جزء ١١

861 19 0
                                    

اسيرة_الماضي (الحلقة الثالثة عشر)

أنهت نور مُحاضرتها سريعاً.....جلست قليلاً كعادتها فى الحديقة الخلفية....جلست ترتكن إلى شجرة كبيرة....أرجعت ظهرها إلى الخلف....و أستنشقت عبير هذا الهواء....المُحمل بعبق الأزهار المزروعة حولها....أغمضت عيناها و هى تتحسس الحشائش الصغيرة التى تجلس عليها....لتشعر ببرودتها و تراوتها....إبتسمت بهدوء إلى أن انتفضت من جلستها و فتحت عيناها بقوة....عندما لامست كف أحدهم....نظرت إلى الكف الموجودة جوارها على الأرض....و رفعت رأسها سريعاً حتى تعتذر من صاحبه....فوجدت وجهاً مألوفاً لها....نظراته الجريئة المُصوبة تجاهها....و التى دائماً تُشعرها بالخجل الشديد....و الإرتباك الواضح الذى يظهر جليّاً على ملامح وجهها البرئ

أخفضت نور رأسها....و أعتدلت فى جلستها....و هى تتحدث بنبرات مُتوترة....قائلة :
- أنا....أنا أسفة أوى....مخدتش بالى
ضحك الشخص...قائلاً :
- هههههههه....عادى خالص محصلش حاجة....بس إنتى مُرتبكة أوى كده ليه
حاولت نور أن تنهض....فمنعها الشخص ليمسك بكفها....قائلاً :
- نور إستنى....أنا عايز أتكلم معاكى
سحبت نور كفها ببطء....قائلة بصوت خفيض :
- سامح مش هينفع.....أصل أنا عندى....
و قبل أن تُكمل حديثها....عدل فى جلسته و إقترب منها أكثر و أكثر....و قد عقد جبينه بقوة....و ظهرت عروق وجهه لتُعرب عن مدى الغضب الذى سينفجر خلال ثوانى معدودة....ليهتف بصوت عالى....و بعصبية جليّة....قائلاً :
- هو أنا كل لما أجى أتكلم معاكى تتحججى....انا عارف ان انتى مش وراكى محاضرة دلوقتى...و قولتلك عايز اتكلم معاكى....فممكن تستنى شوية

أدرك سامح للخطأ الذى أرتكبه.....و نظر حوله ليجد من ينظر إليهم و نظرات التساؤل و الفضول ترتسم على الوجوه.....فزفر بقوة....و نظر بعمق إلى عيناها....مُعتذراً :
- انا أسف بس انا بجد عايز أتكلم معاكى....نور انا محتاج أتكلم معاكى....انا عايز أشوفك النهاردة بعد المحاضرات بره الجامعة
صُعقت نور لطلبه ذلك....فها هى المرة الأولى التى يطلب منها أحداً مثل ذلك الطلب....فأرتبكت و لم تستطع أن تُجاوبه.....و لكن سرعان ما تذكرت موعدها بدعاء....فشعرت أن هذا الموعد أنقذها من ذلك اللقاء....فهتفت سريعاً....قائلة :
- بس انا مش هقدر بجد...و الله اتفقت مع واحدة صاحبتى هقابلها فى الجامع
ضحكت سامح....ساخراً :
- هههههههههه.....فى الجامع....إشمعنى يعنى....ده حتى مفيش صلاة دلوقتى....طيب حاولى عشان خاطرى....او اعتذرى منها و ابقى شوفيها بعدين
رفعت نور كتفيها ببراءة....قائلة :
- مش عارفة بس اتفقنا على كده و مش هقدر أخلف وعدى معاها.....انا...
قاطعها سامح مرة أخرى....قائلاً بإصرار :
- لازم تحاولى عشان خاطرى

ابتلعت نور ريقها بصعوبة....فمن عادتها و شيمها أن لا أحد يطلب منها أن تفعل شيئاً و ترده خائباً....حتى و إن كان هذا الشئ سيؤذيها....مطت شفتيها فى حيرة....و تحت إصرار سامح وافقـــــت

شعر سامح بالنصر...و بقوة تأثيره عليها...فأمسك بكفها مرةً أُخرى....و ضمها بين كفيه.....قائلاً :
- خلاص هستناكى عند البوابة و نروح أى مكان سوا
ارتبكت نور كثيراً....و سحبت كفها مرة أخرى ببطء....و هى تحاول الإبتسام....قائلة :
- خلاص ماشى
نهض سامح و تركها خلفه.....و هو يشعر بلذة الإنتصار....بأنه حقق ما يُريده....و ارتسمت إبتسامة نصر على محياه....و سريعاً ما أخرج هاتفه و ضغط على أزراره....و وضع الهاتف على أذنه يستمع إلى الرنين....حتى تسرب إلى مسامعه صوتاً ناعساً....ليقول :
- إيه يا باشا....حد يطلب حد على الصبح كده
ضحك سامح بخبث.....قائلاً :
- ههههههههه.....صبح إيه يا بدر....ده إنت شكلك تقلت إمبارح على الآخر....بقولك إيه انا عايزك تقابلنى النهاردة.....عايز أظبط معاك حاجة ضرورى
أتاه صوت بدر....قائلاً :
- خير يا باشا....حاجة ضرورى من أى نوع
مط سامح شفتيه.....قائلاً :
- يا أذكى أخواتك هو يعنى لو هينفع فى التليفون كنت قولتلك
تثائب بدر....قائلاً :
- طيب يعنى أدينى فكرة
تنهد سامح....قائلاً :
- طيب بصى أنا عايز أظبط معاك رحلة لشرم كام يوم
عقد بدر حاجبيه....مازحاً :
- رحلة لشرم اللى انت بتشتغل فيها و عارفها اكتر منى
زفر سامح....قائلاً :
- انا مش عارف انا اتصلت بيك ليه....الرحلة هتبدأ من شرم بس احنا هنروح دهب....عايز تجهز كل حاجة الخيم و الأكل و الشرب و كل حاجة....و كلم فريد و ريتا و جوليا
صمت قليلاً ثم هتف بنبرات خبيثة....قائلاً :
- و اعمل حساب نور معانا
انتفض بدر من مجلسه.....و جحظت عيناه خارج محجريها....قائلاً :
- نور مين....اوعى تكون قاصدك نور نور....اللى تبع وليد
ضحك سامح....قائلاً :
- هههههههههه....هى بعينها
هز بدر رأسه.....ليهتف و مازالت صدمة ما سمعه....يصدح فى أُذنيه....قائلاً :
- و انت متأكد يعنى انها هتيجى....سامح شهر أبريل لسه بدرى....يعنى خلي الكدبة لوقتها
ضحك سامح بقوة....حتى سعل....قائلاً :
- ههههههه....هههههههه....انا عمرى قولتلك على حاجة و محصلتش
أجابه بدر ببلاهة....قائلاً :
- لاء....بس مش عارف ليه حاسس انها مش هتيجى
إبتسم سامح بخبث...قائلاً بنبرات يشوبها التحدى :
- طيب لو محصلش اللى بقولك عليه....ليك منى اللى انت عايزه
صاح بدر بسعادة....قائلاًً :
- خلاص يا باشا اتفقنا
أنهى سامح مُهاتفته.....و ضغط على أزراره من جديد....بدت له ضرورية و مهمة للغاية....و ما إن أنهاها....حتى لاحت إبتسامة على محياه....و إتجه إلى سيارته ليجلس خلف المُقود....و أشعل الكاسيت يستمع إلى بعض الموسيقى....و سرعان ما إندمج معها....و سار فى عالم آخــر

أسيرة الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن