||رسائِل منسية||

453 66 451
                                    

بدا وكأن عدادَ العالم أصبحَ مِضخةً لأصواتٍ خفقِ الأقدام واللَهثات المُتتابعة..بلغَ الإعياء منهما مبلغه
هرعا كما لم يفعلا من قبل وصيحات التهديد من خلفهما لم تبرُد لثانية كما زخاتُ العرق على نواصيهم
نضبت الحُلول وأضاعا السبيل..مادَت بهما الاقدار وسقطا في براثِن الخوف والخذلان في آنٍ واحد..

_لنفترق

أفرجَ كاي طالباً من صديقه حتى يُشتتا من خلفهم وكلماته كانت تخرجُ مُدمغةً بارهاقٍ عَصِي

=لا تفعل، لن ننجح..إنهم اربعة

نهاه بشدة
وتابعا على ذات المنوال..حتى دخلا سوقاً للتجارة مُكتظاً بالناسِ والضوضاءِ عن آخره،
أبصرَ كاي أمامه عربةً للخِضار تودُ ان تحجبَ عليه طريقه وعلى جانبيها يتزاحم الناس فعَزمَ على تخطيها وقفزَ فوقها قفزةً ناجحة نسبياً..فهو تسبب في تدحرُج حباتِ الطماطِم أرضاً ، لكنه أكملَ عَدوَهُ متخطياً صَرخات صاحبها عليه وشتائمه التي ملأت الرُدهة..التفت وإذ بكيونغ ينعطف من الجِهةِ الاُخرى للسوق ويعبرُ بين الكُتل البشرية متفادياً الوقوع في ذات الموقف،
عاد يصبُ تركيزه على طريقه..ومافَتِأَ أن أولى إنتباهه لمساره حتى اصطدمَ كتفهُ بقوة بكتفِ إمرأة حسناء وكاد يسقطها ارضاً..
ثم كلمحِ البصر ترائى  أمامهُ حصانٌ يجرُ خلفهُ عربةً صُندوقية لنقلِ الناس ولولا أن تداركها لسقطَ ضحية لحوافرِ الفرس الذي راحَ صهيله يملأ أُذنيه

لكنه لم يعبأ لكل ذلك وتابع وتخبطَ بالعديد من الناس بعدها بسبب فقدانه تركيزه لأنهُ أضاع كيونغ في الجهة الأُخرى بسبب كثرة الأجساد البشرية والجموع..خرجَ من السوق وتملصَ من بينِ التجمعات التي فيه بعدَ جِهِدٍ جهيد وإذ بالآخر يظهرُ أيضاً ويلتقيا مجدداً على ذات المسار

_لنتخذ ذاك الطريق

أشارَ له كيونغ يُرشده فدخلا فيه واستمرا بالعدو حتى ضاقت الشوارع وأصبحت حاراتٍ شعبية لكن حركةَ التتبع خلفهم لم تهدأ للحظة حتى أضحوا قريبين منهم وسمعا صوتَ طلقٍ ناري فعرجا لا إرادياً على زُقاقٍ طويلٍ مُلتوي

=اللعنة

تبرمَ كاي بحنق وأنفاسه راحت تتهدجُ ثورةً وتعباً حين قابلا طريقاً مسدوداً نهايةَ الأمر

_لا..لن نتراجع، لا وقت لذلك

أفرجَ كيونغ بعد أن حسم أمره وانحنى أسفلَ الجدار الذي يبلغ علُوه مِتران ونصف تقريباً ودعاه مستعجلاً وهو يسمعُ صوت أحدِ الرجال يُلعلع قريباً منهما

_أسرع، فلتصعد

تردد كاي حين فهم ماكان يرمي إليه الآخر وهمس

_ولكنك..

بقيت الكلمة معلقةً بمفردها و سقطت منه تكملةُ الجُملة فابتلعها بندم خشيةً على فؤادِ صديقه من وقعِ جُملة" ولكنكَ عاجزٌ عن تسلقِ الحائِط وحدك"

نِصَالٌ مِن تَرائِبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن