||مُقْتَطَف||

479 79 140
                                    

اتخذت الدهشة مِن وَجهِهِ مكاناً لتتَوسده
وانفلتت بعض الغمغمات من ثغره ، حيثُ بدت  مِثل
_ هل حدث هذا حقا؟

لكنهُ لم ينتظر الإجابة، لأنَ الدَليلَ على صِدقِ الواقِعة قَد حَضَرَ أمامه حامِلاَ بيدهِ اليتيمة صينيةً فِضية فيها طبقٌ يتصاعَدُ مِنهُ البُخار الشَهي..

راودته الرَغبة بتذوقِ الحساء ما إن عبثَ عبقهُ في الأرجاء و ملأت رائحتهُ الزَكيةَ أنفه جاعلةً معدته الفارِغة تتخبطُ بنفسِهاجوعاً،
لكِنهُ اعتدل عن ذلك حينَ وضعَ الآخر الطبق بصمت وخَرَج مِما جَعلَ ميون يُكمل ماكانَ يرويهِ بِلا تَرَدُد

_ جَريمةَ كَتلك بحقِ طفلٍ صغيرٍ مثله كانت رَهيبة.. لكنها طُبِقت على أيِّ حال! ، مِن ثُمَ لقيَّ بعضاً من العِنايةٍ الطبية بحيثُ أوقفوا نزيفه وضَمِنوا بقاءهُ على قيدِ الحياة،

أنهى تضميدَ جُروحه مُعيداً الأدوات التي انتهى من استخدامها إلى مكانِها على أحدِ الرفوف العلوية بجانبِ عُلبِ المُعَقِمات ثُم تناوَلَ صينيةَ الحساء و وضعها على الطاولة الأقرب إلى كاي وجلسَ مُكملاً بشكلٍ هادئ يتماشى مع ملامِحه

لَن يكونَ مِن السيء قَتلُه بقدرِ سوءِ عجزه
هكذا فكرَ الياباني
أرادَ لهذهِ العائلة أن تُعاني، أن تتجرعَّ النقص وتمشي مُنكسةً رأسَها أسفاً وَحُزناً على مايعيشهُ طِفلهم الوحيد.
لَم تَكُن خُطتهُ جعلهم يعيشونَ على ذِكراه لمُدة ثُم يُنجبونَ غيره ويُنسى..
بل أرادَ قَتلهم على المَدى الطَويل..كالموت البطيء...

غَرفَ بالمِلعقة من الحساء ورفعها لمستوى ثَغرِ كاي الذي تردد 
فتركَها في يده ليتناول بحرية

كَبُرَ الطِفل في أحضانِ والدته وهو يتجرعُ مرارةَ تجربته تلك.
حاولت الأُم أن تُشجعه على أن يكونَ إجتماعياً وأن تستحوذهُ القناعة حول كونه طِفلٌ جيد ،كامل، ولا حاجة له لليدِ الأُخرى، لكن ماكانَ يُحبط من عَزيمته ويَرمي مُحاولات الوالدة عُرضَ الحائط هو تعرضُهُ للتنمر من خِلال أطفالِ الحي وزُملائه في المدرسة .

كانَ يثق بوالدتِه...لكنهُ لم يثق بالعالم أبداً.

واستمر ذلك حتى الثانوية،،
ظلَّ الفتى يُعاني من التَنَمُر إلى أن كَرِه الدراسه وتركها ثُم التفت إلى مايُحب بتشجيعٍ من والديه
كانَ الفتى مُحباً للفن وشغوفاً حياله بسبب تَعَلُقِ والدتهُ بفنانٍ يُدعى ..

كانَ يُدعى كيم جونغ كاي

تراخت يدُ كاي المُمسِكة بالمِلعقة إلى أن وضعها بالطبق وظلَّ يُتابع بصمتٍ يُنافي الجمعَ الغفير من الكلمات التي علِقَت في حلقه

هذا الرَسام ياعزيزي كانت لوحاته تتميز بكونِها تتخذُ هدفان~
حيثُ بداخِلِ كُلِ لوحةٍ تكمُنُ أُسطورة

نِصَالٌ مِن تَرائِبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن