||الرِسَالةُ الأخِيْرَة||

2.2K 139 299
                                    

كوريا الجنوبية_سيؤول

السبت الموافِق 9/7/1995

المُرسل : D.K.S12@gmail.com

Kimjongkai88@gmail.com:المُتلقِ

ها انا أقفُ خاليَّ الإرادة أرجوكَ أن تجمعَ زمامَ أمركَ وترحل..

إرحل..أُركُض..حلق.. بأيِّ طريقةٍ تُنجيكَ مما ستؤولُ إليهِ حَياتُك، ولكن لا تبقَ واقفاً تُحاكي واقِعك
الذي لطالما حاكَتهُ لوحاتُك

هل لكَ ولو لمرةٍ واحدة أن تقرأ، ولستُ أرجو جواباً

أرجو إنِعتاقاً تنأى فيه عن خطرٍ باتَ موقَناً، ولم أَملك حيلةً لأردعه

أعتذر لأني معدوم..لأني ومع امتِناني الشديدِ لك

لم أستطع حمايتك من براثِن المكائد التي تُدبرُ مِن خلفِ ظهرك رُغماً عن علمي بها!

أتُدرِكُ مدى عجزيّ الآن؟

أتُدرِكُ مدى قُنوطي الذي أوصَلني لدرجة أن أكتُبَ لك للمرة التي لا أعرف عددها
على الرغم من عِلمي بأنكَ لم تقرأ رسائلي قَبلاً ولن تفعل الآن..
على الرُغم من علمي بأنكَ لا تعرفُ مَن يكونُ هذا الذي يُراسِلُك!

لو كانَ لعجزي شكلٌ لصورتهُ بيدي اليتيمةِ هذه على أنهُ وحشٌ يبتِرُ القلوب

ولكنني..وللأسف.. لستُ جيداً مِثلك..كما أَني لستُ ولم أكُن يوماً شُجاعاً مثلك.

الرسالة الأخيرة:

الإثنين الموافق 15/7/1995

المُرسل : D.K.S12@gmail.com

Kimkai88@gmail.com:المُتلقِ

أُقسمُ لك بِكُلي..وبِساعدي الذي حُرِمتُ من الشُعورِ به..أن أحميك
حتى لو كَلَفني القَسَمُ هذا جميعَ أطرافي

________

= ماقبلَ الرسالة الأخيرة=

وطأَ السُلمَ نزولاً بقدميه المَحميتانِ بجوارِب صوفيةٍ بيضاء،
ونظرهُ بخمولٍ جابَ المكانَ بحثاً عن طيفِ والده، فتعثرت نظراته ببابِ مكتبه الذي كانَ نِصفَ مفتوح

شدَّ معطفهُ جيداً بيده الوحيدة كما لو أنهُ يحتمي مِن برودةٍ وهمية في ظِلِّ نيران الموقِد الثائِرة

ونزلَ السُلم مُتجهاً لمكتبِ والده علهُ يجده هذه المرة..

نفثَ هواءً دافِئاً مُتنهداً حينَ لمحهُ من خلفِ الباب يجلسُ على طاولته كالمُعتاد

بنظاراته الطبية و يحملُِ قلماً اعتادَ على رؤيته بحوزته وفي يده ورقةٌ يَقرأُها بتمَعُنٍ حائِر..
كانَ تركيزُه المُفرط يجعله يعقد حاجبيه بطريقة لا ارادية

تهيأَ قليلاً قبل أن يُقَرِرَ قرعَ الباب واقتحام مساحة والده الشخصية مع عَمله،

رفعَ الأبُ نظره حيثُ يقفُ كيونغ فاستحالت عُقدتهُ ابتسامةً طفيفة
وسُرعانَ ما عادَ لأوراقه

_إذاً، إستيقظَت أخيراً؟

تقدمَ كيونغ وانحنى قليلاً يُحاكي والده في طريقة انغِمَاسِه في الأوراق

_فعلت

ابتسمَ والده مبعداً الاوراق عن مرأى نظرهما وخلعَ النظارات

_اذهب لتغسِلَ وجهك لقد حضرتُ لكَ الإفطار

_لي؟، وأنت؟

لَملَم والده شَتاتَ الأوراق المُبعثرة وقالَ بشيء من الحزم

_منذُ متى وأنا أتناول الإفطار هُنا؟،ألم تعتد بعد؟ أنا بالفِعلِ مُتأخِر

راقبَ ساعته على عَجَل ونهضَ يتناوَلُ معطفَ بدلته الرسمية ليرتديه

استقامَ كيونغ ببعضِ الإمتعاض واستعدَ لإيلامِ والِده

_أبي، لمرةَ واحدة فقط أَعِر وجودي القليلَ من القُدسية التي ينالُها عَمَلُك بجرعاتٍ كبيرة

أنهى والده وضعَ ربطةِ العُنُق

_كيونغ، أنتَ لستَ صغيراً

ثم تابعَ بشكلٍ سريع طويَّ أكمامِ بدلته، ولكن قبلَ أن يُبادر بالخروج أوقفتهُ تباريحُ كلماتِ ابنِهِ التي خرجت بموجاتٍ بارِدة

_ولكنني عَليل..

توقفَ جسده في مكانه لثوانٍ معدودة بدت للآخر دهراً، فَمعَ عِلمه بأنَ والده يكرهُ ما فعلَ القدرُ بولده ويكرهُ ذِكرَ كلمة -عليل- على وجهِ الخصوص

إلا أنهُ تجرأ وقالها مُجدداً، وكلُ ماتوقعه الآن هو توبيخٌ قاسي يجعله لا يُفكر بترديدها مرةً أُخرى أبداً حتى مع نفسه

_أنتَ لستَ عليلاً ياكيونغ، تعرفُ ذلكَ جيداً

اكتفَ ببضعِ كلماتٍ غير متوقعة وهادئة دونَ أن يَلتَف، وخَرَج

نفثَ كيونغ تنهيدةً ثقيلة وأرخى جفونه في لحظةِ سلامٍ داخِلي وهو يسمعُ بابَ المنزلِ يُغلق،

وحينَ رَفَعَهُما تبينت لَهُ ورقة بدى و كأنها قد سَقطت مِن والده بشكلٍ ليس بالحسبان

انحَنى ليُحضِرها، فَلَاْحَ لهُ عُنوانُها الذي حَملَ جُملتان اعتادَ كثيراً على مُصادفتهما بينَ أعمالِ والده

_طلبُ تَصفِية-

وبفضولٍ غَريزي تخطى المُرسل والبدايات مرُوراً بالأسباب والحديث السياسي الذي لا يفقهُ بِهِ شيئاً، وصولاً لاسمِ الضَحية..

حالَما وقعت أحداقه على الإسم إرتَدَّ كَمن سُحِبَ لونُهُ دفعةً واحِدة

واعتلت أصابعه النحيلة رجفةٌ أسقطت الورقة مِن يدِه ، وحينها ظهرَ اسمُ الضحيةِ القادِمة بوضوح مِن بينِ كُلِ تلكَ الكَلِمات المُتراصّة حذوَ بعضها

كيم جونغ كاي

قلبُهُ سقطَ هُناك قبلَ الطَلَب، ولم يستطع إعادته مُجدداً بعدَ ذلك.

نِصَالٌ مِن تَرائِبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن