فتحت كتاب الله ، تذكرت عِندما كانت في السادسة من عُمُرُها و سألت والدتها :
أمي عندما نقول كتاب الله هل یعني إن الله من كتبه ؟
أجابتها والدتها مُبتسمة : كلا عزیزتي ، الله أعطى القُدرة لنبیه مُحَمَّدٍ (ص) وبعض من أصحابه
أن یكتبوا ما یقوله الله لنا نحن وباقي البشر وكان الملاك جبرائیل ع یقوم بتوصیل الآیات القرآنیة لهم .
بعد جواب والدتها هذا علِمت إن هُنالك إرتباطاً وثیقاً بین كتاب الله وأولیاءه ،
إبستمت وكأنهُ كان بالأمس وإن لیس للأنسان إلا ما سعى !
رددت سورة الإخلاص ثلاثاً وصلّت على النبي ص ثلاثاً أیضاً وقرأت : "اللهم إني توكلت علیك وتفاءلت بكتابك الكریم فأرني ماهو
مكتوب في سرك المخزون وفي غیبك المكنون یاذا الجلال والإكرام"
وهذهِ الطریقة كانت قد أخذتها من كتاب مفاتیح الجنان ، أول كتاب تعرفت علیه في حیاتها .
فتحت المُصحف :"وأنا إخترتُك فأستمع لما یوحى" سورة طه الآیة ١٣
توسعت عیناها رددت جُملتها المألوفة : یا علي مدد !
كان رقم الصفحة كفیلاً بأن یُسارع نبضات قلبها ،
الطبیعة البشریة جمیلة ، الفضول ، التحدي ، والأهم الفكرة أكثر شيء طفیلي في الوجود
جمیعنا مررنا بذلك الشعور عِندما تُزرع في عقولنا فكرة لا نبرح حتى نُطبقها بأي وسیلة مُمكنة
فكیف إذا كانت هذه الفكرة هي إمكانیة أن تكون ضمن الثلاثمائة وثلاثة عشر فارساً بصحبة المهدي ؟
الأمر مُغري بالطبع ، فمن منا لا یتمنى أن ینال ذلك الشرف ؟
لكن صعوبة الامر تكمُن في التخلي عن الدُّنْیَا وجهاد النفس .
بكتْ كالعادة شُكراً للرب قد علِمت إن هَذِهِ هي مكافأتها المعنویة من الله تعالى
كانت تشعر دوماً بأن كلمات الْقُرْآن تُطبطب على حُزنها وتُعطیها طاقة عجیبة ، سر لا یُفهم .
وضعت صفحات الكتاب على وجهها سمحت لحروفهُ المُقدّسة أن تُلامس قلبها قبل بشرتها ،
أغلقته بعد ان قبلته .
إنتهى فصل التأمل حان وقت العمل وبالتزامن مع أربعینیة الإمام الحسین ع
حاولت زهراء بذل قصارى جهدها لانها فترة مملوءة بالفرص خاصة لنشر الأفكار والرؤى ،
كانت بین فترة وأخرى تُطلع سَكینة على آخر المُستجدات والرسائل و سَكینة هي الأُخرى تُبادلها نفس الفعل ،
سَكینة وزهراء مثال للفتاة الزینبیة ، إلتصق إسم زینب بنتُ علي بِكُل كیانها وجوارحها.
مضت أیام الحُسَیْن بدأت أیام العُطلة الربیعیة ، كانت مثل هذه الأیام ولازالت فُرصة للإنسان الرسالي المُمهد
تذكرت زهراء إحدى النُقاط المُهمة التي طُبعت في ذاكرتها في اللقاء الثاني لها مع سَكینة ،
" إني تاركٌ فیكم الثقلین كتاب الله وعترتي أهل بیتي "
حدیثٌ للنبي محمد ص بدأت سَكینة كلامها بهِ بصوتها الجهوري وإسلوبها القوي : شیئان لم یُفْرَق بینهما نبي الرحمة ص ، في هذا
رسالة لنا إن سعینا في أحد الامرین غیر مقبول بل یجب علینا أن نسعى في كِلا الامرین معاً وبالتساوي ، یعني أن نُمهد وننتظر
صاحب الزمان ولكن في نفس الوقت لا نترُك كتاب الله ، بل في الحقیقة إن كُل الخیر والتوفیق هو في الْقُرْآن ، حتى إن الشیخ بهجت
(قدس سره) كان قد ذكر إن من إشتاق لوجه ولي العصر فلینظر الى صفحات القرآن الكریم ، وهكذا فلا یجب على أي مُمهد أن
یترك تلاوة كتاب الله ولو في الیوم صفحة !
لن تؤثر دقیقتین على یوم كامل بساعاتهِ ودقائقهِ
وهكذا فقد كانت العُطلة الربیعیة فُرصة ثمینة إغتنمتها الفتاتان لِحفظ بعض الأجزاء من الْقُرْآن الكریم
لم تكُن تخلو عطلتُهما من بعض اللطائف فقد كان هُناك تحدي بینهما ، من تستطیع إكمال مُطالعة أكبر عدد مُمكن من الكُتب خلال
هَذِهِ الأربعةعشر یوماً !
سُبْحَان الله تمضي الأیام ولا یبقى سوى الذكریات ، سُبْحَان خالق الذاكرة .
یوم نتائج إمتحانات نصف السنة ،
كانت زهراء قد نذرت إن كان مُعدلها أعلى من خمسة وثمانین تُصَلِّي على النبي ص ألف مرة
و تُهدي جزء من الْقُرْآن لروح السیدة الزهراء ،
أما نذر سَكینة فكان قراءة سورة القدر مئة مرة وصدقة بمبلغ لابأس به نیابة لحفظ وتعجیل فرج إمام الزمان ،
الجمیع مُتحمس بدأت الاستاذة بتسلیمهن ، تتالت الفتیات واحدة تلو الاخرى
فرِح البعض والبعض الاخر حَزِن ، بقي في ید الاستاذة نتیجتین وكانت نظراتُها ترمُق نهایة الصف
المقعد الأخیر بالتحدید .
أنت تقرأ
احبك بروحي
Aléatoireأُحبكَ بروحي فالروح لا تفنى ، إلیكَ أغزلُ الكلام والكلماتُ تتفاخر والجُملُ تتباهى إلیكَ یا سید قلبي یا بلسم جُرحي یا وسیلتي لله وغیمة حُبٍ أمطرت في صحراء روحي فأنبتت بُستاناً من الأمل یا مشكاة آمالي ، یا وعد السماء .. خُذ القلیل وإقبل مِنَّا الیسیر...