مرض دانيال

239 15 2
                                    

مرض دانيال

كانت رنات جرسها متتالية لم تستطع الصبر وبالها مشتت، أما دانيال لم يقوى على الوقوف إلا أنه تماسك ومشى ببطء إلى أن فتح الباب، حينها لم تتمالك إيزلا بل ألقت بنفسها في حضنه وهي تبكي وكأنها تخبره بأن لا يتركها وحيدة في هذا العالم الموحش.

شعر بها دانيال وبما يجول بخاطرها أخذها من يدها وأجلسها قربه، وهو يطمأنها أنه أصيب ببرد فقط لعدم أخذه الاحتياط منه. بكت المسكينة خوفا من فقده، ما كان على دانيال إلا أن هدأ من روعها ومسح دموعها بيده وهو يعدها بأن لا يتخلى عنها مهما كلفه الأمر. فهي من أعادت المعنى لحياته بعدما كانت أيامه تشبه بعضها فارغة مملة، أتت لتمنحه حبا كان يفتقده وتشعره أن هناك من يهتم به ويخاف عليه.

نهضت إيزلا باتجاه المطبخ لتقوم بإعداد حساء خضر ساخن له حتى يتمكن من استعادة بعض من قوته، تناول الحساء من يدها رغم امتناعه فقد أرغمته على احتساءه كاملا وهو لم يجد بدا سوى الإذعان لطلبها، كما قدمت له الدواء  وأعدت له سريره بكل عناية، وكم كانت مفاجأته وهي تطلب منه أن تبيت تلك الليلة عنده فرح كثيرا، بدا ذلك واضحا في عينيه لكنه ذكرها بخالتها وأنها قد تقلق عليها.

هاتفت إيزلا خالتها وأخبرتها أنها عند جون لأنه مريض ويحتاج الرعاية لذا ستقضي الليله عنده لم تعارض لكنها سمعت جورج يقول لأمه:
- من يكون هذا الذي تركتني لأجله وأسرعت لتراه على عجل؟

أنهت مكالمتها بعد أن سمحت لها خالتها بالمبيت، لم تكمل معها الحديث لأنها ما أحبت أن تسمع ما سيقوله جورج، لقد  أدركت أن ابن خالتها شخصا مضايقا ولن يتركها في حالها.

كان عليها أن تُبقي الأمر سرا وأن لا يعلم أحد بحبها الذي تمنت أن لا يخرج من قفصهما، بل أن  تترك عصفورها الوحيد دانيال من ينقر الحب من كفها وتفرش له روحها بكل سخاء، فقلبها لم يعد ملكا لها فقط بل أصبحت تتقاسمه مع من أعطاها هو الآخر قلبه وروحه، لكنها رغم الخوف الذي انتابها فقد عاهدت نفسها أن تدافع على حبها الباذخ ولن تترك مجهولا يقترب لمجرتهما فيخترق أجمل اللحظات التي عرفتها.
نعم ستحمي ذاك الحب الذي كانت بدايته على شاطىء جزيرة معزولة.

     

في جزيزة معزولةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن