||وَدَق||

444 76 236
                                    


كان انسجاماً قوياً إستطاعَ فيه الرسامُ استدعاءَ انتباه قليلِ الكلامِ ذاك ذو العيون الحالِكة
فأخدَ يَحكي له حتى اختطفه السهب ووجد نفسهُ يسردُ بشكلٍ مُفصّل كما لوكانَ سجينَ الأحاديثِ لوقتٍ طويل..وأُطلقَ سراحهُ للتو

_لأَكُن مُلماً بالأمر ، وصريحاً..هي لم تُحبني لهدفِ الحب الذي لا يمتلكُ مسبباً أكثر من ذلك، كنتُ حبيبها رغبةً منها في الكتابة عن الحب لا لأنها أرادت الحُب بعينه.
لربما هكذا ينتهي الامر بمن سقطَ مُنكباً على وجهه أمامَ كاتبة!
وانا حقيقةً..كنتُ أحمقاً للغاية لدرجة أنني لم أفتطن إلى أنها استعملتني أداةً ووحياً لكتابها الجديد!
استغلت مشاعري..لتنشرها للعلن!
هل ترى هذا حُباً؟

رمشَ المعني عدة مرات قبلَ أن يتقلب للجهة التي يقبعُ بها الرسام ويحدق في الفراغ الذي استطاعت عيناه اقتناصه ثم تنحنح للحديث محاولاً الحفاظ على التناغم الخفي بينهما وعدم جعل الاجواء مشحونة بالتوتر بالرُغم من ارتجاف قلبه لكونه الآن وجهاً لوجه مع روحِ الرسام ومشاعره

=أعتقد أنه أمرٌ مُشين، المشاعر ليست سِلعة يُتاجر بها

_بالضبط ياكيونغ! بالضبط

وجدَ نفسه يبتسم لذكرِه إسمه للمرة الأولى..
لأنه بدى مختلفاً، لا لكنةً بل احساساً..
أحسّ ان إسمهُ عبرَ من ثغر الآخر كنَدى أولِ الصباح..أو قبلةٌ مُحببه مِن ثغرِ والدته..
كان إحساساً غريباً جعلَهُ يتسائل
لِم قد تبدو أبسط أفعالِ هذا الفتى مميزةً
الى ذاكَ الحد؟

إلا أن طوفاً من الأفكار كَسر حاجِزَ ابتسامته البسيطة حين عادت به الذكرى إلى اليوم الذي كشفَ فيه قِصة تدبيرِ إغتياله، إلى تلك اللحظة التي قرأ فيها بكلِ وضوح إتهامهم إياه بالخيانة والتعامل مع الجالية اليابانية والرجفة التي اعتلته حينها..

لم يستطع أن يتجاهل ذلكَ الصوت الذي يدينهُ باستمرار وينفخُ في روحه نفحات الذنب مخبراً إياه أنهُ قد أخطأَ في حقّ نفسه وحقّ والده...ماذا لوكانَ هذا القابع أمامه خائناً حقيقياً للبلاد؟..ربما سيُزهقُ روحه بذاتِ اليَد التي ساعدهُ فيها
ويعودَ ليطلبَ المغفرة مِمن هجره لأجلِ خائن!

فِكرة أن يكونَ على خطأ زاحَمت أفكاره
فوجد نفسه يسقُطُ مُنزوياً بصمته
أمام الرسام الذي لم يدري شيئاً عن كونِ من يُحادثه يغوصُ في عوالمٍ مُغايرة وبعيدة كل الإبتعاد عن حكايته

=سأُخبركَ بالقصةِ كاملة، لكن..عِدني ان تنسَ الاسم الذي سأذكره إلى الأبد..لأنني امقتهُ اليوم بشدة بعد ان كانَ بالأمس أحبَّ الأسماءِ إلي

صمتَ منتظراً إجابة الآخر لكن لا شيء عبر إليه سوى صمتٍ مُطبق قبل أن يتبين له صوتُ أنفاسٍ منتظمة هادئة لذا أرجحَ انهُ قد غطّ في نومٍ عميق
فهمسَ بخفوت قبلَ أن يغلقَ عيناهُ هو الآخر

نِصَالٌ مِن تَرائِبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن