عاشق ومعشوق

اقاربه، عائلة جمانة، وأمي!

استيقظ جود من النوم قبلها، فكانت بوجهها الحطني الجميل، الذي يحوي أجمل عينين براهما في حياته، نائمة كمن لم ينم في حياته. نهض عن السرير وذهب الى الحمام الموجود في الغرفه واغتسل، ثم توضأ وصلى ركعتين ضحى. كانت الساعة تقارب الحادية عشر صباحا. خرج جود من الغرفه متجها الى صالة البيت حيث تجلس عمته وجده. قال:

"صباح الخير جدي، صباح الخير عمتي"

قبل يدي جده وعمته وجلس مبتسما، لكن بابتسامته بريق غريب، بريق يبعث على السكون في النفس. قالت عمته:

"نحن تناولنا فطورنا منذ ثلاثة ساعات مع الشباب قبل ان يذهبوا الى عملهم، لم نشأ إيقاظكم فقد جئتم من سفر. أين مِسك؟ ألا تزال نائمة؟ "

"اجل، هي لم تنم جيدا في المعسكر"

"حسنا بني. ساعد لكم فطور وتناولوه بالداخل، هناك ضيوفاً قادمين الى هنا"

"من؟ "

"اقاربنا وبعض اقارب والدتك، عندما سمعوا بمجيئكم رغبوا بالزيارة"

"وكيف وصل الامر لهم؟ "

"لا تقلق، لا يعرف بالامر سوى الكبار، والجميع موثوق"

"لكن يا عمتي نحن هنا في خطر! من نشر امر مجيئنا؟! "

تنهدت العمة وقالت:

"في الحقيقة لا ادري. اتصل بي عمك صباح اليوم وقال لي انه يريد رؤيتكم قبل ان تغادروا"

تشهد وقال:

"واين عمر؟ "

"لقد اصيب بالحمة، جاءته قبل الفجر بقليل"

"لا حول ولا قوة الا بالله"

"لا تقلق جود، بقيت عنده طوال الليل ولقد تحسن كثيرا عن البارحة"

"اشكرك عمتي، حقا اشكرك"

"ساذهب لاعد لكما الفطور."

ذهبت العمة وقال الجد:

"بني، ما سر هذه السعادة الصباحية؟ "

"اي سعادة جدي؟ "

"لا ادري، هناك شيء جديد في وجهك"

ابتسم جود من جديد وقال:

"الحمدلله على كل حاليا جدي. نشكر الله على كل شيء. أنا كل يوم اكتشف نعمة جديدة اعطانيها الله يا جدي. والحمدلله اكرمني برؤيتكم، انتم لا تعرفون كم اشتقنا لكم، ذبحتنا الغربة يا جدي والله ذبحتنا! "

اشار الجد لجود، فجاء وجلس بجانبه، طبع الجد قبلة على جبين جود وقال:

"يا بني، يشهد الله انكم لم تغيبوا عن بالي لحظة، آخ يا جود، ليت الزمان يعود يوما، ليت الوقت يرجع قليلا لتلك الايام، حينما سمحت لي الفرصة بأن أقول الحق لكنني عزفت عنه، وقلت ما اجبرني عليه اولاد الكلب! لو قلتها يا بني، آه لو قلتها… منذ يدري؟! كان من الممكن ان نكون في بلادنا جميعا، نجلس في مزارعنا نتحدث بأنعام ربنا، نشكره على ما اعطانا، لكن.. لكن نحن يا جود خفنا من غير الله، ومن يخاف من غير ربه ينذل، وها نحن نرى الذل بكل اشكاله، فلا تكونوا مثلنا يا بني، اعتزوا بانفسكم اعتزوا بدينكم وبربكم وبكتابكم ورسولكم!! "