1_
ما الذي جاء بها الي هنا؟!
مضت ستة أشهر على وفاته في حادث سير مُروع، بعد أن اخترقت حنجرته أسياخ حديدية كانت مُحمله فوق الشاحنه التي تسبق سيارته ونفذت للإتجاه المقابل، الي متي ستظل تُقرع نفسها لتقاعسها عن حضور جنازته؟، ها هي وكما تفعل أسبوعياً، تأتي إليه وتجلس على حافة قبره بانحناءة مبالغة الي الامام، ملابسها السوداء الطويلة كقامتها مُتغبر ذيلها بغبار المقبرة، وتعتذر.. تعتذر عن كل شيء.
كيف تحضر جنازته وهي التي قتلته؟!، ألم تكن هي التي أصرت على أن يقلها إلى حفل زفاف زميلاتها في العمل، ماذا لو اطاعت والدتها ولم تذهب إلى الحفل، هل كان هذا كفيلا لقائه حياً يملأ البيت دفئاً وحباً كما هي عادته دوماً، هال تستطيع أن تنسى جحوظ عينيه، وهو يرتعش ودماؤه تنزف حول الاسياخ التي التي أصبحت هي وجسده الطويل قطعه واحده، لماذا لم تمتْ هي الأخرى لترتاح أسرتها من شؤمها؟، هذه هي عبارة والدتها دوماً منذ أن وقع هذا الحادث المشؤوم، تُسمعها اياها كل ليله وهي تصرخ محتضنه صورته المؤطره، وهل تحتاج إلى صورته؟، ملامحه منقوشه بداخلها على الدوام، عيناه شتويتان تبرق كلما ابتسم، شعره الرمادي بفعل السنين لم يزده سوي جاذبيه في عيني شريكه عمره، وابنته التي تعشق حنانه النادر وهوه يناديها باسم جدتها المُحبب لهما. تحسست (رؤى) ثري القبر الندى باناملها وهى تهمس بألم..:_أبي، صدقني لو عادت تلك اللحظة لما خرجت الي ذاك الحفل أبداً، لكنت اطعت والدتي، أبي احتاجك، احتاج مساندتك، منذ رحيلك وامي تكرهني، بيتنا لا يُطاق بدونك، انا لا ألومها، أنا.....
قاطعتها نحنحه متحشرجه مرتبكه آتية من خلفها، التفتت عاقده حاجبيها متوتره بتوجس فاصطدمت بامرأة نحيله تقف عند باب المدفن ورغم المشقة الباديه عليها الا انها تقف باستقامه واعتزاز وكأنها قد حازت لتو نصراً ما، تُعدل من وضع نظارتها الشمسية القاتمه بتلكؤ و لهيب حرارة الصيف جعل جبينها يتفصدُ عرقاً وهي تمسحه بمحرمه ورقية بيضاء. نهضت (رؤى) من مجلسها بجوار القبر تنفض ثوبها وتقدمت نحوها بارتياب، صعدت المرأة درجة السلم التي فصلت بينهما وتنحنحت مره اخرى قائله بهدوء، لا تعرف كيف تبدأ حديثها..
:_اممم، اعتذر عن تطفلي، ولكن...
صمتت مره اخري وقد نال من نبرتها بعض الارتباك قبل أن تحسم أمرها وهي تمد كفها قائله بحسم..
:_آنسه (رؤى) أُعرفك بنفسي، انا (هاله)
انعقد حاجبا (رؤى) أكثر وهي تنظر إليها بشكٍ، من هذه؟ وكيف تعرفها؟! نظرت إلى كف (هاله) الممدوده نحوها ثم عاودت النظر إليها متسائله...
:_هل تعرفينني؟!
سحبت هاله كفها بتفهم وقالت بابتسامه مرتعشه وهى تنزع نظارتها ببطء..
:_لدي طفلتان توأمتان في دار الروضه التي تعملي بها، (جني) و(لُجين) لو تذكريهما، تتكلمان عنكِ بحروفهما المتعثرة تلك طوال الوقت، معي!!
أنت تقرأ
"وقالت لي"
Gizem / Gerilimتفحص الكاتب الصحفي عبدالخالق مروان المظروف بين يديه مندهشا، ثم بدأفي فتحه وفض الأوراق منه وقراءة مابين سطورها بفضول، حينها علم بأنه أمام حاله فريده من نوعها تحتاج الا تأمل عميق وصبر طويل لفك احجيتها والغازها قبل الحكم عليها، وقد تيقن من ذلك عندما وص...