :
-ضيعت بنتك من ايدك تاني يا رفعت تاني أنت ايه يا أخي مبتحسيش مأثرتيش فيك غيابها السنين دي كلها رايح تضيعها من ايديك تاني .
دفعها بقوة في غضب وهو يقول لها :
-غوري من وشي أنتي اللي عملتي فيها كدا بدلعك دا .
جلست على الكرسي وهي تبكي بشدة وتلطم فهي لا تعلم أين هي الأن أكنت بخير أم لا فهي حبلى وتخشى عليها من أصابتها بمكروه وقف أمام شيرين وهو يتساءل :
-فين عنوان سلمى في اسكندرية ؟
أجابته عمته بعدم معرفة :
-مش عارفة والله يا زياد سلمى كانت عايشة مع أخوها هناك .
تساءل بإستغراب :
-أخوها ؟
أردفت قائلة موضحة :
-أخوها من الأم بس هو من زمان في اسكندرية عايش فمش متعلقين بيه اوي .
تركها زياد وغادر الفيلا ليسئل أمها فأخبرته بأنها لا تعلم شىء عنه فإن كانت تعلم لذهبت لعنده بكل تأكيد فهي تريد أن تطمئن على أبنتها زفر زياد من سلبيتها وغادر المبني فإنه لا يعلم ماذا يفعل أيذهب لهناك ويبحث عنها بنفسه أم ينتظر أن يأتي له خبر لها فلم يمنع نفسه بأن يأخذ سيارته ويسافر بها للأسكندرية.
تسطحت على الفراش فادفئها جيداً دلفت عندها زوجته الشقة فأخبرها بأن سلمى أتت لعندهم فتغيرت ملامح وجهها وهي تقول له بتهكم :
-نعم يا حبيبي أنت مش قولت أنها مش جاية هنا تاني .
أمسكها من ذراعها وهو يجبرها على التحرك لتدلف غرفة نومهم فتركها فقال لها وهو يستشيط غضباً :
-فيها ايه لما أختي تقعد معانا هي محتاجني مينفعش أسيبها .
أردفت قائلة بتضايق :
-وانا مبحبيش حد يقعد معايا في شقتي بحب أخد راحتي مش هتيجي تقيدني .
قال لها الأخر :
-طيب خلاص اهدي مجاتيش من كام يوم .
لوت الأخرى شفتيها بإستنكار وهي تقول :
-الله اعلم الهانم ناوية تقعد قد ايه ؟
أعتدلت بجلستها بعدما سمعت صوتهم فأمتلىء عيناها بالدموع من شعورها بالضيق فأنها لن تقدر على المكوث معهم فزوجته معها حق فهي تريد أن تأخذ راحتها بشقتها فتركتهم وغادرت الشقة دون شعورهم بها وهي لا تعلم لأين فالطقس بارد والسماء على وشك البكاء كما تفعل
وجدت أمامها مكتب سمسار دلفت لعنده وأخبرته بأنها تريد غرفة وصالة ليس الإ فأخبرها بأنه لديه ولكن ايجارها باهظ الثمن فوافقت بثمنها فهي لم تعد لديها مكان أخر لتنام به فأخذها على شقة بمكان مقابل للبحر نظرت له فهو لا بأس به فشكرته ورحل بعدما أخذ النقود وأنهت توقيع العقد أراحت جسدها على الفراش وهي تضم الغطاء لها لعله يخفف من شدة شعورها بالبرد ففكرت كيف ستمكث  بتلك الشقة فنقودها ستنفذ بعد فترة قصيرة الى أين ستذهب يجب أن تستغل وقتها وتعمل ولكن هي لا تعرف شىء سوى التدريس وأنها في فترة أجازة بالتأكيد هناك حل فلن يغلق باب الفرج بوجهها وسيرزقها ربها بعمل يسهل عليها العيش بتلك الحياة اي عمل كان شعرت بالنعاس فأغمضت عيناها فلم يمر سوى القليل حتى دلفت بعالم الأحلام فربما يكون أمل من واقعنا  .
لم يعثر عليها وكأنها آبرة في كم من القش أستطاع بنفوذه بأن يعرف مكان أخيها الأكبر  وعندما سأله عنها كان رده :
- والله ماعرف يا زياد انا سبتها في اوضة نايمة صحيت ملقتهاش في الشقة كلها .
تنهد زياد قائلاً :
-شكراً يا عاطف معليش أزعجتك .
تركه غادر المكان نظر بالطريق على جانبيه وهو يقول بيأس :
-ياترى انتي فين يا سلمى ؟
الأيام تركض وكأنها في سباق ظهرت نتيجة الثانوية العامة فحصلت ميرنا على درجات مرتفعة تؤهلها لدراسة الأثار ولكنها فضلت أن تكون معه في الجامعة وتدخل كلية الحقوق فيكون معلمها فرح كثيراً بأنها أختارت كليته وأنهى ذلك التقديم سريعاً دون أن تشعر بتعب ولكنها كل ما يشغل تفكيرها هو التخلص من الألم الحقيقي  فلقد مر الكثير منذ أن وعدت حسن بالأ تأخذ اي نوع من المخدرات لتسيطر عليه كان يراها تفقد الوعي أمامه من كثرة الصراخ متألمة وربما تضرب رأسها بالحائط حتى لا تشعر به فبمجرد فقدها للوعي يقل شعورها بالألم للحظات حتى يجعلها تستفيق ليعود ذلك الشعور المؤلم كلما ضعفت وتقرر أن تمسك أحدى المسكنات تنظر لملابس طفلها فتترك ما بيديها يراقبها كان يعرف كم عدد الحبوب الخاصة بالمسكن حتى يمكنه معرفة أنها تأخذ منه دائما هناك ألم يجعلها للحظة تفكر بالأنتحار لتتخلص من تلك الحياة المؤلمة ستقطع شريان يديها وينتهي بعدها كل شىء :
-قطعي وأخلصي محديش أصلا هيهتم بموتك أمك مبسوطة مع جوزها ولا حتى بتسأل عليكي وحتى جوزك دايماً  مشغول عنك .
هكذا كان يوسوس أليها الشيطان كانت ترفض فكرتها بكل مرة فما ذنب ذلك الجنين أن تنهي حياته معها فهو يريد الحياة وهي لا يعرف عقلها سوى الموت
أمسكت سكين المطبخ وهي تغسله أعادت التفكير فوضعته على شريانها في لحظة دلف حسن المطبخ لعندها ليمسكها من خصرها وهو يقول لها مداعباً :
-كل دا بتغسلي المواعين  ؟
تركت السكين ودمعت فأعدلها لتصبح مقابله فتساءل :
-مالك يا حبييتي بتعيطي عليه ؟
أجابته بنبرة متضايقة لاحظها :
-مفيش أمشي بقى علشان أخلص المواعين دي .
فأمسك يديها المبتلة وهو يبعدها عن الحوض قائلاً :
-ممكن أخلصهم أنا في ثانية عنك .
نظرت لسقف المطبخ وكأنها تناجي ربها بضيق فأجبرها على الجلوس بالصالة رن هاتفه المحمول الذي يظهر رقم هاتف عمتها أجابها قائلاً :
-الو سلام عليكم ازيك يا دكتور .
سمعت صوته وهو يخاطب عمتها فأخذت أنفاسها بضيق وكأنها لا تستطيع التنفس فوجدته يخبرها قائلاً :
-خلاص أنا هجيبها ونتغدى عندك أنهارده اوك يارب تكوني طبخلنا حاجة حلوة .
تركت الصالة ودلفت غرفتها لتبدل ملابسها فتأكد أن يخبرها بتبدل ملابسها ولكنه وجدها قامت بفعلها ذهبوا لها أستقبلتهم فرحة وتناولوا معها الغداء فلم تأكل ميرنا كعادتها بل أكلت قليلا أقل بكثير من الطبيعي فقالت لها عمتها بأن تنتظرهم بالحديقة فهي تريد حسن بموضوع ما لم تتناقش معها كعادتها لمعرفة ما الأمر بل أستجابت لها وغادرت غرفة السفرة فحينها أردفت شيرين متساءلة :
-هي عاملة معاك ايه يا حسن أحكيلي ؟
أجابها قائلاً :
-على طول سرحانة بتعيط مبقتيش تاكل خالص يا عمتي لدرجة أنها خست عن النسبة المخصصة ليها في الحمل انها تتخنهم دي خستهم.
تابعت قائلة :
-مينفعش يا حسن كدا البيبي بياخد في جسمها وصحتها لازم تتخن ولازم بردو اهتمامك بيها يزيد علشان شكلها داخلة في موجة أكتئاب  .
أبتلع ريقه وهو يقول لها :
-أكتئاب لا لا مفتكرش ايه اللي هيخليها يجيلها اكتئاب أنا مش مخليها تشيل هم حاجة.
وقفت أمام حوض السباحة تنظر لإنعكاس صورتها بالمياة وكيف أصبحت هذيلة وقبيحة الوجه جلست بجواره وأخفضت قدميها غير مبالية بأن فستانها سيُبل فالمياة باردة كيف تتحملها للحظة قامت بدفع جسدها بالحوض فنزلت بالمياة لم تصدر أي مقاومة فهي تريد أن ينتهي كل شىء لاحظ فستانها بالمياة من بعيد فركض بأتجاهها وجدها تغرق بالحوض السباحة ألقى بجسده بالمياة ليخرجها فدفع جسدها نحو السطح قبل أن يضعها بجانب الحوض أقتربت منهم شيرين بسرعة وهي تصيح بها فضغط هو على صدرها بقوة حتى يخرج المياة التى أغلقت مجرى تنفسها وبالفعل خرجت فسعلت بشدة أخذها بحضنه وهو يقول لها :
-أنتي كويسة ياميرنا ؟
دمعت وهي بحضنه فمحاولتها أنتهت بالفشل تأكدت شيرين بأن مؤشراتها الحيوية جيدة فأخبرته بأن يأخذها لغرفة الفحص حتى تطمئن على نبض الجنين .
تقطرت منه المياة وهو يقف ينظر للشاشة السونار على جنينه أما هي فظلت تنظر للسقف الغرفة بصورة نمطية ولم تحرك جفنيها لترى جنينها بشاشة التلفزيونية تنهدت شيرين وهي تقول له :
-هو بخير .
تنهد حسن وهو يمسك كف يديها بشدة ليطمئنها ولكن عقلها ليس معهم فقالت له شيرين وهي تعدل فستان ميرنا المبتل ليداري جسدها :
-أنت تاخد هدوم من اوضة معتز تبات بيها والصبح هدومك تكون نشفت وهي هديها هدوم من عندي علشان لو قعدتم باللبس دا اكيد هيجيلكم برد .
أنامها على الفراش بعدما بدل لها ملابسها المبتلة ونام هو الأخر بملابس الخاصة بمعتز بعدما قام بوضع ملابسهم بمكان مخصص لتجفيف الملابس حتى يمكنهم أستخدامها في اليوم التالي فأخذ عقله يدور أيمكن أن تكون لديها أكتئاب كما قالت عمتها جعلها تلقي بجسدها في المياة أم أنها فقدت توازنها وهي تسير بجانب الحوض فوقعت به تنهد وهو ينظر لملامحها التي أصبحت هادئة وضع يديه على بطنها ليشعر بطفلهم الصغير الذي يعد الشهور ليرى وجهه الصغير  .
تقدمت نحو المشفى الجامعي أمسكت بالسور الحديدي الخاص به وهي تمسك معدتها متألمة تتصبب عرقاً بشدة سارت ببطء حتى وقفت أمام  باب الدخول فوقعت بالأرض فاقدة وعيها فهرول لعندها رجال الأمن ليسندوها ويدخلوها بطوارىء .
بعدما أستفاقت فإذا هي بغرفة كبيرة تحركت ونزعت من يديها أبرة المحلول فلمحتها الممرضة وهرولت لتمنعها من الحركة قائلة :
-مينفعش تتحركي انتي تحت الملاحظة .
نظرت لها سلمى وقالت بتضايق :
-هو ايه اللي حصل ؟
تركتها وهرولت لتنادي الطبيب المشرف على علاجها فأسرع لعندها فهو طبيب شاب شعره اسود كالليل أمسك رسخها وهو يردف :
-حمدالله على سلامتك حاسة بي ايه ؟
نظرت له وقالت :
-انا عاوزة امشي من هنا .
تابع بنبرة جامدة :
-مينفعش انتي تحت الملاحظة لحد بكرة .
كادت أن تقف ولكنه منعها من الحركة قائلاً :
-ممنوع الحركة خطر على اللي في بطنك .
أردفت قائلة بضيق :
- هو فيه ايه؟
أجابها قائلاً :
-انتي محتاجة عملية ربط ولازم تتعمل في اقرب وقت علشان متفقدهمش .
لم تفهم كلمته فتابعت متسائلة :
-مفقدهمش ؟
نظر لها بإستغراب وهو يتساءل :
-هو انتي متعرفيش انك حامل في تؤام؟
أتسعت حدقة عيناها بصدمة وضعت يديها على بطنها قائلة :
-تؤام .
تابع حديثه وهو يدون بعض الملاحظات في دفتر متابعة الحالة :
-ايوة يا ستي تؤام انا مستغرب ازاي تبقي حامل المدة دي كلها ومتروحيش تتابعي مع الدكتور الحمل كان اكيد هيقولك أنك محتاجة عملية ربط .
أبعدت عيناها عنه بحزن وهي تقول له :
- أنا مش هينفع أعمل العملية دي لو سمحت أكتبلي تقرير وخليني أمشي .
نظر لها وهو يكمل قائلاً :
-أسف مش هقدر لو حصلك حاجة هيبقى ذنبك في رقبتي وانا مش هسمح بدا لو سمحتي يا مدام هاتي رقم جوزك أكلمه علشان يجي يمضي أقرار العملية.
تغيرت ملامح وجهها وقالت له في أنفعال :
-لا مش هينفع يجي أنا هقوم .
كادت أن تقف ولكنه أوقفها قائلاً :
-خلاص خليكي طالما مش هيجي هاتي نمرة اي حد من عيلتك يجي معاكي يمضي على القرار .
أبتلعت ريقها وهي تخبره بأنها تريد أن تقوم بذلك بنفسها ولكنه رفض فأمسكت ذلك التقرير الخاص بالعملية من يديه وقامت بإمضاءه بأن الأطباء غير مسؤلون إن حدث لها شىء بالجراحة فتركها وغادر الغرفة بعدما قال للممرضة بأن تأخذ منها عينة دم للتحاليل تساءلت زميلته عن تلك الفتاة فقال لها :
-شكل البت دي وراها مصيبة انا عاوزك تشوفي البطاقة بتاعتها وتودي اسمها للقسم .
نظرت له قبل أن تجيبه بإيجاب فأخذها وذهبوا ليتابعون باقية الحالات جلس في شقته بعدما ألمه قدميه من القيادة في البحث عنها زفر بشدة وهو يقول بصوت مسموع :
-ياترى أنتي فين يا سلمى ؟
أرتعش هاتفه المحمول نظر للساعة الحائط فهي تقترب من الواحدة بعد منتصف الليل أمسك هاتفه وفي ظنه بأنه أبيه سوف يوبخه ويطلب منه أخبره بأي مدينة هو حتى يأتي به ليحبسه كالجرو الصغير ولكنه وجد رقم غريب فأجابه الأخر قائلاً بجمود :
-أنت زياد شريف .
أخبره زياد بأنه هو حتى تلقى كلمات من ذلك الرجل جعلت ملامحه تتغير لفرحة كبيرة فسرعان ما أغلق المكالمة وأخذ سلسلة مفاتيحه وهرول للخارج الشقة لم يعرف كيف وصل لهناك فلم يشعر بألم قدميه التي أختفى حينما قال له أسمها وصل للطوارىء وتساءل عن مكانها فتساءلوا من تكون فقال لهم :
-أنا جوزها .
تقدم من غرفتها وهو يركض وقف أمام الغرفة وهو يلهث ليلتقط أنفاسه فتح باب الغرفة وهرول للداخل وجدها نائمة كالأطفال فسرعان ما أقترب منها وأخذ يقبل وجهها في شوق لم تستفيق فقد أعطوها مسكن قوي جعلها تنام بعمق أمسك يديها وهو يقول دامعاً :
-سلمى حبيبتي فوقي  .
دلف لعنده الطبيب فتساءل قائلاً :
-أنت مين ؟
أجلسه في مكتبه فظل زياد يفرك أصابعه في توتر حتى أتى أليه ذلك الطبيب بالتحاليل فقال له :
- أنا قولت للمدام عاوزين نمرتك علشان العملية وتبقى جميها بس هي رفضت ومضت القرار بنفسها .
أبتلع الأخر ريقه قبل أن يردف قائلاً :
-عملية ايه هي فيها حاجة  البيبي حصله حاجة ؟
طمئنه الأخر بأنها بخير ولكنها عملية بسيطة وسهلة لكي تحافظ على سلامة الأطفال برحمها فرح بأن ربه قد رزقه بطفلان وليس واحداً فحمده كثيراً فأخبره الطبيب بأنه يرد أن يدعمها نفسياً قبل العمليات حتى يسير كل شىء على ما يرام فوافق زياد ولم يتردد لحظة عاد لغرفتها مرة أخرى لينعس على الكرسي بجانبها ولكنه هذه المرة أمسك يديها بشدة حتى لا تهرب منه مرة أخرى .
بيوم جديد فتحت ميرنا عيناها فوجدته نائم بجانبها يحتضنها بشدة فأبعدت يديه عن خصرها فأجبرته على الأستيقاظ أبتسم لها قائلاً :
-صباح الخير حبيبتي يارب أنهارده تكوني أحسن  .
أعتدلت بجلستها وقالت له :
-يلا نروح أنت عندك شغل .
بدلوا ملابسهم وأخبروا شيرين بأنهم سيرحلون أصرت بأن يتناولون الأفطار معها أخذها وذهب بها للجامعة أردفت قائلة :
-أنت جايبني هنا ليه ؟
أجابها قائلاً :
-عاوزك تقضي معايا اليوم بما أن الدراسة لسه مبتديش فأحنا فاضيين .
صمتت ودلفت معه للداخل كانت زملاءه يجلسون رحبوا بها فنظرت لها قبل أن تزيح وجهها الناحية الأخرى وهي ترحب بها قائلة :
-ازيك ؟
جلست بجانبها فظلت ميرنا صامتة تنظر بأصاع يديها فقال لزميلته :
-ميرنا هتدخل اولى حقوق السنادي .
نظرت لها قبل أن تقول بجمود :
- شدي حيلك علشان حقوق مش سهلة وميبقاش شكلك وحش انك شايلة مواد وجوزك معانا .
لم تتحمل ميرنا طريقتها الجامدة معها فوقفت وقالت له :
-انا مروحة يا حسن بعد اذنكم .
خرجت من الغرفة فنظر حسن لزميلته بغضب قبل ان يترك الغرفة ويتبعها فوقف أمامها فقال :
-حبيبتي هي متقصدش هي قصدها تشجعك على المذاكرة بس يعني .
نظرت له بتضايق فلما يدافع عنها فقالت :
-مفهوم يا استاذ حسن بعد اذنك عاوزة اروح .
كادت أن تتركه فأمسك يديها ليمنعها من الذهاب قائلاً :
-أستني شوية ونروح نص يوم .
زفرت بشدة وقالت :
-خليك في شغلك أنا عاوزة امشي مخنوقة من المكان .
أجابها قائلاً :
-أنتي معايا انا ملكيش دعوة بحد  .
أستيقظت فوجدته بجانبها أتسعت حدقة عيناها في ذهول وهي تراه أمامها فقالت له :
-ايه اللي جابك عرفت مكاني ازاي ؟
أقترب منها أكثر وهو يقول :
- أنا تعبت اوي لحد لما لاقيتك أنتي وحشاني يا سلمى ايه موحشتكيش ؟
أزاحت وجهها بعيد وهي تجيبه قائلة :
- أنت مش عاوز تطلقني يبقى أحنا نبعد عن بعض أحسن .
نظر لها بتضايق وهو يردف :
-أنتي ليه بقيتي كدا أنا بقولك مقدرش أبعد عنك وعنهم ليه تحرميني منكم.
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تقول بتضايق :
-علشان محديش هيسبنا في حالنا أبوك مش هيسكت ولا هيسيب عيالي يعيشوا في سلام أنا مش عاوزة منك حاجة غير أنك تسبني دا احسن
ليا وليك صدقني.
تابع بنبرة صارمة :
-أنا مش هسيبك واللي عندك أعمليه يا سلمى ولو روحتي جحر العفريت هدور عليكي وهلاقيكي  .
دلفت الممرضة الغرفة بعدما أستأذنت فمسحت سلمى دموعها والأخرى تخبرها بأن الطبيب مستعد للجراحة فأخبرتها بأنها مستعدة كذلك وتنتظرها كاد أن يسندها لينزلها من الفراش ولكنها دفعت يديه بعيداً عنها وأمسكت يد الممرضة لتسندها للغرفة فلحقهم ،نامت على فراش العمليات تنطق الشهادتين فوضعت لها طبيبة التخدير كمامة الأكسجين المخدر وجعلتها تستنشقه بجانب حقنة المخدر جعلتها تفقد الوعي .
أرتدت ملابس العسكرية وخرجت لتقوم بيوم روتيني ممل ككل يوم نظر لها سمير فتجاهلت نظرته لها كادت أن تخرج للساحة فوجدت أمامها معتز نظر لها فأردف قائلاً :
-أنتي روحي على أوضتك ملكيش تدريب أنهارده .
ضاقت حدقتيها بإستغراب وهي تتساءل :
-ليه يا معتز بيه هو انا عملت حاجة ؟
أجابها قائلاً :
-قولتلك مفيش تدريب أنهارده ليكي أنا هعمل تقرير أنك تعبانه .
أتى لعنده الضابط نور وهو يقول له :
-ايه يا معتز بيه مجتيش ليه دا كل العساكر ركبوا الباصات  .
أخبره معتز بأن يذهب وسيلحق به فتركهم نور فقالت له :
-أنتم رايحين فين انا عاوزة اجي معاكم ؟
أمسك يديها وأجبرها على التحرك حتى وصل للمشفى المركز فقال لها بنبرة جامدة أمام سمير :
-بقولك أدخلي أنتي مش هتروحي معانا المكان هناك خطر وصحراء.
أردفت قائلة :
-ملكش دعوة بيا لو لاقتني بموت سيبني .
زفر بشدة فقال للطبيب :
-دكتور سمير خلي بالك منها لحد لما نيجي بليل .
أبتسم له الأخر وهو يقول :
-من عنيا يا معتز بيه .
تركها معتز وأتجه نحو الخارج فأمسك سمير يديها وهو ينظر لها بشدة قائلاً :
-كويس أنك هتقضي معايا أهو تونسيني .
أبعدت يديه عنها وهرولت للخارج فلم يستطيع أن يلحقها فتساءل عليه نور وهو يقول لمعتز :
-اومال نور مجاش ليه مع كتيبته ؟
أجابه معتز قائلاً :
-أصله تعبان وانا مقعده في المستشفي .
قال للسائق :
-أطلع لو سمحت .
وقفت أمام الحافلة وهي تقول له بصوت مرتفع :
-أستني أنا جاي معاكم .
أتسعت حدقة عيناه حينما فتح له نور باب الحافلة فأمسك معتز يديها بقوة وهو يقول بغضب :
-مش قولتلك أنك تقعد في المستشفى متتحركش .
نظر لهم نور بشدة فلاحظت بأن الجميع ينظر لهم ولغضب معتز بأنها أتيه فقالت له :
-انا كويس يا معتز بيه وهكمل مع كتيبتي .
تركته وأتجهت نحو العساكر فأمسك يديها حتى لا تجلس بجانب أحد فأجلسها بكرسي المجاور له ووضع على قدميها الحقيبة الخاصة به وهو يقول بنبرة جامدة كالثلج :
-اياك تتحرك من هنا.
أنتهى من قول دعاء الركوب الحافلة ليردده وراءه العساكر وهي ايضا حتى جلس بجانبها وأخذ عنها الحقيبة وهو يتابع هامساً:
-لما نرجع بس حسابك معايا صعب اوي على قلة سمع الكلام دا .
خرجت من العمليات ليضعوها بحجرة كبيرة قد حجزها زياد من أجلها أخذت تخترف من أثر المخدر بأسمه فأمسك يديها وأخذ يرتب على شعرها بحنان حتى فتحت عيناها فوجدته يبتسم لها بحب وهو يقول :
-حمدالله على سلامتك حبيبتي أنتي كويسة ؟
حاولت الأعتدال ولكنها فشلت فساعدها بذلك فقالت له متألمة :
-أنت لسه ممشتيش ؟
نظر لها قبل أن يجيبها قائلاً :
-ينفع اسيبك وأمشي مش اللي تعبينك دول عيالي .
أزاحت وجهها بعيداً عنه فتابع :
- حقك عليا لو زعلتك أنا مقصدش والله بحبك .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تضع يديها على معدتها قائلة :
- الحب مش كل حاجة يا زياد عيالك دول أنت مش هتعرف تحميهم من أبوك فسبني أنا أخلي بالي منهم لوحدي .
تضايق من كلامها فقال لها بغضب :
-ليه هو انا مش راجل علشان معرفش احمي مراتي وعيالي ولا ايه انا مش فاهم ؟
صمتت فتضايق أكثر من صمتها مؤكدة كلامه فقال لها تابعاً :
- أنا مش هسيبك يا سلمى حتى لو حصل أيه أنا مش عيل علشان تقولي عليا مش راجل الفرق بيني وبينك مش كتير ولو كنت فعلاً عيل كان زماني مخلص جامعة وبشتغل معاه بس أنا محبيتش أعمل كدا ولولا أني عرفتك مكنتيش كملت تعليمي أنتي اللي شجعتيني .
دمعت وهي تنظر له فأكمل :
- دا لاني حبيتك من قلبي حبيت جرأتك أصرارك أني أنجح وأذاكر برغم أني مش حابب أنتي غيرتيني يا أبلة .
وضعت يديها على وجهها لتداري عيناها الدامعة عنه فتركها وغادر الغرفة وكأنه يحاول أن يتماسك قليلاً.
وضعت يديها على بطنها وهي تنظر لها فوجدتها تنظر لها بتضايق فحاولت أن تتجاهلها حتى أتى الساعة الواحدة فهو موعد خروج حسن من العمل أقترب منها وقال لها :
-يالا يا حبيبتي .
وقفت وأمسكت بطنها فأحاطها من ذراعها ليسندها لتبعد عيون الأخرى عن زوجها فهي إمرأة تغار أشد الغيرة أركبها السيارة ووضع لها حزام الأمان وتولى هو عجلة القيادة فتساءلت :
-أنا أسفة يا حسن أني معملتش أكل أنهارده .
أبتسم لها وهو يقول :
-وبتتاسفي ليه يا حبيبتي مانروح ناكل في اي حتة ولا أقولك صحيح بابا كان نفسه يشوفنا تعالي نروح نزورهم ونتغدى معاهم .
تنهدت وهي تقول له :
-خليها يوم تاني يا حسن أنا تعبانه أنهارده روحني ونشتري اي اكل واحنا ماشيين .
أحضر لها الطعام من أحدى المطاعم وجلس بها بالحديقة ظل ينظر لها وهي تأكل ببطء فيبتسم فرحاً ويستحثها على المزيد عندما أنتهت قبل يديها وشكرها بأنها تناولت الطعام جيداً قبل أن يأخذها ويغادر المكان،في الطريق أتصل به والده وأخبره بأنه يريده بشىء هام فأخبره حسن بأنه سيذهب ميرنا للبيت وسيأتي أليه على الفور ولكنه قال له :
- لا هاتها وتعالى عاوز أشوفها بقالي كتير مشوفتهاش .
نظر لها حسن فوجدها تنظر له بشدة فوافق بأنه سيأتي  أليه ولكنه ظل يخبره بشىء فلاحظت بأنه أبتسم بفرحة فقال له حسن :
اها عارف الشارع دا أنا جي يا بابا .
أغلق المكالمة فلم تتساءل ما الذي دار بينه وبين أبيه حتى يفرح هكذا فصمتت وهي تتخيل أمها التي ستنتظرها أزاحت وجهها الذي يحدق به لتنظر للطريق تراقبه عبر النافذة الزجاجية حتى وصل بها للمعادي لم يقف بشارع الذي يمكثه به أبيه فستغربت وسئلته :
-حسن أحنا عدينا الشارع أنت مش واخد بالك منه .
أبتسم لها قبل أن يجيبها قائلاً :
-أستني يا حبيبتي بابا عاملينا مفاجاة .
وصل للفيلا بجوار فيلا عمتها دلف بالسيارة بعدما أخبر الحارس بأنه حسن فهمي فأذن له بالدخول وهو يردد :
-ايوة اتفضل يا باشا الفيلا نورت .
تساءلت بإستغراب :
-بقولك أحنا جينا هنا ليه ؟
نزل من السيارة فأقترب منها وأزاح عنها حزام الأمان وأمد لها يديه لكي ينزلها فستجابت له ونزلت طرق باب الفيلا ففتحت له أحدى مدبرات المنزل فأذنت لهم بالدخول أستقبلهم أبيه بحب فأحتضنه وأحتضنها مرحباً بهم فقال لها :
-عامله ايه في الحمل يا ميرنا .
تنهدت قائلة :
-الحمدلله ياعمي ماشي الحال .
أبتسم لها وهو يقول :
-ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي .
أتت أليهم ريهام تحتضن ميرنا وتصافح حسن فبدى حجم بطنها كبير للغاية نظرت لها فقالت بتضايق :
-قربتي أهو تولدي .
أبتسمت لها الأخرى وهي تقول :
- أها ياحبيبتي عقبال لما يتم حملك على خير .
أجلسها حسن على أقرب كرسي وجلس بجانبها وهو يقول لأبيه :
-مبروك يا بابا على الفيلا ربنا يجعلها قدم السعد عليك وعلى ريهام هانم .
أبتسمت له ريهام فنظرت لها ميرنا وأزاحت وجهها عنهم جلسوا قليلاً فقالت لها ريهام :
- انتي مش هتشيلي الطرحة دي مفيش حد غريب .
نظرت لحسن فقال لريهام بثبات  :
-أصلنا هنمشي دلوقتي عندي قضية عاوز أكتب مذكرتها .
وقفت ميرنا وهي تمسك بطنها قائلة :
-يلا يا حسن نمشي .
وصلوا للمكان التدريب الذي كان مجهز لستقبال العساكر وقفت لتسمع قواعد العامة للأقتحام في لحظة أمسك يديها ليجذبها لتتحرك معه في وسط الصحراء فقالت له متساءلة :
-موديني فين ؟
وصل لبيت صغير مصنوع من الخشب أدخلها فيه وقال لها :
-متتحركيش منها لحد لما أجيلك .
أردفت في غضب :
- ملكش دعوة بيا أنا عاوزة أحضر التدريب أنت مش هتجبرني على حاجة أنا مش عاوزاها .
نظر لها قبل أن يتابع في حِدة :
-لا أنا ممكن أجبرك تحبي تشوفي .
أعطته ظهرها وهي تقول له :
-وريني هتعمل ايه أنا مش بتهدد يا أستاذ واللي عندك أعمله .
لم تتلقى منه أجابة بل سمعت صوت قفل الباب
ألتفتت للخلف وجدته يحبسها فهرولت ناحية الباب وهي تصيح به :
-أفتح الباب يا معتز متسبنيش هنا .
أردف قائلاً بجمود :
- قولتلك مفيش خروج صرخي بقى محديش هيسمعك أحنا في صحراء .
تركها وهي تصرخ به فلم يلتفت لها وعاد أليهم ليكمل عمله حتى ينهيه ليعود أليها مرة أخرى
ليأخذها للعودة للمركز فهو يخشى عليها إطلاق الرصاص من حولها فلا تتأذى بذلك المكان .
تركته مع والده وركبت سيارته فلحقها فقال لها :
-بابا قالي أننا ممكن نعيش في شقة المعادي .
قاطعته قائلة :
- لا مش عاوزة حاجة منها .
أردف قائلاً :
- ميرنا حبيبتي دي المعادي حد يسيب المعادي علشان الحسنية .
تابعت حديثها بإستنكار :
-مش هي دي الشقة اللي فرضتها عليا وقولت أنها من مقامي أنا مش هسيبها يا حسن لو سمحت روحني دلوقتي .
زفر وهو يسرع من قيادة سيارته فأمسكت بطنها وهي تقول له :
-متسرعش كدا بدوخ.
وصل أمام بيتهم فتركت السيارة وأسرعت بالدخول البيت قبل أن يلحقها فنامت على الفراش قبل أن تنزع حذاء قدميها فأقترب منها وجدها تدمع فجثى بالأرض بجانبها ينزع عنها حذاء قدميها وضع عليها الغطاء فأقترب من رأسها ليزيح الحجاب فأمسكت يديه لتمنعه من أزالته قائلة ببكاء :
-متشلهوش .
أعتدلت بجلستها وهي تتابع قائلة :
- متبينش راسي خليني كدا أحسن .
جلس بجانبها عندما أحس بأنها متضايفة من طلب أمها وأنها لا تستطيع أن تظهر رأسها الصلعاء أمامها فأردف قائلاً :
-على فكرة أنتي حلوة بكل حالاتك .
نظرت له وعيناها تدمع قائلة :
-مش حلوة الناس بتاخد بالمظاهر  .
أقربها أليه وهو يقبل رأسها قائلاً :
- أنا بحبك وانتي كدا ولعلمك أنتي أحلويتي أوي شكلك حامل في بنوتة .
أبتسمت بحب وهي تزيح دموعها فأحتضنته بشدة وهو يتابع :
- ربنا يخليكي ليا ويقومك ليا بالسلامة انتي وكوكي .
أشتد الطقس برودة فتجمع العساكر بالحافلات لتعيدهم للمعسكر فالسماء على وشك الإمطار تذكر بأنه تركها بذلك الكوخ الصغير فترك نور قبل أن يردف بكلمة واحدة وأسرع بالتوجه لهناك فتح باب الكوخ فوجدها نائمة على الأرض الصلبة الباردة حينما فتح باب المكان أنفجرت به صائحة :
-أنت أزاي تسبني هنا أنا مش هسكت قال لها بغضب :
-أخرسي بقى الجو وحش ولازم نمشي دلوقتي .
قال له السائق :
-أحنا لازم نمشي الدنيا ليلت وانا مش هعرف اشوف بليل في الصحراء دي .
بين لحظة وأخرى وهي تصيح به بأنها لن تخرج من المكان حتى يعترف بأنه مخطىء ويعتذر فصاح بها قائلاً :
-أنتي متخلفة دا وقته أخلصي علشان نلحق الباص .
أجبرها على التحرك معه حتى وصل الى مكان الحافلات فلم يجد واحدة منهم فبالتأكيد أنهم رحلوا فماذا يفعل في ذلك الطقس المتقلب والصحراء من حولهم أخذت تصيح به بغضب :
-أنت اللي عملت فينا كدا هنتصرف ازاي ونرجع .
صاح بها في غضب :
-تعرفي أنتي لو مخرستيش هتصرف معاكي تصرف يضايقك أسكتي خليني أفكر هنعمل ايه ؟
جلست على الرمال الباردة من حولهم وهي تبكي على حالهم فقال لها بحدة :
-قولتلك يا بومة أنتي تترزعي في المركز شوفتي
عدم سماع كلامك وصلنا لفين .
بكت بشدة فأمسكها من ذراعها ليجبرها على الوقوف والتحرك معه فقالت له بتساءل :
-على فين ؟
أجابها قائلاً :
-الكوخ هنقعد فيه لحد بكرة الصبح يكون حلها حلاال.
جلس أمامها والممرضة تحاول أن تجعلها تأكل شىء حتى تستطيع الصمود بأطفالها ولكنها رفضت فقال لها في حزم :
-كلي يا سلمى وأخلصي علشان الدكتور يكتبلنا على خروج ونمشي من هنا .
أجابته قائلة بإستنكار :
-أمشي أنت ملكش دعوة بيا .
أردف بسخرية :
-ليه انتي ناوية تقضي ويك اند هنا .
أزاحت الغطاء عنها وكادت أن تقف ولكنه سرعان ما وقف أمامها قائلاً بتساءل :
-رايحة فين ؟
صمتت قليلاً قبل أن تخبره برغبتها بدخول المرحاض فأسندها لتقف ولكنها تألمت كثيراً فوضعت رأسها على صدره فقال لها بتضايق :
-معليش يا حبيبتي أستحملي .
ضغطت على يديه وهو يسندها وهي تقول  :
-كفاية أني مستحملاك يازياد .
جلست بالأرض الباردة وهي تسمع صوت الهواء يضرب النافذة ترتجف بخوف ربما ايضا من شدة البرد ولكنه ظل واقفاً ينظر لها وهي تبكي وترتجف من شدة البرودة فنزع سترته العسكرية عنه وكاد أن يضعها عليها ولكنها قالت له :
-لا متحطهاش عليا أنا خايفة مش سقعانة .
جلس بجانبها وهو يتساءل بإستنكار :
-ياترى خايفة من العاصفة ولا خايفة مني أنا .
نظرت لعيناه وهي تقول له :
- الدنيا هتمطر وانا خايفة لحسن ميعرفوش يلاقونا .
أبتسم لها قائلاً بخبث :
-دا يبقى أحلى حاجة في الدنيا أننا نبقى مع بعض لوحدينا والجو ساقعة واكيد محتاجة .
كاد أن يقترب منها ليضمها اليه يدفئها ولكنها قالت له في غضب :
-ولا حتى في خيالك يا بيه .
زفر بشدة وهو يلقي عليها سترته ليقول :
- دفي نفسك أنا جسمي حراري وبستحمل درجات الحرارة المنخفضة دي لكن انتي جسمك مش هيستحمل .
أزاحت وجهها بعيداً عنه فوضع عليها السترة رغماً عنها وهي تنظر للنافذة وهي تستقبل أولى قطرات المطر فأزدادت بالهطول وهي حاولت أن تظل مستيقظة أكبر قدر ممكن ولكنها لا تتحمل ذلك الدفء الصادر من سترة معتز ورائحة عطره المميز الذي جعلتها تنعس فكادت أن تسقط رأسها على الأرض ولكنه سرعان ما أقترب منها وأنام رأسها على كتفه أمسك يديها الباردة بين كفيه  ليدفئها فلم يقدر على مقاومة النعاس فنام مسنداً رأسه على رأسها غير مدرك ماذا سيحدث لهما في تلك الصحراء ...
يتبع ....
#الباشمدرسة_اية_احمد

رواية مقرر أن أحبك بقلمي أية أحمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن