جزء ٩

925 17 0
                                    

اسيرة_الماضي (الحلقة الحادية عشر)

أفاقت من نومها على صوت جرس الباب....و أحدهم يطرق عليه بإصرار....فنهضت من فراشها ببطء....و هى تشعر بالألم الشديد فى بطنها المتكورة....لتتجه إلى الباب و هى تتوعد طارقه....و ما إن فتحته حتى وقع عيناها على أمجد بصورته الغاضبة....و ابنتها التى يحملها على ذراعيه....و وجهها الشاحب و عيناها الدامعتين....تجمدت برهة فى مكانها...قائلة :
- نور....إنتى...إنتى بره إزاى

عاد العمل لعقل ناهد مرة أخرى....و هى تنظر إلى أمجد الذى إستأذن الدخول....فأفسحت له الطريق على الفور....فلا عجب أنها ترتعد فرائصها منه هى الأخرى....توجه مُباشرة إلى غرفة نور ليضعها على فراشها بهدوء.....و لكن صياحه الذى بدأه معها منذ ان التقطها من يد شريف....ما زال يصم أذانها....نظر لها بعينين غاضبتين....و هو يتحرك أمامها يميناً و يساراً....قائلاً :
- انا عايز أفهم بقى إنتى إيه اللى نزلك النهاردة....و هو مش فى بنى آدم لازم تعرفيه باللى إنتى بتعمليه....و لا ماليش لازمة أنا خلاص....و إزاى أصلاً تسمحى لنفسك تمشى مع واحد غريب كده....انا مش فاهم إنتى كنتى بتفكرى إزاى
نظرت له نور بأعين دامعة....و نبرات تخنقها البكاء....قائلة :
- كفاية بقى يا أمجد...انت من ساعة ما شفتنى و إنتى عمّال تزعق فيّا....حرام عليك بقى....و مش راضى تسمعنى خالص....انا صحيت لقيت نفسى كويسة و كان عندى عملى النهاردة....فلبست و بصيت على ماما لقيتها نايمة مارضيتش أصحيها....و لما نزلت مش لقيتك موجود....فمشيت و بعد ما بعدت عن البيت لقيت نفسى مش مظبوطة....و اللى انت شوفته معايا ده انا لقيته قدامى فجأة....و بعد كده ما حسيتش بحاجة....غير و أنا فى المستشفى....و بعد كده روحنا ماكنش هينفع أروح لوحدى....و إحنا مش كنا نازلين نهزر مع بعض....المفروض كنت على الأقل تشكره على اللى عمله معايا

أنهت نور حديثها....ليحدث عكس ما توقعته تماماً....فقد انتفخت أوداج أمجد أكثر و أكثر....لترتجف أوصال نور من رؤية وجهه هكذا....فأحتمت بالغطاء.....و تدثرت به جيداً....بينما هو فرك كفيه بقوة....ثم تركها و ذهب دون ان ينبث ببنت شفه

رفعت نور برأسها قليلاً....لتُقابلها عينى ناهد المُعاتبة.....أدارت بعينيها فى أرجاء الغرفة فلم تجد له أثراً....فأعتدلت قليلاً....مُتسائلة :
- هو مشى
أجابتها ناهد بعتابٍ واضح....قائلة :
- هو انتى مش عارفة انه بيزعل منك لما تعملى حاجة من غير ما يعرف
فاض بنور الكيل أخيراً...لا تدرى لِما لم تُبرر موقفها أمامه....هى لم تكن مُخطئة على حد تعبيرها....فصاحت بناهد قائلة :
- انا بصراحة مش شايفة ان انا عملت غلط....انا مش عارفة هو مكبر الحكاية اوى كده ليه....ده بدل ما يقولى ألف سلامة عليكى
جلست ناهد بجوارها....و هى تمسح على شعرها بحنان....قائلة :
- يا حبيبتى انتى عارفة ان أمجد بيخاف عليكى اوى....فلو لقدر الله لو كان حصلك حاجة....كان هيعمل ايه

ارتمت نور فى أحضان ناهد....و أجهشت فى نوبة بُكاء مريرة لا تدرى ما سببها....شعرت بقلبها يؤلمها....شعرت بأنفاسها المحبوسة داخل قفصها الصدرى....شعرت انها تعجز عن التنفس و ما هى إلا ثوانى معدودة و ستصعد الروح إلى بارئها....هناك شيئاً ما تفقده....لم تشعر بذلك الشعور من قبل....كثيراً ما نشعر بأحاسيس غريبة....تظهر من العدم....سواء أكانت مُفرحة....فتجد القلب يرقص طرباً لها....و الشفاه تعلوها البسمة المُبهجة دون سبب....و كذلك الحزن....يعتمل الصدور دون سببٍ جلي....ليملأ القلب حُزناً....و تكسو الدمع العيون فتغشاها و لا تستطيع ان ترى شيئاً

أسيرة الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن