ككل يوم أستيقظ باكراً في هذا البيت الكبير،بيت خالي الوحيد زياد،أتوجّه مباشرةً إلى المطبخ الفسيح لأحضّر الفطور لابنة خالي ماريا و لخالي ،فماريا تفطر و تتوجه إلى المدرسة أمّا خالي فيذهب إلى عمله الذي لست أدري ما هو،فبسنوات معدودة قليلة حصل على ثروة كبيرة،على كلٍّ حال أنني أسكن معهم و لكنّني لست كفرد من عائلتهم يعاملونني كالغريبة و يتكلمون بالاغاز أمامي،كأنني مجرّد خادمة عندهم.دخلت ماريا المطبخ مرتديةً ثياب المدرسة الكحليّة مع تعديل حسب موضتها طبعاً،نحن من العمر نفسه مجرّد شهور قليلة بيننا و لكن اسلوبنا و طبعنا مختلفان تماماً من صغرنا لا نتفق.
ماريا:ما هو الفطور اليوم يا أنتي،بكل غرور قالتها مشدِّدةً على "انتي".
-لقد جهزت بعض الحواضر من لبنة و جبنة...
قاطعتني:أنا أُريد أن آكل منقوشة.
_ ولكن
صرخت قائلةً:الآن.
خرجت من باب المطبخ الخلفي و توجهت إلى الطريق ،أبو شادي الفرّان الوحيد في هذه المنطقة يفتح عند الثامنة و لاتزال الساعة السابعة،آه و ما عساي أفعل فالآنسة ماريا أمرت و لا يمكنني رفض أوامرها حتّى لا ألقى عزاباً محتماً من والدتها كلّ النهار.لحسن الحظ أن أبو شادي قد فتح فرنه باكراً على غير عادته ،ناديته قائلة:صباح الخير أبو شادي.
فأجابني:أهلاً عزيزتي ،كيف حالكي؟
- بخير ...بخير،فما عساي أقول غير ذلك.
- أما زلت تعانين العذاب في بيت خالكِ؟
- آخ يا أبو شادي ،هذا قدري.
- نعم يا ابنتي،و لكن يمكنك دائماً أن تغيّري الوضع.
غيّرت الموضوع لأتفادى ذكريات أخرى أليمة أنا بغنى عنها.
- هلاّ أعطيتني منقوشة بزعتر من فضلك.
- طبعاً،دقائق و تكون جاهزة. و رمقني بنظرة حنان قبل أن يتوجه إلى الفرن ليشعله.
هذا الرجل هو الوحيد الذي فتحت قلبي له و هو الوحيد الذي يعلم بما أعانيه بين جدران ذلك القصر.
.........
عند ليلى اليوم موعد مع رفيقتها دلال تلك التي من الطبقة البرجوازيّة ،دعتها لفنجان قهوة و دردشة و تناقل الكلام على الناس.
رنّ جري البيت رحت أفتح .كانت امرأة بحوال الاربعين واقفة على العتبة ،لابسة فستان قصير "فوشيا"،ديّق و كعب من عدّة سنتمترات ،لست أدري كيف هي قادرة أن تمشي فيه.مستشقرة و شفتيها ممتلئتين بالبوتوكس،كذلك خدَيها.ناولتني معطفها بطرف أصابعها:"أين الست ؟"فأشرت إلى غرفة الإستقبال.
ماريا:
اليوم ككل يوم رأيت وجه "ابنت عمّتي"تلك، لست أدريكيف سأتحمّلها بقيّة أيّام عمري،إنّها غيبّة ،لا تعلم شيء من هذه الحياة، ألمحها كل يوم تقريباً في غرفتها تبكي أمام صورة أهلها و كأن ليس هناك في الدنيا إلا هي اليتيمة ،عليها أن تفرح نحن نتحملها و نأويها في بيتنا.على كل حال ما بالي أفكر بها،فهناك ما هو أهم لافكر فيه "سامر" مثلاً ذلك الشاب الجميل في المدرسة ،البنات تموت لتتلقى همسة منه.
نزلت من الباص و توجهت إلى الباحة حيث كان بانتظاري جماعة من رفاقي أو"بوطني" المؤلفة من فتاتين لينا و كرين و شابان مرون و طوني،كلّنا نفهم على بعضنا و صفات مشتركة كثيرة بيننا أهمها حب المتعة و الحياة.
ركضت لينا باتجاهي:"إزري ماذاا..."
- ماذا؟
- لقد ناداني باسمي ،إنه يعرف اسمي
- من الذي ناداكي؟
- هو...أقصد يامر ، و أخذت عينيها تلمع من الفرح
- جيّد حسبته أطرش و خرفان لا يعرف من معه في الصف. قلت بلهجة السخرية.
- آه ماريا توقّفي عن السخرية،فهناك تقدّم في علاقتنا.
- علاقتكم؟!؟!إنه بالكاد يعرف اسمك، أصلاً هو ليس مهتم بأحد في هذه المدرسة،طبعاً هناك فتاة ذو مستوى أرفع تكون بانتظاره .
- ماذاا!!و هل يريد فتيات أكثر جمالاً و ثروةً و أناقةً منّا.
"سأبقى وراؤه حتّى أُعلّقه" قلت بعقلي ، فأنا مصممة على ذلك.
....
اماني
لاتزال ليلى و صديقتها يتكلمون و يتعدّون على أعراض الناس شاتمين تلك و معلّقين على هذه،كلام لا ينتهي.
- يا فتاة اين أنتي يا طرشاء.صوت ليلى قاطعني عن تفكيري"نعم"أجبت
أحضري السكر.
رحت أحمل السكّر ،وضعته على الطاولة و همّيت أعود من حيث أتيت،و أنا بقرابة الباب سمعت هاتين المرأتبن تتوشوشان مع بعضهم:"يا لها من فتاة غبيّة ،لولا زوجي لرميتها على الطريق"،"نعم ،فحتّى الخدّام أجمل و أذكى منها،أكملت صديقتها، لقد أخبرتيني مراراً و لكن اليوم عرفت عمّا تتكلّمين،فليكن الله في عونك".
أخذت الدموع تتجمّع في عينيّ،فهل أنا بشعة إلى هذا الحد؟إلى هذا الحد أنا غبيّة.توجهت إلى المرحاض و أخذت اتأمل نفسي على المرآة:"أنا بشعة،و قظرة...و لا قيمة لي،فازداد الدمع في عينيّ و راح ينهمر على خدّي ،لماذا تركتموني وحدي يا أهلي هائمة على وجه الكون دون عين تخاف عليّ و تدمع ،دون يدٍ تواسيني عندما أحزن، تركتموني وحيدة ،صغيرة،خائفة ،لا أدري شيئ من هذه الدنيا غير العذاب و القهر.مسحت بيديّ الدمع عن خديّ محاولةً عدم البكاء ثانيةً و لكن ليس باليد حيلة، حتّى ليس لدي قلبٌ تتسارع دقّاته عندما يراني.
"حب" تلك الكلمة السحريّة التي لا قيمة لهاعندي
مع أنني ربما بأمس الحاجة إليها،و لكن كيف أجد مَن يحبني إذا أقرب الناس إليّ تكرهني.
أنت تقرأ
و ما ذنب قلبٍ عٓشِقٓ؟!
Romanceشهرٌ واحد لكي تجِد رفيق دربِها،٣٠ يوم و ليلة لكي تجد من يُحبّها...و إذا وجدت من يحبّها و يتزوّجها لكن القدر خالفها؟!؟!هذه قصّة أماني إذا أردتم معرفتها قوموا بقرأتها ...إنّها قصّتي الأولى أتمنّى أن تشجعوني بالتصويت و التعليق ،شكراً #٢٨ في العشاق