أينَ يُصادِف الرسَامُون أثمنَ مواضيعِ لوحاتِهم؟
قَطراتٌ من الماءِ العذب تناثرت مِنَ السماء
مُصِرةً على أن تعزِفَ ألحاناً مُتقطعة جعلت من البلدة أكثر صخباً
طاغيَّةً على ماهيَّة الصرخات الحقيقية
وكأنها تُناجي شخصاً مجهولاً ليُنقذَ صفائها مِن الإنخلاطِ بأدرانِ الأرض.في وسَطِ سُجود الأمطار
كانَ البعضُ يسيرُ متأبِطاً مظلتهُ التي تُحدثنا عن تنبُئِهِ المُسبق بأحوالِ الطَقس والسماء
ونرى أحدَ الباعة المتجولين يقفُ تحتَ سقفِ محلٍ مُغلقٍ لبيعِ الخُضار و يلعنُ حظه العاثر
بينما رجُلٌ عجوز أعزل يسيرُ بلا هدف مُعتمراً قُبعَةويداهُ مُدثرتانِ في جيوبِ معطفه الأسود بأريحية، كما لو أن أثيرهُ تهوى تلكَ الأجواء~
ومن خلفِ إحدى نوافِذِ شُرفةِ منزلٍ متواضع،كانَ الرسامُ يتخذُ موضِعهُ على كُرسيه القصير المُخصص لأوقاتِ الفَن و يُشاهِدُ هذا الحشد من التمازُج غيرِ المقصود، والذي بدا كلوحةٍ جميلةٍ أُخرى يوّدُ رسمها
لكنهُ عجِزَ عَن تحصيلِ مُرادِه مِراراً
رمى الفُرشاة بلؤم مُستسلماً حائِراً وغاصَ في أفكاره السوداوية بشكلٍ لا إرادي..
_أمازالَ وحيُّكَ مَفقوداً؟
فاجأهُ صوتُ مُديرِ أعماله ذو البدلةِ السوداء الرسمية الذي وضعَ كوباً من القهوة برتابة على المِنضدة ووقفَ يرتَكِزُ عليها مُتَكتِفاً
=جيا شواي! أينَ يصادِف الرسامون أثمن المواضيع للوحاتِهم؟
دلكَّ صدغيه بخفة مغمضاً عينيه علَّ صُداعِهُ يستشعر توجُعهُ فيعتِقْهُ
والآخر نفى بملامِحهِ وأدلى بتعجبه كونُ من يطرحُ السؤال هو رسامٌ ذو خبرةٍ يُحسدُ عليها..
_أولستَ رساماً ياكاي؟
انتصبَ المدعو كاي واقفاً وتناولَ فِنجانَ القهوة يرتشفُ منهُ جُرعة بسيطة
_لا، عامل نظافة متنكر بِزيِّ رسام
سَخِر من سؤاله فإبتسم الواقِفُ أمامه يُصحِحُ له ضاحِكاً
=تقصد مُنَظِفُ مداخِن
ألقاه كاي بنظرة جانبية مُزدرية تدلُ على أن مزاجَه لا يحتملُ المزاح، فتحمحم جيا شواي وعدلَ من طريقةِ حديثه عائداً بِهِ للمُعضلة الحقيقية
=بجدية، ماالذي يمنعكَ من إيجادِ موضوعٍ للوحتك الجديدة؟
تنهدَ الرسام بعدَ أن تركَ فِنجانَ القهوة جانباً والتفتَ يراقِبُ حركةَ الناسِ مِن نافذته حيثُ بدت لهُ الشوارِع أكثر بُؤساً مِن ذي قَبل
أنت تقرأ
نِصَالٌ مِن تَرائِب
Fanfic[حائزة على المركز الأول في مسابقة البرومانس فئة القصص الطويلة في مسار المَجرة~♡] حينَ كُنتُ أكتبُ لَك للمَرةِ التي لَم أُحصِي عدَدها ، لَم أستَطِع تحديدَ ماإِذا كانَت تِلك رِسَالةٌ لَك أم أنها وصِيَّتي الأَخِيرةُ للعَالَم. في ذلِك الوَقتِ السَحيقِ م...