أفاقت أم حسام من صدمتها وأستعادت وعيها وعلمت أن خطيب خديجة هو أبنها الذى تركته منذ أن كان صغيرا وأودعته مدرسة داخلية من أجل ان تتزوج بوالد حسام وكانت تزوره من فترة لاخرى ولكن بعد ما وصل للشهادة الثانوية توقفت بسبب سفرها مع والد حسام ..
هى نعم تركت له المال اللازم لدراسته وانتقاله بعد ذلك للكلية العسكرية ولكن تناست ان احتواء الام وحنانها لطفلها لا يعادل ملايين الجنيهات
بل وتناسته ولم تخبره لاى مكان سافرت ولم تخبره ان له اخ يصغره بعشر سنوات .
ومرت السنين ولم يشغلها سوى ابنها حسام وتناست أدهم بالكلية وكأنه لم يكن طفلها هو الاخر كحسام المدلل الذى تربى على الانانية وحب الذات بسبب والده الذى غرس فيه مبدأ (أنا وبعدى الطوفان )
....هى ام سيئة بكل الدرجات..تركت الاول (أدهم )بلا عناية فشب على القسوة والعنف لانه لم يكن فى قاموسه يوما معنى للحنان والاحتواء فكيف سيعطيهم وهو يفتقدهم ..
ولم يتغير سوى عندما وجد عائلة حاطته بالحب والحنان الذى يفتقده منذ صغره (عائلة خالد)
اما الثانى( حسام) فأساءت إليه ايضا حيث اعطته مزيدا من الدلال وفرضت سيطرتها عليه فنشأ مهزوزى الشخصية مضطربا السلوك ..ففشل فى ان يراعى زوجته وتركها بدون ذنب لمشورة والدته ..
أستغربت خديجة ووالدتها من موقفها واعيائها ولكن لم يريدا التعليق واكتفوا بالصمت لتخرج من عندهم بسلام
.....
خرجت ام حسام من عند خديجة ..تفكر فى ابنها البكرى (ادهم ) فهل يا ترى ستحن له ام ستصوب له لكمة اخرة من لكمات الحياة على يديها
...
ام حسام استطاعت سريعا الحصول على عنوان (ادهم ) وعلمت الوقت الذى يكون به فى بيته وكل هذا طبعا بنظام (خد أشرب كوباية شاى ) وهذا طبعا عشان تسلك فى كل حاجة بدال معاك فلوس
....ورن جرس الباب عند ادهم وتعجب فلا احد يزوره فى هذا الوقت ومن اصلا يزوره فلا يوجد له اصحاب بل فقط زملاء للعمل ولا يعلم له اقارب ..
ففتح الباب وكانت المفأجاة ....سيدة تقترب من الستين عاما ..ملامحها ليست غريبة عنه ..تشبه امراة يعرفها ولكن تلك كانت اخر مرة يراها من عشرون سنة فكانت مازالت فى سن الشباب ...
...ادهم يفرك عينيه ...أيعقل هذا ..هل هى (....)
ثم فاق من شروده على صوتها
ام حسام باستعطاف... إيه يا ابنى مش عرفنى ...نسيت امك ولا أيه
أدهم بضحك هستيرى.....امى بجد انتى امى ...
وافتكرتى اخيرا ان ليك ابن ..طب ازاى وامتى .
ثم رجع للوراء والدموع بدئت تنسال من عينيه ..ومسك الباب ليستند عليه بعد ان كان يقع من صدمتهادهم بحزن ...بعد اذنك اتفضلى عشان معنديش وقت وعايزة اغير هدومى واروح لشغلى..وعايز يقفل الباب
فتمسك أم حسام الباب بغيظ مكتوم.....أنت اتجننت بتقفل فى وش امك الباب ..وانا ال قلت هتفرح لما اجى اشوفك
ادهم بابتسامة باهته ...معلش مهو انا أصلا مش متربى ..بجد ملقتش حد يربينى ..منتى سبتينى وشوفتى حالك ..
فلو سمحتى هاتى من الاخر وسيبك من كلام (ام ) وبتاع لانه مش لايق عليكى ..
ام حسام بدموع التماسيح ....يا ابنى انا عملت كده لمصلحتك واهو ماشاءالله بقيت راجل وظابط قد الدنيا ...بدل مكنت تتربى مع جوز امك ومتحبهوش فقلت كده احسن
ادهم بسخرية...اه احسن برده عشان ترتاحى منى وتفضيله هو ..واكيد خلفتى منه ..
ام حسام باستعطاف ...منه جية طمعانة فى قلبك الابيض ..وعايزاك تقف جمب اخوك ..
ادهم بتعجب ...اخويا..ويطلع ايه ومين اخويا ده ال ولا اعرف ولا حتى اعرف اسمه ...فاقف جمبه ازاى وهو ماله اصلا فيه إيه ..
ام حسام بحرج ....اخوك فى المستشفى بين الحياة والموت بسببك
أدهم بصدمة...بسببى أنا ازاى هو انا اعرفه ولا شوفته قبل كده
ام حسام بعين زائغة ..لتدراى جبروتها ....ايوه انت السبب خطفت مراته منه وهو بيحبها بجنون وكان هيموت نفسه عشانها
ثم تبكى ....ارجوك يا ادهم يا ابنى سبله ،( خديجة ) وشوف غيرها انت اهو ماشاءالله جمال ومركز وأى وحدة تتمناك ..
ادهم يصدم للمرة الثانية ...خديجة كانت مجوزة اخويا انا ...ثم افاق وتكلم بحزن
أدهم بحسرة ...أسبله مين خديجة هى بدله اتنازل عنها ..
طيب مهى كانت معاه وأتنازل عنها ومطلعش راجل فازاى انا عايزانى اتنازل عنها وليه وعشان مين .
عشان خاطرك انتى
وأنتى من امتى راعيتى خاطرى
عشان خاطره هو ....وأنا اصلا اعرفه ولا اتربيت معاه عشان احس ان ليه اخ ..
فليه أسيب حب عمرى .الانسانة الوحيدة ال لقيت نفسى معاها ..
أنسانة مفيش زيها فى الاخلاق والتربية وغير امها وابوها ال حسسونى فعلا أنى ابنهم بجد وحسيت بعد سنين من الفقد ان خلاص بقه ليه عيلة زى اى أنسان عادى
فعايزانى اسيب ده كله ليه ولمين
هو ضيع جوهرة من بين إيديه ودلوقتى جى يندم
ميندم بس مش على حسابى ...
أم حسام بغضب ...انت انسان أنانى اووى مبتحبش الخير لغيرك .وده أخوك وهيموت بسببك
بس مش هسمحلك وانا هعرف ازاى هتسيبك وترجع لحسام ..
ادهم وهو يضع يده فوق رأسه لشده غليانها من الغضب...ايوه يا ستى انا انانى بحبها ويستحيل اسيبها ولا هى هتسبنى مهما حصل
لانى متأكد من حبها ليه وانها نست المحروس ابنك ضعيف الشخصية ال عذبها .
ام حسام ...وهى تدفع الباب وتخرج غاضبة ..انا هوريك يا ابن فهمى .منته طالع شبه فقرى ودماغك نشفة
ادهم وهو يلقى بنفسه على الاريكة ويبكى بكاء حار......كنت بحسبها جية تخدنى فى حضنها وتعوضنى حنان السنين ال فاتت من غيرها
أتاريها جيه كمان تحرمنى من حنان السنين الجاية من عمرى مع الانسانة الوحيدة ال شغلت قلبى ..
.............
تمر الايام على جويرية وهى تحمد الله كل ليلة أن رزقها بقرة عينها خالد
فعلا انه نعم الزوج يقدر تعبها وتوترها النفسى بسبب الحمل ويساعدها ولا يرهقها بطلباته ..
وفعلا يعمل بوصية رسول الله معها( استوصوا بالنساء خيرا )
( خيركم خيرهم لاهله وانا خيركم لاهلى )
أما الان فلا يحفظ الرجل سوى ايتين
(الرجال قوامون على النساء ) وايضا ( مثنى وثلاث ورباع )
وجاء يوم الذهاب الى الطبيبة ليعلما نوع المولود .
فامسك بيديها بحنان وقبلها...ج
خالد بحب...أى كان ولد او بنت فيكفى انه جزء منى ومنك ونعمة قد منها الله لنا لنرعاها ونسقيها من محبة الله لتنشأ على طاعته
جويرية بقلق ..يعنى انا نفسى يطلع ولد عشان تفرح انت ووالدتك
خالد بابتسامة...أنا بفرح بكل عطايا الله ..وهتبقى ام ابيها كما كانت الزهراء فاطمة لسيدنا محمد صل الله عليه وسلم .
ثم بالفعل تأكد لهم الطبيبة إنها أنثى فيظهر البشر على وجه خالد ويحمد الله
ويقوم بإسناد جويرية من على سرير الطبيبة مقبلا يدها بحنان
خالد بحب..يلا بينا يا أم عائشة
جويرية بضحك ...لحقت سمتها وعائشة كمان
(صدق من قال جبر الخواطر على الله )
خالد بضحك ..نعم عائشة اليست كانت هى حب رسول الله وكذلك ابنتى ستكون حبى
جويرية بدلع..إيه يعنى اطلع منها انا والبنت هتخدك منى ولا أيه ..
خالد ....من اولها هنغير ولا أيه ..بس متقلقيش عائش ما هى الا بضع من كل قلبى ليكى يا حبة عينى
الطبيبة بضحك ...ماشاءالله ربنا يبرلكم صراحة .. انا اول مرة اشوف حالة اب فرحان ان الجنين انثى عشان مجتمعنا ذكورى بطبعه وبيحب خلفة الولاد
خالد بابتسامة...حين يرجع الناس لسنة الحبيب هتغيير كتير من هذه التقاليد العابثة ..التى اذلت كثير من النساء
أليست هذه البنت هى امى واختى وزوجتى وبنتى ونحن نحتاجها والنساء شقائق الرجال
.......
نزل خالد وجويرية من عند الطبيبة وكانت أمامها حديقة بها بعض الالعاب البسيطة ..
سددت نظراتها اليها جويرية..وكطبيعة خالد ال ينظر بعين المحب ففهم نظراتها
خالد بابتسامة..إيه رئيك نقعد شوية هناك
جورى تكاد تنط من الفرحة بجد يا قلبى
خالد ..بس براحة عشان بنوتى حبيبتى
جورى ...ماشى الكلام
وفعلا دخلوا الحديقة واجلسها على أحد الارجوحات وشدها ببطىء كى لا تهتز سريعا ..
واستمتعت جويرية وضحكت من قلبها
( المراة مهما تكبر بداخلها طفلة تحب الاهتمام والمرح )
ثم جلس بجانبها يسقيها بعض من كلماته التى تجعلها كالطير يسبح فى الهواء ....
فالرجل الحق ..هو الذى يتفنن فى أسعاد شريكة حياته ويمنحها الحب والثقة فيسقط فى نظرها جميع الرجال ..
....ثم هما عائدين الى منزلهم فاستقبلتهم والدته وعلى وجهها التساؤال عن نوع المولود وكم تمنت ان يكون ذكرا ..وتنتظر البشرى ..
ام خالد بترقب ...ها يا ابنى اطمنت على الجنين وطلع ايه ولد صح
جويرية ارتسم على وجهها القلق من ان تغضب ام خالد ولكن شعر بها خالد وقبض على يديها يطمئنها بحنان ...ناظرا الى امه
خالد مبتسما...ايوه يا حبيبتى يا امى أطمنا انه جورة بخير والمولود طلع ما وصانا به رسول الله وطريقى للجنة
وخوخة تانية صغيرة ..بس هنسميها عائشة ..ثم طبع قبلة على جبين امه التى لا تعلم تحزن لانها تمنت ولدا ام تفرح بحال لسان ابنها الذى دوما يقطر عسلا ...ففرح قلبها لفرحه وتمنت له البركة ..
وأدخلتهم عندها لبعض الوقت ليرتاحوا من الطريق وقدمت لجورى عصير بيديها
ام خالد ...اشربى حبيبتى عشان عيوش الصغننة
فضحكت جورى وحمدت الله ان اعطاها هذه العائلة الطيبة...
أنت تقرأ
احببت ملتحي
Romantizmالالتزام ليس بعد الحياة وحب العزلة والتشدد والتكشيرة وتكفير المخالفين ولكن هو خلق حسن وابتسامة طيبة ومعاملة بالمعروف وحب الحياة لإرضاء الخالق والتعايش وفق كتاب الله وسنة رسوله بعيد عن التشدد المنبوذ او التسيب الهالك .بل وسطية جميلة. تتدفعنا للجنة...