أنتِ هكذا دوماً بارعة في تغییر المواضیع ، قالت زهراء مازحةً ثم أكملت حدیثها: في الحقیقة إن كِتَابا كُنت قد إقتنیتهُ في العُطلة
الصیفیة كما أخبرتُكِ سالفاً ، لم تتسنَ الفرصة لي لقراءته إلا قبل أُسبوع ، إسمهُ كیمیاء المحبة
أجدهُ كِتاباً راقیاً في الواقع لأنهُ لآمس قلبي ، أوتعلمین یا خدیجة ماكُنت قد قلبتُ صفحةً مِنْهُ إلا وإزددتُ شوقاً لصاحِب الزمان ،
صدقیني لا أُبالغ قد وصلتُ إلى مرحلة إنه حتى الجُمل القصیرة التي تخُص المهدي في مواقع التواصل تؤثر في قلبي و روحي ،
أصبحتُ كالمرضى مُصابة بداء لیس لَهُ عِلاج إلا الوصل ،
وبینما هي تتحدث لم تشعُر إلا بحرارة الدمعة على خدیها ، وأستجابت روح خدیجة للنداء الذي إطلقتهُ دموع زهراء وإذا بها تُشاركها
الفِعل !
كان یوماً لا یُنسى ، وقتها رددتا بضع كلماتٍ من دُعاء النُدبة
" إلى متى أحارُ فیك یا مولاي وإلى متى ؟ وأي خِطابٍ أصفُ فیك وأي نجوى ؟
هل من مُعین فأُطیلَ معه العویلَ والبُكاء ! هل من جزوعٍ فأساعد جزعهُ إذا خلا ؟"
ثم قالت زهراء : أین كُنتِ قبل هذا الوقت كُنت أحتاج حقاً إلى مُعین أبثُ لَهُ حُزني وشوقي لصاحِب الأمر !
أجابت خدیجة : في الحقیقة یا زهراء العزیزة الأمر لم یحدث صُدفةً بل إنها خُطة الله ، ثُم أنا هُنَا أودّ أخباركِ بشيء مُهم لذلك طلبتُ
أن نلتقي على إنفراد .
مسحت دموعها زهراء ثم رفعت حاجبیها في تساؤل وقالت : وما هو یا تُرى هذا الشيء؟
أجابت خدیجة بخجل : في الحقیقة هُنالك شاب في الحقیقة إنهما إثنین ، تقدما لطلب یدي مؤخراً وأنا في حیرة لذا قررتُ أن استشیركِ
، أومأت زهراء برأسها مُشیرةً لصدیقتها بأن تُكمل حدیثها وتابعت الأخرى والحیاء یفیض من وجنتیها : كِلاهُما یملكان الشهادة
الجامعیة الاول مُهندس وهو مُتدیّن والآخر طبیب دینهُ لا بأس بهِ، أما المُهندس فحالتهُ المادیة لیست بقدر الطبیب
أما أخلاقهما فمتساویة ، أفكاري مُشوشة حقاً إنه قرار صعب لا أعلم كیف أتصرف ،
ثم أطرقت برأسها مُنتظرة الجواب من زهراء فجاءها الجواب : في بادئ الامر یا عزیزتي لتعلمي إن میزان القیاس في هذا الامر
هو قول نبي الرحمة ص "من جاءكم ترضون دینه وخلقهُ فزوجوه"
لذا الخلق والدین ولیس الخلق وحده ! ، فهذا مشروع یمتد لنهایة العُمر .. لا تهاون فیه ، أما بالنسبة للحالة المادة فلم أتوقع یوماً أن
أسمع هذا الكلام من مهدویة واعیة وبالأخص أنتِ یا خدیجة ، أیُعقل ؟
أستوقفتها خدیجة ضاحكةً : ها أنتِ مُجدداً تسیئین الظن یا مؤمنة ، إسمحیلي أن أشرح لكِ وجهة نظري ، فكرت بالحالة المادیة لأجل
إرضاء أهلي فكما تعلمین یهمهم المُستوى الاجتماعي للأسف وأیضاً لأجل أن أستطیع بناء المشاریع الخیریة مُستقبلاً ، والآن ما
قولكِ؟
إبتسمت زهراء واضعةً یداها على وجهها للحظة ، مُزاحاً ثُم أردفت قائلةً : حسناً أعترف إني مُتسرعة وأستغفر الله ، أما وجهة
نظركِ فخاطئة وسأُبین لكِ كیف ، أولاً إن الله یرزق من یشاء وهذهِ لیست افكاراً للمُستقبل بل أماني یُلقیها إبلیس اللعین كي یُقنعنا
بالعدول عن سُنة الله وبساطة التشریع الأسلامي ، فالمهدي لا یُرِید منكِ بناء مشروع كبیر من شخص غني وبالمُقابل فشل مشروعكِ
الذي وهبكِ الله إیاه وهو تكوین الاسرة وبناء أفراد مهدویین ، لذا یا خدیجة العزیزة إن كُنتِ تطلبین نصیحتي فهي إعطاء الموافقة
لِذو الخُلق والدین بغض النظر عن الحالة المادیة ،
وتذكري على سبیل المثال إن الشیخ بهجت كان رجلاً فقیراً وإستطاع أن یُغَیِّر الكثیر !
أطالت خدیجة النظر ثم بعد صمت قصیر قالت : معكِ حق ، حتى إِنَّهُ شاب مهدوي ! وهذا لیس مُصادفةً أبداً ، حسناً یا زهراء یبدو
إننا بعد التوفیق من الله ولُطف السیدة الزهراء سندخُل عُش الزوجیة ،
ثم اطلقت الفتاتان ضحكات بریئة ، وفرحة أمل بالقادم .
بعد عدة أیام تمت الخطبة كما خططت لها الفتاتان ، حفل إسلامي بسیط ، بدون أغاني وهرطقات الجیل الجدید رغم كُل المعارضات
من الأهل والأقارب إلا إن خدیجة كانت قویة الشخصیة ، وحُبها لإمام الزمان كان فوق كل شيء ، لم تكُن تُعطي لنفسها فُرصة لفعل
ذنب یؤذي قلبهُ الشریف .. إِنَّهُ الإخلاص ، والجمیل إن خطیبها "مُحمد" كان مُتفقاً معها في كُل شيء ، یُؤْمِن بأن التمهید كُل یوم ،
یُؤْمِن بأن بناء الأُسرة من أجل صاحب الزمان وإعداد جیل مهدوي هو سبیل آخر لنُصرتهِ .
بعد إنتهاء المراسیم ، طلب مُحَمَّد منها أن یقرأ معها دُعاء الفرج ، إن طلبهُ هذا أفرحها أكثر من عقد القِران نَفْسَهُ !
بعد أن تم تودیع الحضور بقیت زهراء فقط وكلما حاولت الاتصال بعمها لم یَكُن یجیب على إتصالاتها ویجب علیها العودة قبل أن
تُعتم السماء وبقیت تحاول الاتصال بهِ وبفاتن ولكن دون جدوى فقررت أن تذهب وحدها وهو أمر لم تعتد علیه ، إلا إن قلقها المُفرط
على أهلها وضعها في هذا الموقف ، وبالفعل ودعت رفیقتها ثم خرجت .
وقفت على الشارع برداءها الاسلامي "الجُبة ذات اللون القاتم" وإستوقفت سیارة أُجرة.

أنت تقرأ
احبك بروحي
Casualeأُحبكَ بروحي فالروح لا تفنى ، إلیكَ أغزلُ الكلام والكلماتُ تتفاخر والجُملُ تتباهى إلیكَ یا سید قلبي یا بلسم جُرحي یا وسیلتي لله وغیمة حُبٍ أمطرت في صحراء روحي فأنبتت بُستاناً من الأمل یا مشكاة آمالي ، یا وعد السماء .. خُذ القلیل وإقبل مِنَّا الیسیر...