||جرفٌ عَميق||

628 91 240
                                    

شارَفَ القِطارُ على الوصولِ إلى لندن ..وشارَفتُ أنا على تَقَيُؤ قلبي قَلقاً

الرجفة التي اعتلتني حينَ صعدتُ لأول مرةٍ وحيداً مُتمرداً
كانت قاسِية، غريبة، بمشاعر تَضِخُّ تناقُضاً عجيباً

لستُ سعيداً أبداً بمُحاربةِ والدي، ولكنني بالتأكيد لن أكونَ بخير حينَ أسمعُ خبرَ موتِ شَخصِيَّ الوحيد.. وعلى يدِ مَن؟
  الإنسان الذي بجدر به أن يكون مأمني من هذا العالم
أبي..
حينَ نزلتُ مِنَ القِطار، كانَت روحي مُترددة وترجوني أن أعود
ولكنني حملتُها بثقلها ومشيت..

وجدتُني أسيرُ بتوتر مُخجل لم يَظهر على مُحياي..لكنَّ رجفتهُ كانت تعيثُ بداخلي فساداً
وكم شعرتُ بخجلٍ مُضنٍ من نَفسي آنذاك،

مشيتُ بحذر بينَ كومةٍ منَ الكُتل البشرية
ثاقِباً مُترقِباً مُستعداً لما ينتظرني

فوجدتُ الناسَ مِن حَولي أفواجاً مُتفرقة، جِزءٌ كبيرٌ مِنهم كانَ يستقبِلُ من لَهُ في هذا القِطار وآخرون يُمضونَ بعضَ الوقتِ على المقاعِدِ ينتظرونَ إتيانَ وقتِ رحلتهم و..البعضُ يمرُّ مِنَ المكانِ مُرورَ الكِرام، بدا لي أنَ النَظرَ لمُعتلٍ مثلي هو آخِرُ ماقد يُفكرُ فيه أيُّ شخصٍ بريطاني..
لَم يَبدُ شَكلي محطاً لأنظارهم ،لم تنهشني العيون
وذلكَ بطريقةٍ ما.. نالَ إستحساني!

شَعرتُ بأنَ روحي تُغادِرُ محجرها لأولِ مرة لتكونَ حُرةً طليقة دونَ قيود..دونَ خجل أو خوف من إنتقادٍ لاذِع، كلمةٍ جارِحة
أو نظرةٍ تحملُ شفقةً تِجاه يدي الخاوية

استمريتُ في حثِّ طريقي، واستمرّ الوضعُ على حاله..

كانت تلك المرة الأولى التي أشعرُ فيها بأني إنسانٌ كامِل، لَم تُشوِههُ الإنتقامات
لم يُضنيهِ هذا النقص، ولم تقتلعهُ الحياة من جذوره إلا لتعطيه أرضاً جديدة تصلُحُ لكيانه

استنشقتٌ نَفسَاً طويلاً مُتنهداً كمُحاولة قصيرة في استرجاعِ الأحداث..واستيعاب هذا الكَّم اللامعروف مِن التَغَيُر الذي طرأ على حالَتي في وقتٍ قصير.

تَحَرُرٌ غريب كانَ يُعانِقُ أصفادَ قلبي فتتسِع
ولفحةٌ مِن الخوف تَعبُر ثُقوبَ روحي المُنخَرِقة

داعبني هواء لَندن مُلقياً تحيته الفريدة لكنَّ انهماكي في التفكير..وخفقُ قدماي المُسرعتان تجاهَلتا جميعَ ماأحاطَني في ذلكَ الوقت

تملقتني العديد مِن الأسئلة الناتئة والتي لا حَصرَ لها

هل تسيرُ الى قدَرك

من ذا الذي أجبرك

ماذا لوقُتِلَ قبلَ أن تستطيعَ فعلَ شيء

ماذا لو تم قمعك وزجُكَ في سجونهم؟
لن يتعرف عليكَ والدك قط
وسيموتُ مَن حاولتَ الحِفاظَ عليه

نِصَالٌ مِن تَرائِبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن