جزء ١٤

739 14 0
                                    

اسيرة_الماضي (الحلقة السادسة عشر)

كانت الغضب مازال يُسيطر على ملامح وجه شريف....سار فى الطرقات بغير هوادة....لا يدرى إلى أين تحمله قدماه....و لكنه كان يشعر بأنه إبتعد كثيراً عن مسكنه....تطلع حوله ليجد نفسه يقف بجوار النيل....عبر الطريق و وقف أمامه مُباشرة يتطلع إليه بجمال لونه الأزرق....و هدوئه الذى يبعث الهدوء و الطمأنينة فى النفس.....ظل على حالته حتى شعر بإنهاك فى ساقيه....فتنهد و التفت مُغادراً

أُضيئ اللون الأخضر ليسمح للمارة بعبور الطريق....فعبر الطريق و هو ينظر إلى الجهة الأخرى....ليُصطدم بأحدهم بقوة....فتؤلمه كتفاه ليلتفت إلى من صُدم به....فكادت تخرج عيناه من محجريهما....عندما وقع بصره على شخص على يقين تام به....إن وُجد إختلافاً طفيفاً فى وجهه منذ أن تلاقى به آخر مرة....ألا و هى لحيته التى تُزين وجهه الدائرى....بسوادها الكالح و تهذيبها الذى أعطاه سمتاً طيباً....فصرخ به شريف....قائلاً :
- مُعاذ
الفتت مُعاذ على صراخ شريف....و هيئته لا تختلف كثيراً عن هيئة شريف.....قائلاً :
- مش ممكن شريف....عامل ايه....وحشتنى اوى

إحتضن الإثنان بعضهما البعض فى وسط الطريق....و كلاً منهما يُربت على ظهر الآخر....و يبثه شوقه و إفتقاده له....حتى إنتفضا على صوت أبواق السيارات المُزعجة....مُعلنين رغبتهم فى العبور الذى يشلان حركته بوقوفهم على هذا النحو....علت أصوات الأبواق بإصرار....و كأن أصحاب تلك السيارات قد عُلقت كفوفهم على ذلك المصدر المزعج....غير آهبين بما يُحدثه هذا الشئ من ضوضاء و آلالام لكثيراً من الأشخاص
نظر مُعاذ إليهم....عاقداً حاجبيه فى غضب....و هو يلوح بكفه....قائلاً :
- ايه يا جماعة استنوا شوية.....صاحبى بقالى كتير مشفتوش
ضحك شريف و هو يحث مُعاذ على السير بجواره....مُعتذراً لأصحاب السيارات بكفه و بإيماءة من رأسه....قائلاً :
- ههههههههه.....تعالا تعالا نقعد فى أى مكان
مازحه مُعاذ قائلاً :
- لا يا عم مش لاعب....انا أخاف على نفسى من الفتنة
ضحك شريف مرة أخرى....ليُجاريه مزاحه....قائلاً :
- ههههههه.....معلش تعالى على نفسك و تواضع و نقعد نتكلم سوا شوية
ثم همس له قائلاً :
- ده انا هعزمك على مانجة...عارفك بتحبها
حك مُعاذ لحيته قليلاً....قبل أن يومئ برأسه....و هو يتصنع قلة الحيلة....قائلاً :
- يااااااااااااه يا شريف جتلى على الجرح....وحشتينى يا غالية

سار الصديقان و هما يتجاذبان أطراف الحديث....و الإطمئنان عن أحوالهم و أحوال من على صلة بهم....حتى وطئت أقدامهم أحد الكافيهات....فأختار شريف طاولة بعيداً قليلاً عن الأنظار...علّه ينال هو و صديقه بعض الهدوء....ليتقدم نحوهم صبياً لا يتجاوز عمره السادسة عشر....يسألهم عن طلبهم فيما يتناولونه....فأملاه شريف ما يُريده....و ذهب الصبى عنهم فى أدب

التفت شريف إلى مُعاذ....و عيناه يحملان شوقاً صادقاً بصديقه الذى لم يلتقى به منذ فترة طويلة....قائلاً :
- يااااااااه....بقالى كتير اوى مشفتكش يا مُعاذ....عامل ايه....و أخبارك ايه....وحشتنى اوى و الله
تنهد مُعاذ....و هو يُرجع بظهره إلى الخلف....مُبتسماً :
- و الله انت اكتر يا شريف....انا الحمد لله كويس....قربت أفتح الصيدلية بتاعتى أهو للمرة الستين
عقد شريف ما بين حاجبيه.....و هو يستمع إلى آخر حديث مُعاذ....قائلاً :
- ليه كده
هز مُعاذ كتفيه....و ظهرت على نبراته المرح....قائلاً :
- يعنى كل لما أنوى أفتحها لازم يحصل حاجة....الحمد لله على كل شئ....بس يا سيدى و كان آخرها بقى لما روحت آخر مرة المُعتقل و قعدت فترة....ياااااااااه و الله كانت أسعد أيام حياتى

أسيرة الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن