الفصل الثانى

4K 78 8
                                    

الفصل الثاني
كراهية
لم تتناول في حياتها طعاما بمثل هذا الجمال وهو ما قالته لمني التي قالت " امي هي التي صنعته وانا احضرته وكل يوم سأفعل هل ستبقين معنا كثيرا ووحدك "
نظرت اليها وقالت " ربما بعض الايام فانا بحاجة الي هذا الهدوء كي استعيد نفسي "
قالت منى " اه تقصدين موت والدك انا عرفته مرة واحدة عندما اتي لاختيار مكان هذا البيت كان يبدو مرحا ونشيطا الله يرحمه "
امتلأت عيونها بالدموع وابعدتها انتبهت مني فقالت " هذه فاكهه صابحه ستعجبك جدا "
قالت رنين " ماذا تعنين بصابحة ؟ "
اجابت منى " يعني طازة من الارض اليكي نحن هنا نزرع كل ما نحتاجه سي آدم عودنا علي ذلك حتي لا نحتاج لشراء شئ " لم ترد وهي تتناول المانجو الطازج اللذيذ
اطعمت كلبها واطمأنت علي مكانه المعد مسبقا فوالدها كان يحبه مثلها ورصت ملابسها وبعد العصر ناولتها مني الشاي المعطر بالنعناع الاخضر ثم استأذنت في الرحيل تأملت الاراضي الخضراء حولها ثم خرجت مع جيمي الي الاراضي المحيطة سارت كثيرا بين الاراضي الزراعية وقليلا ما كانت تقابل احد
اسرع جيمي مبتعدا فنادته واسرعت خلفه خشية ان يتوه منها زادت النباتات حولها ولكنها لم تفقد الطريق ولكن فجأة رأت رجلا يداعب جيمي وهو ينحني عليه
اسرعت اليه وهي تنادى " جيمي "
لم يتحرك الكلب اليها وقد اقتربت منهما فاعتدل الرجل فبدا اطول منها وذا قوام متناسق وبدا عليه القوة نظرت لوجهه الطويل وبشرته السمراء او ربما لوحتها الشمس فأكسبتها ذلك اللون الجميل عيونه السوداء عرفتها خاصة نفس النظرة الساخرة او الممتلئة بالكراهية
لم تتحدث وانما قال هو " اذا لم تكوني قادرة علي التحكم فيه فكان من الافضل عدم احضاره "
نظرت اليه بضيق وقالت " ومن قال انني لا اتحكم فيه ثم ان جيمي كلب مدرب ويمكنه الوصول الي بسهولة "
لاحت نظرة ساخرة بعيونه التي جذبتها وكرهتها فى ان واحد ثم قال بصوت عميق " اه من اجل ذلك انقذته انا من السقوط في الترعة "
نظرت الي حيث اشار فرأت نهر  صغير من الماء وهو علي حد معلوماتها المكان الذى يروى منه الفلاحين الارض داعبها جيمي وكانه يعتذر منها ..
ابعدته برفق وقالت مدافعه " لم يكن عليك ان تفعل فكما اخبرتك هو مدرب كما يمكنه السباحة "
اشعل سيجارة وحال الدخان بينهما وهو يقول " هو مدرب ولكن علي اماكن الترف التى اعتاد ان يعتادها مع سيدته التى لا اعلم ما الذى تفعله اصلا في مكان بدائى كهذا بمثل هذا المظهر، لن تتحمل يوم اصلا به "
رفعت رأسها بذلك البنطلون الجينز الضيق وبلوزة بيضاء ضيقة وقصيرة ولكنها لم تهتم لمظهرها الذى تحدث عنه ولكنها قالت بضيق " اعتقد ان ذلك ليس من شأنك وقدراتي انا ادرى بها من اي احد خاصة حضرتك "
ثم استدارت فقال " نصيحة هذه الملابس لا تليق بذلك المكان ربما تمنحكى مني ما يتلاءم "
استدارت اليه وقد بدا الغضب عليها وقالت " هل يمكن ان اعرف من الشخص الذى يملى علي اللائق وغير اللائق ويظن انه وصي علي "
لاح بريق السخرية علي وجهه وقال " آدم مرعي يا ..انسه رنين "
كاد يتحرك قبل ان يقول " لا تنسين نصيحتي "
وتركها وذهب كم كرهت ذلك الرجل وكرهت غروره وكراهيته الباديه في نظرته لها لا تعلم ما سببها
عادت قبل ان تظلم اغلقت الباب جيدا واكتشفت مكان المطبخ اعدت وجبة خفيفة تناولتها ثم صعدت وغيرت ملابسها بعد ان اخذت حمام اتصل بها اسر ليطمن عليها ثم سقطت في الفراش ثم النوم دون وعي ..
كان اليومان التاليان علي نفس المنوال تستيقظ مبكرا علي صوت مني لتتناول الافطار ثم تتجول بين الاراضي الزراعية واعتادت نظرات الجميع اليها واعتادت ايضا ان تتبادل معهم الاحاديث الودية سواء مع المزارعين الرجال او تلك النساء الاتي كانوا يحملن الاشياء فوق رؤوسهم بمهارة وزارت السوق وتمتعت بكل انواع الخضار والفاكهة الطازجة كانت تسير وهي سعيدة بين الفلاحين ثم استعملت الة التصوير الخاصة بوالدها لالتقاط الصور فقد تعلمت من تواجدها الدائم معه الكثير عن اصول التصوير ..
مضي اسبوع تقريبا ثم زارتها ام مني كانت سيدة مصرية اصيلة امضت معها وقتا طيبا احبتها رنين جدا
” وانتي يا بنتي ستبقين معنا اكثر ام مللتي مثلك مثل كل بنات جيلك "
ابتسمت وقالت " بل علي العكس انا كل يوم ازداد سعادة بوجودى هنا ومشاهدة كل ما حولي لماذا حضرتك تظنين ان جيلنا هكذا "
مطت شفتاها وقالت " لا اعلم ولكن كل الشباب هنا اذا تزوجوا من خارج العزبة قرروا السفر مع زوجاتهم والبقاء بالمدينة بعيدا عن اهاليهم "
قالت رنين بصدق " ولكن انا احب المكان جدا خاصة وان كل شئ هنا هادئ ومريح ونظيف ومنظم وكأن كل شخص يعلم دوره جيدا "
ابتسمت المرأة وقالت " بصراحة ذلك مجهود آدم فهو يعرف ماذا يفعل جيدا ولا يخطأ ويعشق كل شئ هنا وايضا باقي الاراضي الخاصة به ماعدا المنطقة ه‍ وهي ارض عليها جدال منذ عدة سنوات وهى غير مستصلحة ولكنها صالحه للزراعة ولكن عليها بعض المشاكل.. بصراحة آدم يعيش حياة صعبة جدا ومع ذلك لا يبحث عن الراحة "
نظرت للمرأة وقالت " ترى هل زوجته تتقبل هذا الوضع "
نظرت المرأة اليها بحزن وقالت " ليس متزوج يا رنين يا بنتى خطب منذ عدة سنوات ابنة عمته ورغم الحب الذى عرفناه بينهما الا انها بمجرد ان اتت وبقت هنا عدة ايام فى زيارة وعرفت انه مصر على ان يعيش هنا وقد ظنت انها سيمكنها ان تؤثر عليه بعد الخطوبة وتجعله يغير رأيه ولكن بالطبع هو لم يفعل فرفضت وتركته الى غيره ممن يوفر لها حياة الترف وكانت الصدمة التي غيرت مجرى حياته ونسي الزواج بل واخرج المرأة من حياته تماما "
تذكرت كلماته معها عن الترف وتحمل المشقة بالتأكيد الان فهمت ..
فى اليوم التالى قررت زيارة المنطقة ه‍ التي اخبرتها عنها ام مني واصطحبت جيمى معها وكاميراتها لم تعد تسال عن الطريق فقد اعتادت ان تستكشف الطريق وحدها واثناء سيرها في تلك الاراضي لاحظت فارس على حصان عندما اتجه نحوها بدأت تعرفه
توقف فتوقفت كان يرتدى ملابس فارس فى كل مرة تختلف ملابسه وذلك الكاب الذى يضعه علي رأسه اخفى بريق عيونه نظر اليها وقال " هل اسال الى اين؟ انتي تخرجين عن حدود العزبة وهو امر خطر "
رفعت رأسها وقالت " اعتقد انى اعرف طريقي ولا احتاج نصيحة فانا لم اطلبها "
تحرك الحصان به ولكنه شد اللجام فخضع الحصان لصاحبه القوى الذى قال " انا لا انصحك انا امرك بالتراجع المنطقة خطر ولا يمكنك الذهاب وحدك "
لم تنصاع لكلماته وانما قالت " وانا لا اخذ اوامر من احد انا لا اعمل عندك "
قال بصوت مرتفع فيه نبرة غضب " انتي انسانة عنيدة ومغرورة وتظنين انكى تعرفين كل شئ وانتي لا تدركين اى شئ "
تضايقت منه وقالت " وانت قليل الذوق وانا لن اتحدث معك بعد ذلك "
قال" وماذا ؟ الن ترتدى وتتراجعى اصحاب الايدى الناعمة لا تصلح حتى لقيادة ما تركبين "
زاد غضبها وقالت باصرار "تلك الايدى الناعمة انت لا تعرف عنها شئ فلا تدعى الكمال لانك لست اله ولن تكون فانت مجرد انسان مغرور ومتكبر ووقح وانا لا اعلم لماذا اصلا اقف لاتحدث اليك "
ثم شدت اللجام فتحرك الحصان جاذبا العربة بها وتركته وهو يتبعها بنظراته وهي تكره اليوم الذى قابلته فيه ورغم انهم شركاء الا انهم لم يلتقيا او يتحدثا سويا في اي شئ فقد تركت تلك الامور للمحامي  وهي لن تتعامل مع رجل مثله
كانت المنطقة قد لاحت امامها من العلامات التي احيطت بها كانت ارض جرداء الا من بعض النخيل الذى ينبت دون تدخل الانسان والكثير من التلال الصخرية المرتفعة اندهشت من وجود مثل تلك المنطقة بجانب الاراضي الزراعية الأخرى ولكن المنظر جذبها نزلت وتبعها جيمي ربطت الحصان في احدى الاحجار الكبيرة وبدأت التجول وهي تحصل علي العديد من الصور للمناظر الطبيعية واخيرا وصلت الى بركة ماء تحيطها نخلات عديدة اعجبها المنظر والتقطت العديد من الصور
عندما تأخر الوقت قررت العودة الى العربة وركبتها وركب جيمى ولكن فجأة فزع الحصان واخذ يصهل بشدة وجيمى ينبح وقد لاحظت هى تلك الأفعى التي خرجت من بين الصخور ثم انطلق الحصان بسرعة مفاجأة مما افقدها توازنها فسقط اللجام من يدها وسقطت هي الاخرى على ارضية العربة وما ان استعادت نفسها حتي هالها ما رأت فقد رات الحصان يسرع الى احد التلال الصخرية بدون وعى حاولت ان تبحث عن اللجام ولكن قد فات الاوان فقد اصطدم جانب العربة باحدى الصخرات الكبرى وانقلبت العربة علي جانبها وفقدت هى توازنها وسقطت خارج العربة علي كتفها الايسر واصطدم رأسها بشدة بإحدى الصخور الكبري شعرت بألم ثم اصابها دوار ولم تعد تشعر بأي شئ
يتبع ....

رواية عزبة الدموع.         بقلمى داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن