جزء ٢٥

652 14 0
                                    

اسيرة_الماضي (الحلقة السابعة والعشرون)

غادر أحمد الـعـقـار الذى يقطن به....يُركل الحصوات الصغيرة التى تُقابله بغضبٍ عارم....ليستقر بجسده بجوار أمجد....الذى كان الأخير مُنهمكاً بعمله....فزفر أحمد بقوة....قائلاً :
- أووووووووووف....و الله الواحد خلااااااااص....جاب آخره....و يرجعوا يقولوا الشباب العاطل اللى مش بيعمل حاجة....طيب ما تشغلونا الله يخرب بيوتكم....و بعدين نبقى....يلا....اللى يرحمك يا زمن....الواحد مش راضى يتكلم....كان زمانه....يعنى مشفتشهفعت....و بس

نظر له أمجد مُتأثراً....فأحمد لا يكِلّ من البحث عن عملٍ ليلاً نهاراً....يعلم جيداً أن حال أخيه حال الكثير من الشباب....بل هو أفضل مثالاً....تخرج من كلية الهندسة بأفضل تقدير....يسمح له بالعمل فى أفضل الشركات....و لكن ها هو حاله....يعمل بمجال ليس مجاله....حتى يستطيع كسب ملاً....و لا يُلقى بعبئه على والدته

ضحك أمجد من هذيان أحمد فى آخر حديثه....ليُلوح أحمد بكفه....قائلاً :
- و كل لما أروح مكان يقولى يُشترط الخبرة....طيب يعنى يا فكيك انت و هو هو انا اتنيلت اشتغلت عشان يبقى عندى خبرة....و الله الواحد راضى بأى حاجة....حتى لو هشتغل رئيس جمهورية....بس أهو شغل و خلاص
إرتفعت ضحكات أمجد....قائلاً :
- ههههههههه...رئيس جمهورية مرة واحدة....و جاى على نفسك ليه
نظر أحمد لأخيه بإستنكار.....قائلاً :
- و انت فاكر ان رئيس الجمهورية دى حاجة سهلة.....دى هتاخد من وقتى و مجهودى الذهنى و البدنى
سأله أمجد و هو يستكمل عمله....قائلاً :
- و انت بقى عندك استعداد تتحمل مشاكل الناس دى كلها
عقد أحمد ذراعيه أمام صدره....و رفع كتفيه بلا مُبالاة....قائلاً :
- و ايه اللى جاب مشاكل الناس لرئيس الجمهورية
رفع أمجد أنظاره ينظر لأخيه....قائلاً :
- اومال انت فاكر ايه
أجابه أحمد ببراءة...قائلاً :
- لاء انا رايح أقضى على مشكلة زحمة الأكل اللى فى المطبخ هناك....الناس يا حرام مش لاقيه مكان فى بطنها تخلص الأكل اللى الطباخين شغالين فيه طول نهار....انا بشوف كده فى التليفزيون
حملق أمجد فى وجه أخيه....ثم ما لبث أن إنفجر ضاحكاً....قائلاً :
- ههههههههههههههه....يا بنى انت كل حاجة بتفكر فيها الأكل....و بعدين هو اى حاجة بنشوفها فى التليفزيون يبقى صح و نصدقها....ما هما كل يوم يقولك قضينا على البطالة....و بيقولوا قدرنا نوظف مش عارف قد كده من الشباب....انا و لا انت اشتغلنا
رفع أحمد حاجبيه إلى أعلى....قائلاً :
- تصدق صح....كلامك منطقى سليم
همّ أحمد بالمُغادرة....فأكمل :
- طيب عنئذنك بقى
سأله أمجد مُتعجباً....قائلاً :
- ايه رايح فين
إستدار أحمد بجسده...ليُجيب أخيه....قائلاً :
- هنهى الصراع القائم بين الخير و الشر....هروح أكسر التليفزيون على أم المذيعة اللى كل يوم تقرف فى أمى و تجوعنى على الفاضى

ذهب أحمد فى طريقه....يُهمهم بكلمات غير مفهومة.....تاركاً أمجد خلفه ينتابه الكثير و الكثير من المشاعر المُتضاربة....شعور بالألم تجاه أخيه الذى تخرج منذ أعوام....و إلى الآن لم يستطع اللحاق بأى وظيفة....و شعور بالحسرة....لمِا يحدث حوله من تعيين كل من كان له نصيب من قرابة من شخصاً هاماً....فكل من يُريد الحصول على وظيفة لابد له من اللجوء إلى ما يُسمى بالوسطة....فأصبح كل شئ فى هذا البلد لا يسير سوى بشيئين....الواسطــة و الرشــــوة....فقد أصبح الغنى هو من له كل السلطة....هو من له كل الحق فى العبث هناو هناك....فألا يكفيه ما بحوزته...ألا يكفيه المال الذى يُكنزه بالبنوك....ألا يكفيه سُلطاته و مُمتلكاته....هكذا حال دُنيانا....فلا عزاء للفقــــراء

أسيرة الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن