19\1\2018

162 3 0
                                    




30/12/2019 هذا اليوم كان آخر لقاء لي بمِسك، التقيتها صدفة ويالها من صدفة مقدرة.

أول لقاء لنا كان في 19\1\2018، كان الشتاء قارص في تلك السنة، كنت مع جود في رحلة عمل إلى أورفا، وبما أنها كانت قصيرة أمضيناها في الفندق، لم نستأجر شقة. كعادة جود، في أورفا يذهب للشركة بعد صلاة الفجر، أي بالسادسة صباحًا حتى يصل لعمله قبل الإزدحام، ومع أنه يخرج باكرًا إلا أنه يعود متأخرًا، ليس قبل الثانية عشر مساءًا!! وبسبب الملل الذي كنت أشعر به أيام الدوام، كنت أخرج لأتمشى وأرى معالم مدينة شانلي أورفا. في أحد الأيام، قبل عودتنا لأسطنبول بست ساعات بالضبط، خرج جود للشركة لينهي بعض الأعمال وطلبت أنا سيارة أجرة حتى أخرج لأشتري هدية لجمانة من أجل يوم ميلادها، ارتديت ملابسي ونزلت. كنت أقف بجانب الاستعلامات أنتظر وصول سيارة الأجرة، وكانت تقف قريبًا مني فتاة وبجانبها حقيبة سفر ويبدو أنها من الطبقة المخملية فاستغربت وقوفها، صحيح أنني في فندق يملكه زوجي وشقيقي لكنني لا أحب أن أبدو من الطبقات العليا، وجهها يُظهر أنها أصغر مني لكن يبدو عليها التعب وكانت كأنها تبكي. كنت شاردة بوجهها وأيقظني صوت عامل مكتب الاستعلامات وهو يقول:

"سيدة مِسك، لقد وصلت سيارة الأجرة، هل تريدين تسجيل الخروج الآن؟"
اتجهت للموظف وكدت أتحدث، لكن تلك الفتاة سبقتني وقالت:

"لا، سوف أغيب ثلاثة أيام لكن لا تلغي الحجز، ولقد تركت بعض الأشياء في الغرفة، أرجو أن تبقى مكانها"
"بالتأكيد سيدتي، أتمنى لكِ رحلة موفقة"
جاء موظف آخر وجرَّ للسيدة مِسك حقيبتها وأوصلها لسيارة الأجرة وأنا أنظر إليهم متعجبة من إيجاد فتاة أخرى تملك نفس اسمي فابتسمت. قال لي الموظف:

"مدام مِسك، وصلت سيارة الأجرة"
لم أستطع إمساك لساني وسألته:
"من تلك السيدة؟"
"أي سيدة؟"
"التي خرجت الآن؟"
"إنها السيدة مِسك، مدرسة لغات مشهورة بين الراغبين بتعلم اللغات"
"هل تسكن هنا؟"
"بالحقيقة لا أعرف سيدتي، ولا استطيع إخباركِ بالمزيد عنها"
شعرت بالإحراج وبأنني متطفلة، فابتسمت وخرجت وقمت بالتسوق وعدت، مضى ساعتين، جود لم يأتي لذلك جلست أشرب القهوة في مقهى الفندق وأنا أنظر للباب أنتظر قدومه فأتفاجأ بدخول تلك السيدة، السيدة مِسك. ذهبت لمكتب الاستعلامات وتحدثت معه قليلًا وجاء موظف وأخذ حقيبتها ثم جاءت هي للمقهى وجلست بالطاولة التي بجانبي، كان يبدو عليها الانزعاج والبكاء، أخرجت سيجارة من علبة فضية كانت بيدها واشعلتها، استغربت ذلك، فحجابها وعباءتها وجمالها الغير معقول لا يجب أن تلوثه سيجارة. في تلك اللحظة اتصل علي جود، قال أن لديه عمل إضافي وأننا لن نسافر لأسبوع آخر، عندما نطقت اسمه نظرت إلي تلك الفتاة ودموعها بدأت بالنزول، أنهيت الاتصال ونظرت إليها مستفسرة مع ابتسامة صغيرة على شفتي، مسحت دموعها ونهضت باتجاهي وجلست، قالت لي:
"المعذرة، هل قلتي جود؟"
كانت تنظر إلي وكأنها تنتظر مني أن أقول أجل، فقلت أجل. قالت:
"هل أستطيع أن أرى صورته؟"
مع أنني تفاجأت وخفت، وبدأت السيناريوهات تتشكل بعقلي إلا أنني فتحت هاتفي وأظهرت لها صورة جود، عندما رأته أخذت نفسًا عميقًا وهمست:
"ليس هو أيضًا"
ظنتني لم أسمعها، قالت مجددًّا:
"اعتذر كثيرًا، أتمنى لكِ يومًا سعيد"
ثم ذهبت لطاولتها، حملت أشياءها واتجهت للمصعد، لحقتها لكنني أبصم بالمليون أنها لم تكن تراني، كانت هنا ولم تكن هنا أيضًا. للصدفة أيضًا، غرفتها مقابل غرفتنا، مشيت خلفها لكنها دخلت غرفتها وكأنها فعلًا لم تكن تشعر بوجودي خلفها. 

عاشق ومعشوق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن