|| تـفـاصـِيـل||

567 88 260
                                    

_ لندن، مقاطعة بورو، منزل السيد المثقف_

كان الهدوءِ الذي يسودُ أركانَ المكان بشكلٍ كامل قد أعطى المنزلَ طابِعاً مُحبباً ،
هُناك الكثير من الكُتب على الرُفوف الخشبية
وحتى الطاولات، الأثاث عريق و قديم الطِراز يعودُ للستينيات

تستطيعُ أن تتكَهن بشغفِ ساكِن هذا المكان بمجرد الإطلاعِ على طريقة تصميم المنزل وانتظامِها بإتباعِ هندسةٍ مُعينة توحي بالروحانية

وسطَ إنشغالَ أشعةِ الشمس الباردة بتقبيلِ حوافِ الكوب الذي وضِعَ على الطاولة بواسطة شاب في الثلاثينيات من عُمره

كانَ عقلهُ يُعالج الكثير من الأفكار التي تطرَحُها جريدته الصباحية..

حاجباه العريضان ذوي التخطيط الفني الدقيق انعكفا ليُشكلا عُقدةً تنمُّ عن استنكاره لحدثٍ ما.. ،
وبعد محاولة بائسة في أن يصل لخبرٍ يُنافي ماعَكرَ مزاجهُ منذُ الصباح، قرر رميَّ الجريدة على الطاولة أمامه ونهضَ يُعِدُ كوباً آخر من القهوة

كانَ جونميون كوريّ الأصل، وقد سافَر إلى لندن ليُكمل دراسته ويُصبحَ طبيباً
لكنَّ الظروف لم تُهيّء له تلك المِهنة إلا أنهُ لم يترُك لشعور الهزيمة مكاناً في دواخله
وتابع حتى أصبحَ مُهندسَ ديكور

وتدريجياً تألقت تصميماته المُميزة بسبب شغفه وحُبه الكبير لـ الفَن والتصميم الهَندسي الذي يأخُذ طابعاً مُعَتَقاً
هذا كانَ ذوقه واختيارُه بعدَ أن أضحى حُلمهُ الأول صعبَ المنال
والذي لم يُبادر بتركهّ أبداً، بل ارتادَ دورات تدريبية عدة للتمريض واشترى أدوات طبية واُخرى جِراحية دونَ أن يكونَ لها أيُّ نفعٍ فعلي،
وستجدُ الكثير والكثير من كُتب الطِب التي تملأ الرفوف والخزائن

عاشَ جونميون حياة هادئة كـ شخصيته
وحيداً في منزلٍ كبير مع الكثير مِن أكوابِ القهوةِ والكُتُب.

~~

صبَّ القهوة في فِنجانٍ أكبر هذه المرة وعادَ إلى موضِع كُرسيه المَلكي بعد أن استلَّ كتاباً عشوائياً من أحد الرفوف

فتحَ الدُرج الثالث من الخزنة التي بجانبه وقلبَ في الإسطوانات محاولاً إختيار شيء هادئ
_فرقة بي جيس؟...همم بينك فلويد سيفي بالغَرض

تسائل في نفسه بلكنته الأجنبية المُميزة

ماإن وضعَ الأُسطوانة في الجرامافون وشارف على إنزالِ الإبرة حتى قُرعَ باب منزله بشكلٍ مُزعج وغير لائق،

تسائل في نفسه عن هويةِ قليلِ الذوق الذي أفسد عليهِ أجوائه الروحانية بذلكَ القرعِ غيرِ المُنمق!

نِصَالٌ مِن تَرائِبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن