هل انقلبت حياتك من قبل رأساً على عقب بسبب قرار بسيط اخذته دون حتى أن تعطى له اهتماماً كافياً؟
أعتقد أن هذا حدث لمعظمنا.. فكيف لنا أن ندرك وقت اتخاذنا لهذا القرار البسيط أنه ليس ببسيط؟!
تماماً مثل (نور) وصديقة عمرها (مريم) عندما قبلا دعوة زميلهم بالكلية لخروجة جماعية، ولم يدركا أن موافقتهما على هذه الخروجه سوف تغير حياتهما تماماً..
كانت (نور) فتاة جميلة لدرجة ملفتة، تبدو أكبر من عمرها الحادى والعشرين، جالسة على هذا المقعد بالجامعه منهمكه فى الحديث مع صديقتها (مريم) عندما أقبل عليهما زميلهما (ممدوح) وقاطع حوارهما ليدعوهما لخروجه جماعيه بعد المغرب، فأجابته (نور) بلا تردد:
- خلاص ماشى موافقه هو انا ورايا ايه يعنى؟!
ونظرت لصديقتها (مريم) الجالسة بجوراها، وسألتها:
- انتى جاية معايا طبعاً مش كدا؟
على عكس (نور) كانت (مريم) محجبه يطل من عينيها ذكاء جذاب يزين وجهها الجميل، وبدا عليها أنها مشغوله بالبحث بنظرها عن شخص ما وسط ازدحام الطلاب، وهى تجيب على سؤال صديقتها:
- اه طبعاً يا حبيبتى اكيد معاكى فى اى حاجه.. بقولك ايه هو (لؤى) مش كدا اتأخر عليكى؟
كانت (نور) على وشك أن تجيبها، لكن (ممدوح) قال:
- بمناسبة (لؤى) صحيح.. هو فين عشان اعزمه على خروجة بالليل؟
قالت (نور) وهى تداعب بأصابعها شعرها الأسود المنساب بنعومه:
- هو اتأخر فعلاً بس زمانه جاى دلوقتى.. امشى انت يا (ممدوح) لو عاوز وأنا هقول لـ(لؤى) على الخروجه لما يجى.
ثم أكملت فى رومانسية وهى تحتضن الكتاب الذى تمسكه:
- وهو اكيد هيــوافق.. منا اصلاً مش هاجى الخروجه غير لو هو معايا.
قالتها دون أن تلاحظ الغيرة التى ظهرت على وجه صديقتها (مريم)، بينما ضحك (ممدوح) وقال:
- اكيد طبعاً وهى دى تبقا خروجه بالنسبالك من غير حبيب القلب؟!
ظهر الضيق على (مريم) من هذا الحوار، لكن هذا سريعاً ما تحول إلى لهفه وسعادة بمجرد أن لمحت عيناها (لؤى)، فوجدت نفسها تلوح بيدها له وصاحت:
- (لؤى).. احنا هنا اهو.
ثم انتبهت أن لهفتها عليه واضحه فحاولت أن تخفيها، بينما التفتا (ممدوح) و(نور) إلى (لؤى) الذى أتى على صوت (مريم) وأقبل عليهم بــابتسامته الساحرة فكان أشبه بنجوم السينما وهو ينظر لـ(نور) ويقول:
- إتأخرت عليكى يا حبيبتى؟
إبتسمت (نور) له فى حياء وحب وأجابت:
- ولا يهمك يا حبيبى.
رسمت (مريم) فى تلك اللحظه على وجهها ابتسامه صـفــراء، رغـم أنها فى أعماقـهــا كانت تشتعل غيرة وغضباً، فـحاولت أن تغـيــر الموضــوع فنظرت لـ(ممدوح)، وتسائلت:
- وهى (نرمين) هتيجى طبعاً مش كدا؟
اعتدل (ممدوح) فى وقفته وقال للثلاثة فى حماس:
- طبعاً جاية.. ماهو دا الخبر اللى بسببه عازمكم انتوا التلاته النهاردة بالليل.. انا و(نرمين) خلاص هنتخطب كمان أسبوعين.. انا كلمت ابوها وقابلته امبارح وموافق.. ومحبتش بس اقولكم على الموبايل عشان اقولهالكم وانا معاكم.
ظهرت المفاجـــأة على الثلاثه، وصرخت (نور) فى سعادة وقالت:
- معقول؟!
بينما احتضنه (لؤى) قائلاً بصوت مرتفع:
- مبروك يا دوحه يا حبيب قلبى.
بينما قالت (مريم) فى برود وهى تلعب فى طرحتها:
- مبروك يا (ممدوح).
قالتها وهى تتسائل فى أعماقها.. هل يمكن أن ياتى اليوم الذى تعلن فيه هى و(لؤى) خطوبتهم؟!
بالطبع لا.. فهو يعيش قصة حب مع صديقة عمرها (نور)، ولا يلاحظا عشقها المدفون بداخلها له..
"طب سلام انا بقا واشوفكم بالليل"
خرجت (مريم) من شرودها على صوت (ممدوح) يقول هذه الجملة لهم وانصرف بعدما ردوا الثلاثة عليه السلام، ثم أمسك (لؤى) يدا (نور) ونظر لها قائلاً فى حب:
- عقبالنا يا حبيبتى.
فابتسمت (نور) فى حياء ونظرت أرضاً، ولم تستطع (مريم) أن تتحمل أن تشاهد تلك اللحظه أمامها، فنظرت بعيداً حتى لا ينتبها للدمعه التى سالت من عيناها فى حسرة..
ولم يدرى أحدهم أن خروجة تلك الليلة سوف تقلب حياتهم تماماً.. وبلا رجعة!
* * *
وفى غرفتهم الصغيرة فى هذا المنزل المتواضع، قال (لؤى) لأخيه (كريم) والأول يغير ملابسه:
- ها هتيجى الخروجة معانا بالليل؟
أجابه (كريم) الذى كان مشغولاً بقراءة كتاب:
- لا مش جاى.
- لكن (مريم) جاية.
- علـــى أساس إنها بتاخد بالها من حد غيرك أصلاً طول ما انت موجود؟!
عقد (لؤى) حاجبيه فى ضيق من سؤال أخيه، وهو يقوم بتسريح شعره أمام المرآه، ونظر لأخيه خلال المرآه مجيباً:
- يابنى شيل الكلام دا من دماغك.. انت ناسى انى مرتبط بـ(نور) صاحبتها؟.. يعنى أنا و(مريم) زى الاخوات.
وضع (كريم) الكتاب جانباً، وقال لأخيه فى سخرية:
- اه ماهو دا بيكون واضح جداً فى نظراتها ليك.. بيكـون كلـها أخــــــوة!!
لم يعلق (لؤى) على سخرية أخيه، وقال لينهى الحوار:
- يعنى هتيجى ولا لأ؟
- طيب مين تانى جاى؟
- غير أنا وانت و(نور) و(مريم)؟.. (ممدوح) و(نرمين) بس.. اساسا ماهو (ممدوح) اللى عازمنا بمناسبة خطوبته على (نرمين) اللى هتبقا الاسبوع الجــاى.. هيعزمنا فى مطعم نضيف كدا من بتوع (ممدوح).
- طيب طيب هاجى عشان بس الأكل اللى مبشوفوش غير فى الأماكن النضيفه دى!
رد عليه (لؤى):
- يعنى مش عشان خاطر أخوك الصغير يا معفن؟.. ماشى ياعم.
قال (كريم) فى تهكم:
- الصغير؟!.. انت عشان أصغر منى بسنة يبقا صغير؟.. طب هو فى صغير بيقول لأخوه الكبير (يا معفن) يا معفن؟!
رد (لؤى) وهو يضحك:
- وكمان هخليك تجرب تشرب ويسكى معايا انهردا.
نظر له (كريم) فى غضب، وقال فى جدية:
- مستحيل طبعاً أشرب الزفت دا.. أستغفر الله ياعم ربنا يهديك.
واصل (لؤى) ضحكه، وقال:
- والله انت الخسران ياعم.. متشربش برحتك.. بكره تندم.
نظر (كريم) له فى استنكار ومط شفتيه ضارباً كفاً على كف كأنه يقول له (غُلبت فيك)، وقال مغادراً الغرفه:
- دانت شيطان يا أخى!.. اشوفك بالليل بقا واحنا خارجين.
- ماشى يا عم (كريم).
قالها (لؤى) وهو لم يكف بعد عن الضحك، ثم ألقى بجسده على السرير وأمسك كتاب الطب البشرى الذى كان يقرأه أخيه وفتحه وأخذ يتصفحه سريعا للحظات، ثم ألقاه بجواره وهو يضحك وغمغم قائلاً لنفسه فى تعجب:
- أنا عارف بتستحمل تقرأ الحاجات دى إزاى!.. ربنا يهديك انت ياعـــم والله!
* * *
أنت تقرأ
إكسير الموت - Elixir Of Death
Fantasyكثيرًا ما نقابل الناقمين الراغبين في الموت، ولكن هل هم على استعداد للانتحار حقا؟! معظمهم لا.. فغريزة البقاء تقوم بدورها وتجعل حتى أكثر المتشائمين والناقمين يفعل المستحيل ليعيش.. فالحياة حقا تجربة تستحق أن تحارب من أجلها! ولكن إلى أي مدى؟ وما هي حدود...