جزء ١٢

760 14 0
                                    

اسيرة_الماضي (الحلقة الرابعة عشر)

هل تسرب يوماً شعور الخوف إليك
خوفاً من أن تفقد عزيزاً لقلبك
خوفاً من حاضر سيُحدد مصير حياتك
خوفاً من مستقبل سيُسعد أيامك
شعور يجتاح كيانك يُغير مور انفعالاتك
شعور يرتجف له أوصالك
يرتعد لذكر إسمه قلبك

وقفت نور أمام غرفتها تتأمل أرجائها....تتأمل محتوياتها....خطت خطواتها إلى الداخل تتلمس أشيائها....فلكل قطعة منها لها ذكرى معها....ذكرى خاصة بها و بأمجــــد....التقطت دُميتها الصغيرة التى تعشقها....تذكرت عندما نالت أعلى الدرجات....و أحضرها لها أمجد....و كذب عليها و قال بأن والدها هو الذى أحضرها....تذكرت ذلك اليوم و كأنه أمس....إبتسمت إبتسامة حزينة....عندما تذكرت وجهه و هو يتصنع الحزن لعدم قدرته على إحضار هدية لنجاحها

جلست على مكتبها الصغير....و تحسست سطحه....تذكرت عندما حمله أمجد و وضعه فى ذلك المكان....كانت من حين إلى آخر تُبدل محتويات غرفتها....إلا ذلك المكتب لابد و أن يظل كما هو....كما وضعه أمجد....فتحت إحدى أدراجه و أخرجت منها بعض أغلفة الحلوى المُلونة....إتسعت إبتسامتها و هى تتذكر عندما كانت تبتاع حلواها حسب القميص الذى كان يرتديه....و تحتفظ بأغلفة تلك الحلوى حتى أصبح الدرج مُملتئ بتلك الأغلفة

فتحت درجاً آخر و أخرجت منه دفتراً صغيراً.....و نهضت تخطو خطواتها إلى فراشها....و عيناها تجول على حوائط الغرفة....نظرت إلى الصور المُعلقة....تعلق نظرها بإحدى الصور و هى تركب أمام أمجد على إحدى الدراجات....و طلب من أحدى المصورين أن يتلقط لهم صورة فوتوغرافية....ليرفعا إثنتيهم بأذرعهم عالياً و هم يضحكان

نظرت إلى دفترها.....و الذى أيضاً أحضره لها العام الماضى....تذكرت إبتسامته و هو يمد بيده لها....تذكرت كفه الحنون ليُربط على رأسها بعد أن أحتضنته لسعادتها البالغة....فتحت أولى صفحاته.....لتتذكر عندما أمسكت بقلمها...و دونت إسمها عليها.....و لكن كان إسماً غريباً.....فكنيتها نور رأفت....و لكنها لم تُدونه هكذا.....بل دونته نور أمجد....نعم.....كانت تشعر....لا.....بل أقرت لنفسها بفعلتها تلك أن أمجد والدها.....ليس فقط ذلك بل أقرت بأنه كل شئ لها فى ذلك العالم.....فكانت درجة إرتباطها بها فاقت كل الحدود.....أقرت بذلك لكونه المسئول عن كل شئ يخصها.....فطالما كان كذلك معها.....دائماً ما كانت تشعر بالأمن و الأمان جواره.....لطالما كان لا يُشغل تفكيرها بأى شئ يحدث....فكيف لها بعد كل ذلك لا تمنحه الشئ الوحيد الذى يفصله عنها

ظلت تنتقل من صفحة إلى أخرى و هى تقرأ سطورها....تلك السطور التى تُذكرها بكل لحظة من حياتها كانت فيها برفقة أمجد....فهو لم يتخلى عنها يوماً......لم يغب عنها دوماً.....فى كل حين و فى أى وقت كان رفيقاً لها.....حتى عندما كانت تمرض هو من كان يرقد بها إلى الطبيب....و يتذكر مواعيد علاجها....و يهتم بصحتها.....تذكرت عندما كانت تبكى و هو يمسح بأنامله عبراتها المُتساقطة.....و ذلك لأنه يودعها آخر اليوم حتى يسمح لها و لنفسه بنيل قسطاً وفيراً من الراحة....بعد أن أمضا يوماً مُجهداً من المرح و المزا و اللعب....كانت لا تحتمل فُراقه عنها لبعض الوقت....مر شريط حياتها فى تلك الدقائق المعدودة....و كأنها تعيشها للتو و اللحظة.....فهربت عبراتها الساخنة التى لم تعد تتحملها مُقلتيها أكثر من ذلك بهـــا

أسيرة الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن