جزء ١٦

660 11 0
                                    

اسيرة_الماضي (الحلقة الثامنة عشر)

فى الصباح الباكر إستيقظت نور....قامت بمهامها اليومية المُعتادة....كان وجهها شاحباً للغاية....عقلها شارداً فى عالم آخر....كانت تتحرك فى أرجاء منزلها كالآلات المُتحركة....وقفت أمام مرآتها قليلاً....تنظر إلى معالم وجهها الحزين...فرّت عبرة ساخنة و هى تتذكر معالم تلك الفتاة التى كان يملأها الحيوية و النشاط و المرح....تذكرت تلك المقالب التى كانت تقوم بها....و يقع أمجد ضحيةً لها....ليصدع ضحكات ذلك الثُنائى الرائع ليملأن المكان به

إبتسمت إبتسامة حزينة....صغيرة...و هى تتذكر كل ما خلّده أمجد فى عقلها عن تلك الحياة التى كشرت عن أنيابها لها فجأةً

أغمضت عيناها و تنهدت بهدوء...ثم قامت بإرتداء حجابها كما علّمتها دعاء...و توجهت إلى غرفة ناهد....تُلقى نظرة سريعة عليها....ثم غادرت سريعاً

وقفت نور أمام إحدى الxxxxات تنتظر أحدهم....تأملت الxxxx المُحطم بعضاً من جدرانه...لولا إلتصاقه بتلك البنايات المُجاورة له....لأنهار منذ زمن....شعرت بالرأفة حِيال الذين يقطنون ذلك الxxxx....حانت منها التفاتة ليقطع شرودها....لتجد إيمان تهبط الدرج بسرعة كبيرة....حتى كادت أن تتعثر فيه

وقفت أمام نور و هى تزفر....ثم نظرت إلى الخلف قائلة :
- كل يوم يمسكنى المسكة دى
نظرت نور إلى النقطة التى تنظر إليها إيمان...قائلة :
- هو مين ده اللى بيمسكك
أجابتها إيمان و هى تتأبط ذراعها....يسيران بجوار بعضهما البعض...قائلة :
- كل يوم السلمة دى تمسك رجلى كده...المهم عندك امتحان ايه النهاردة
إبتسمت نور لدُعابتها....قائلة :
- قواعد الموسيقى العربية
رفع إيمان حاجبيها إلى أعلى....قائلة :
- واو...بتاع أمان يا لالالى
نظرت لها نور بطرف عيناها قائلة :
- إيه....انتى شكلك من كتر المسلسلات التركية اللى بتتفرجى عليها....دماغك ضربت....آمان يا لالالى إيه
ضحكت إيمان قائلة :
- ما انتوا بصراحة بتدرسوا حاجات غريبة اوى....و بيخ و بتنوفه و....
قاطعتها نور قائلة :
- بس بس بس...بقى باخ...يبقى اسمه بيخ....و بيتهوفن...يبقى بتنوفه....خليكى علم الجنان بتاعك أحسن

ظلت الفتاتان يمزحان و يضحكان....حتى وطئت أقدامهم المحطة....إستقلا الحافلة سوياً....جلست نور فى المقعد المُفضل لها

جلست إيمان بجوار نور...و قد انتبهت لتوّها بوجهها الشاحب....فربتت على ساقها برفق....قائلة :
- مالك يا نور....شكلك تعبان اوى
إلتفتت نور إلى صديقتها تُطمئنها بإبتسامة....و لكنها لم تفلح فبدت حزينة....شاردة....مُدمعة العينين...فالتفتت سريعاً حتى لا تنهار قواها التى تُرغمها على البقاء صامدة....مُتماسكة

شعرت إيمان بأن هناك خطباً ما....فربتت مرة أخرى على ساقها....قائلة بحنان :
- نور انتى مذاكرتيش كويس...لو عشان الإمتحان متقلقيش خير ان شاء الله.....بس استعينى بالله كده و...
لم تُكمل جُملتها لتشعر بإرتجافة جسد نور....فهلعت و هى ترى عبراتها المتلاحقة واحدة تلو الأخرى..فأحاطت كتفيها بذراعها....لتستند نور على صدر صديقتها....و هى تُحاول أن تُهدأ من روعها....و لكنها بدأت تهزى بكلمات غير مفهومة....و هى تُكفكف عبراتها المُتساقطة....قائلة :
- كدب عليا....كلهم كدبوا عليا...سامح و ماما و بابا...و أمجد....اكتر واحد كدب عليا....انا كنت بصدقه فى كل حاجة....فهمنى ان كل حاجة حلوة....فهمنى ان مفيش مشاكل و الناس مش بيكدبوا...فهمنى انه بيحبنى...فهمنى انه سافر عشانى...فهمنى انه...انه...كلهم كدبوا....مفيش حد بيحبنى مفيش حاجة اسمها حب....كلهم كدبوا....مفيش حد بيحبنى....مفيش حد بيحبنى
مسحت إيمان على رأسها و بدأت تتلو بعض آيات القرآن الكريم بصوت خافت....حتى هدأت نور و نظرت لإيمان قائلة :
- انا اسفة اوى يا إيمان
إبتسمت إيمان بحنان....و هى تحتضن كفى نور بين كفيها....قائلة :
- اهدى الأول و فهمينى واحدة واحدة....حاولى تخرجى اللى جواكى....انا من يوم ما عرفتك و انا حاسة ان جواكى حاجة كبيرة اوى و مش عارفة تتكلمى...لازم تطلعى كل اللى جواكى كده هترتاحى

أسيرة الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن