3. المملكة المفقودة

341 38 17
                                    


مملڰۂ نوبري
المملكة المفقودة

❍❍❍❍❍

نظرتُ إلى نفسي في المرأة بينما ارتدي قميصي لأذكر سنوات خلت كنت فيها عاجزا حتى عن أغلاق أزراره لوحدي وظللتُ فيها اعتمد على أمي في فعل كل شيء! وعلى ذكرها لمحتها تقف بجانبي وعلى محياها تلك الابتسامة التي لا تُفارق ثغرها. قامت برش العطر لي ثم سرّحت شعري بهدوء تاركة إياي أنعم بتأمل ملامحها بعمق، هاتان العينان الصغيرتان بلونهما البُني الذي يُشابه لون عيناي، أنفها وحاجباها المقرونان المشابهان لخاصتي، بشرتها السمراء الصافية كلها أشياء ورثتها منها لذا لا استنكر قولهم الدائم لي " ابن امه " .

ـ ما به كناني اليوم؟

كم اعشق ياء الملكية التي تزين بها اسمي!.

ـ هل تسمحين لي بالمبيت في منزل جدي؟

ـ تريد أن تتغيب عن الجامعة!.

أشرت لها بالا لتردف بحنو:" نعم إن وعدتني بالاعتناء بنفسك ".

قبلّتُ وجنتيها مُسرعا لتُمسكهما بتفاجؤ وقبل أن اخرج قالت لي بسعادة:" افعلها كل يوم فمن يدري إلى متى سأظل بجانبك ". لم يرقني حديثها الأخير لكني أومأت لها برأسي ثم غادرت.

وقفتُ بالقرب من منزلي لبرهة محاولا تهدئة نبضات قلبي وبقيت كذلك حتى أوقف ياسر سيارته بجانبي لأصعد فيها بعد أن ألقيتُ السلام عليه وعلى فراس المستلقي بالمقعد الخلفي.

ـ إذن، ما علاقة منزل جدك بأحجية الأمس؟

تساءل ياسر بينما ابدى فراس بعض الفضول

ـ جدي يملك مكتبة في منزله وإن كنت أريد البحث فهذا هو أول مكان سيخطر على بالي.

ـ هل هي صغيرة؟

ـ هي متوسطة الحجم تضم ما يقارب خمسة ألاف كتاب.

صمت الأثنان فجأة وشعرت بهما متفاجئان بيد أنهما لم يُعلقا. وصلنا إلى منزل جدي بعد نصف ساعة لأطرق بابه الحديدي بهدوء حتى لا ازعج الجيران من حولنا، دقائق معدودة مرت خرجت من بعدها جدتي وهي مستعدة لضرب الأطفال الذين يستمرون في إزعاجها بطرقهم المستمر.

ـ مرحبا جدتي ثُريا.

كان صوتي كفيلا بجعلها تصرخ بإسمي في سعادة عارمة ثم أخذتني في عناق مميت ولم تتركني رغم رؤيتها لتوتري الملحوظ.

" هيا كنان حاول أن تعتاد الأمر" همستُ لنفسي حتى لا أُظهر أمامها ما يُقلق كاهلي. من المؤلم حقا أن تخشى الاقتراب من الأشخاص الذين يحبونك ويهتمون لأمرك!.

أكملت جدتي تحيتها ثم التفتت نحو صديقيّ لتسلم عليهما بنفس الحفاوة فهي تعرفهما منذ أن كانا مراهقين ثم دعتنا للدخول. أول شيء سيقابلك لحظة توغلك في المنزل هي التحف الأثرية التي تملأ المكان وستبهرك اللوحات الزيتية التي تزين الجدران خاصة أن منها ما يحمل توقيع رسامها الأصلي، توقف فراس بالقرب من مكتبة صغيرة في زاوية الغرفة لأُجيبه قبل أن يسأل:" هذه ليست المكتبة، إنها للزينة فقط".

مملكة نوبـري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن