6

1.8K 113 97
                                    


نبيل

هل تراني سأعتاد على إطلالاتها المميزة التي تزيد من جمالها بشكل لا يتناسب مع اسلوبها الفظ؟.. ما زلتُ أحتاج بضع ثواني كلما التقينا صباحاً لأستوعب حسنها ثم أتصرف بطبيعية وفقاً لما يناسب شخصيتها.. الأمر ليس إعجاباً.. فلا تعجبني المرأة المتكبرة والتي تعادي الرجال أجمع فقط لأنها مرت بتجربة سيئة مع رجل.. لكني لا أستطيع إنكار حسنها.. جمالها مميز لدرجة أنني لا أستطيع تجاهله رغم تصرفاتها البغيضة.. إنها ما تزال تعمل على إيجاد حارسة شخصية.. حتى الآن لا نتيجة.. وكلما طال الوقت كلما فقدت صبرها وتصرفت بعداوة أكبر.. وكأنها تلومني على عدم وجود حارسة شخصية لتحلّ مكاني.. قضت النصف الأول من اليوم ما بين زفرات عالية، تمتمات غاضبة، تحريك الأرواق والأشياء بانفعال و توجيه نظرات البغض نحوي.. كنتُ أتجاهل كل تصرفاتها.. وكان التجاهل يثير غضبها أكثر.. للحظة جعلتني أشك في نفسي.. هل قمتُ بفعلٍ أغضبها؟.. ربما أحسّت بنظرتي صباحاً؟.. و حقدها على الرجال يجعلها لا تتقبل ذلك النوع من النظرات؟.. تنهدتُ وأنا ألوم نفسي على نظرات لم أكن أقصد بها أي إساءة.. نهضت لترتدي سترتها الخفيفة و تحمل حقيبة يدها دون قول شيء.. فنهضتُ وقد فهمتُ أنها تنوي الخروج في موعدٍ ما.. إنها حتى لم تعد تخبرني بأي شيء.. غادرنا سوياً نحو وجهة مجهولة.. لكن يبدو أن المكان قريب لأننا لم نستقل سيارة أجرة.. كعادتي بقيتُ أراقب كل الاتجاهات وأنا أسير بجانبها.. تاركاً مسافة المترين بيننا لأن الطرق التي سلكناها كانت شبه خالية من الناس.. رغبتُ بسؤالها عن المكان الذي نقصده.. لكنني كنتُ أعلم بأنها لن تجيب فالتزمتُ الصمت.. ثم لمحتُ شيء.. أو شخص.. كان ضخماً.. بلحية كثيفة.. ويتلألأ على رقبته سلسال فضي.. كان يسير في الجهة الأخرى.. يفصل بيننا طريق السيارات الذي تمرّ فيه سيارة كل دقيقتين أو أكثر.. اقتربتُ من رحيق.. رمقتني بنظرة حادة كعادتها كلما اقتربت.. فقلتُ وأنا أدعي النظر إلى الأمام دون اهتمام:

ـ اكو شخص دا اشك بيه يلحكنه، تصرفي طبيعي بس امشي وياي بدون جدال أو سؤال. و ديري بالج تلتفتين.

ظننتها ستعترض على جميع ارشاداتي.. لكنها لم تفعل.. بل سارت معي بصمت.. وسمحت لي بتغيير الوجهة.. انتظرتُ حتى رأيتُ طريقاً جانبياً فدخلتُ فيه ونظرتُ في الاحتمالات سريعاً.. إنه طويل.. لن ننجح في الهروب قبل وصول الرجل.. لكن يوجد مخبأ سيعطيني الفرصة للتغلب عليه رغم ضخامته.. خلف حاويات القمامة الكبيرة التي كانت مصفوفة جانباً عند جدار الطريق الضيق.. أمرتُ رحيق بأن تجري نحو الحاويات بأقصى سرعة قبل أن يصل إلينا.. كنتُ قد نسيتُ أنها ترتدي الكعب وأن الجري به أشبه بالمستحيل.. فأمرتها بخلعه سريعاً.. ثم قصدنا الحاويات بسرعة كبيرة.. جلست رحيق خلف إحداهن فجلستُ بجانبها.. ثم ركزتُ سمعي وأنا أنتظر سماع خطوات الرجل.. لكن كل ما كنتُ أسمعه هو أنفاس رحيق اللاهثة.. ولاحظتُ أن يداها الممسكة بالحذاء ترتعشان بشكل خفيف.. ثم سمعتها.. خطواته السريعة.. يجري بسرعة وهو يبحث عنا.. انتظرتُ اقترابه أكثر.. حتى رأيتُ خياله على الأرض.. كانت يده تحمل سلاحاً.. لم يسعني الوقت للتفكير إذ أنه لو مرّ بجانبنا فسينتبه لوجودنا.. نهضتُ بحركة مباغتة و رفعتُ قدمي بعلوٍ شاهق لأنزلها بضربة قوية على يده حتى أسقطتُ السلاح وأفقدته الإحساس بيده كما تعلمتُ من رياضة التايكوندو.. وفي حالة ذهوله تابعتُ هجماتي بركلة تحت قفصه الصدري ليفقد الهواء وبعضاً من توازنه.. و ركلة أخرى ليرتطم ظهره بالجدار الحجري حتى ضغطتُ بساعدي على رقبته الغليظة أمنعه من الحراك.. سألته وأنا أصكّ على أسناني:

تحت حمايتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن