بعد إنتهاء العطلة الصیفیة بدأ عام دراسي جدید توافدت العدید من طالبات المرحلة الإعدادیة
كانت زهراء في السادس الإعدادي طالبة عادیة بمستوى دراسي متوسط وذكاء عالي كما شهدت بذلك
أغلب مُدرساتها ، لم تكُن تُعیر دراستها إهتماماً بل في الاحرى لم تكن ترى هُنالك هدف في حیاتها
فقد رسمها لها عمُها و زوجتهُ اللذان تعیش معهم بعد إستشهاد والدها في أحداث الحرب ضد داعش
ووفاة والدتها بالسرطان بعد مُعاناة طویلة مع هذا المرض ،
لم تكُن لها فرصة كانت تروي لها فاتن زوجة عمها بإنها ستُلازم المنزل بعد أن تُكمل المرحلة الإعدادیة
وستساعدها في أعمال المنزل والطبخ بالاضافة إلى عملها في الصالون ، في كُل مرة كانت كلمات فاتن
خنجر یطعن في قلب زهراء البريء .
وبینما بدأت الطالبات في السلام وإلقاء التحیات على بعضهن البعض والتفاخر بالجدید من الملبس والمُعدات الدراسیة ، كانت
صدیقتنا الأقلُ حظاً من بینهن أو كما تعتقد هي ، إذا بأحدى الطالبات -سارة- من الطبقة الراقیة
التي أنعم الله علیهم فجحدوا تلك النعم ونسوا إن هذه لیست إلا متاع وإن الدار الآخرة هي الحیاة !
تصنعت الاستغراب وعلامات المُفاجأة وقالت : زهراء كیف حالكِ ؟ هبي هولدي (عطلة سعیدة ) یا الله زهراء هل مودیل قمیصُكِ
إلى الان موجود ؟ وأنا التي ظننتُ إنه انقرض قبل مئات السنین ، ضحكت هي و من معها
اللواتي باعن حظهن بالارذل الأدنى !
لم تكُن زهراء قویة بما یكفي لكي تَرُد علیها إلا إنها كانت قد ورثت من أُمها عقیدة و حُب لأهل بیت النبي
كان ردُها إبتسامةُ عِفّة !
كان الیوم الاول في العام الدراسي طویلاً وشاقاً ، خاصةً عِندما وجد إبلیس ثغرة یَدْخُل منها لروحها
بدأ یحیكُ خیوطه وینسج أفكاره اللعینة ، بأن تترُك الدراسة وإنها عاجلا أم آجلاً ستكون جلیسة البیت
فما فائدة ان تُكمل السنة بأیامها ولیالیها وفِي النتیجة لا شيء اجل لا شيء سوى الحسرة والتعب !
كانت تلك الأفكار تأخُذها یمیناً وشمالاً ولا یهدأ لها بال وفجأة وكأن أحدٌ أوحى لها ،
إن أیام مُحرم الحرام على الأبواب فلتكُن هَذِهِ فُرصتكِ توسلي لله بحق الحُسَیْن الذبیح
عسى أن یُنزل رحمتُهُ ویشملُكِ بلطفِهِ .. إنه على ما یشاء قدیر .
كان ذَلِكَ الحدیث على سجادة الصلاة بعد فرض العشاء وبعد هُنیئة نادتها فاتن :
زهراء ، أین انتِ عمكِ سیصل بعد قلیل ، إبدأي بتحضیر العشاء قبل أن یصل .
فأجابتها بكلمة حاضر التي إعتادت على قولها حتى وإن كانت مُجبرة ، تطبیقاً للمثل الدارج " حُكم القوي على الضعیف " .
إنقضى یوماً سیئاً لم تكُن زهراء كباقي زمیلاتها في الفصل الدراسي لم یَكُن لدیها أحد تُشاركهُ التفاصیل
سوى دفتر !
أو كما تُسمیه الدفتر المُقَدَّس تبثُ فیه ما أودع الله فیها من موهبة ، الكتابة .
في الیوم التالي كُل شي كان إعتیادیاً حتى لحظة دخول طالبة جدیدة الى الصف ،
لم تكُن تعرف أین تجلس أو أي الأماكن شاغرة بقیت واقفة قُرْب السبورة والجمیع یُحدق بهاتقدمت نحو إحدى المقاعد فإذا بأحدى الطالبات تُشیر إلى إن هذا المكان لَهُ صاحبة وهكذا فقد تكرر الامر اكثر من مرة إلى أن إنتهى
بها المطاف الى الرحلة الاخیرة حیثُ تجلس زهراء ،
فبدأت الحدیث قائلة : السلام علیكم هل المكان بجانبكِ محجوز؟
فأجابت زهراء : كلا و لا انصحُكِ بالجلوس یُلقبونني المنبوذة !
فأردفت الفتاة الجدیدة مُبتسمةً : وأنا أُحِب المنبوذین إسمي سَكینة، ما أسمكِ ؟
أمعنت النظر زهراء وأجرت تحلیلاً لمظهرها الخارجي وأجابت: إِنَّهُ زهراء
أنت تقرأ
احبك بروحي
Casualeأُحبكَ بروحي فالروح لا تفنى ، إلیكَ أغزلُ الكلام والكلماتُ تتفاخر والجُملُ تتباهى إلیكَ یا سید قلبي یا بلسم جُرحي یا وسیلتي لله وغیمة حُبٍ أمطرت في صحراء روحي فأنبتت بُستاناً من الأمل یا مشكاة آمالي ، یا وعد السماء .. خُذ القلیل وإقبل مِنَّا الیسیر...