ما زلنا فى يوم السادس عشر من يناير، واقتربت الساعه من العاشرة مساءً فى تلك الليلة القارصة البرودة، خصوصاً على كوبرى قصر النيل حيث أخذ الهواء البارد يداعب شعر (نور) فى جمال وهى تفرك يديها لتستمد منها الدفئ، وقال لها (كريم) وهو يسير بجوارها واضعاً يداه فى جيب الجاكيت:
- انا بلوم نفسى إنى أخوه وعايش معاه فى أوضه واحدة ومخدتش بالى من اللى بيعمله دا!.. انا اخ زباله!
- وهو انا يعنى اللى خدت بالى..مهو ضحك عليا زى العبيطه اهو!
توقف (كريم) عن السير، فوقفت هى بدورها، فوجدته يخلع الجاكيت قائلاً:
- امسكى.
وأكمل مازحاً وهو يناولها الجاكيت:
- بس معرفش هيجى على مقاسك ولا لأ.. اصلى تخين زى مانتى شايفه!
ظهر عليها الامتنان وأمسكت الجاكيت قائلة:
- مش لدرجة تخين يا (كريم).. بس انت كده هتبرد جامد!
قال ضاحكاً:
- وهو يعنى البرد هيعمل فيا ايه؟.. هيموتنى؟!
ردت عليه وهى تضحك أيضاً:
- وتبقا زومبى بقى زى (ممدوح).
وارتدت الجاكيت، وثم استندت ونظرت للنيل وكذلك (كريم) الذى نظر لها فى تعاطف ولاحظ تغير ملامحها ففجأة اختفت الابتسامه من وجهها وظهر الأسى وهى تقول:
- هو احنا هنعمل ايه؟!
والتفتت له فى بطئ وسالت دمعه من عيناها قائلة:
- خلاص هنموت؟!
لم يعرف (كريم) هل يواسيها أم يشاركها ألمها وألمه ، ووجد نفسه يقول فى حسرة:
- تقريباً مفيش قدامنا حل تانى!
دوى صوت رنة موبايل (كريم) ، فأخرجه ونظر للشاشة وعقد حاجبيه قائلاً:
- دا (لؤى)!
ظهرت اللهفه والسعادة على وجه (نور) ، ولكن ما لبثت أن استعادت جمودها وسألته:
- هترد؟!
- رأيك ايه؟.. هيكون عاوز يقول ايه؟
- رد وهنعرف!
رد (كريم) على أخيه، واستخدم مكبر الصوت حتى تستطيع (نور) أن تسمع، وأتاهم صوت (لؤى):
- (كريم).. انت فين؟! .. و(نور) معاك ولا ايه؟
- اه معايا.. عايز ايه؟
- عايز اقابلكم .. لازم تسمعونى.. دا انا (لؤى) مهما كان!
تبادل (كريم) نظرة مع (نور) وظهر عليهما التردد، ولم ينطق احدهما حتى عاد (لؤى) يقول فى رجاء:
- قولولى بس مكانكم وهجيلكم اهو.. مش هتخسروا حاجه لما تـســمعونى.
ردت عليه (نور) هذه المرة وقالت فى حدة:
أنت تقرأ
إكسير الموت - Elixir Of Death
Fantasiaكثيرًا ما نقابل الناقمين الراغبين في الموت، ولكن هل هم على استعداد للانتحار حقا؟! معظمهم لا.. فغريزة البقاء تقوم بدورها وتجعل حتى أكثر المتشائمين والناقمين يفعل المستحيل ليعيش.. فالحياة حقا تجربة تستحق أن تحارب من أجلها! ولكن إلى أي مدى؟ وما هي حدود...