المقصد الاول

259 18 15
                                    

الخير والشر
الفصل الاول في بيان الخير والشر

اعلم ان البحث عن حقيقة الخير والشر وأهميتها خارج عن مقصودنا الاصلي مع انهما عرفا في الكتب الحكمية بتعريفات هي غالبا تعريف باللوازم والملزومات واللواحق والعوارض وهما من جهة طبيعتها من الواضحات والفطر فاسنادهما الى الوجدان والفطرة اقرب الى الصواب والى المقصد والمقصود والمهم في هذا المقام هو بيان المقصود من الخير والشر حيث جعل اولهما في هذا الحديث الشريف وزيرا العقل والثاني وزير الجهل
فلا بد ان يعلم ان المقصود ليس نفس الخير والشر بالمعنى الذي يفهمه العامة بل هما بمعنى اخر نشير اليه في ما بعد لانه لايتناسب مع الوزارة ولا مع كونه جندا للعقل فيمكن ان يقال ان المقصود منه حقيقة الفطرة التي اشير اليها في الاية الكريمة :(فطرة الله التي فطر الناس عليها) غاية الامر ان الخير عبارة عن الفطرة المخمرة هو ان الله تبارك وتعالى بعنايته ورعايته ويد قدرته التي خمر بها طينة ادم الاول اعطاه فطرتين وجبلتين : احدهما اصلية والاخرى تبعية وهما بمثابة براق السلوك ورفرف العروج الى المقصد والمقصود الاصلي وهما أيضا اصل جميع الفطر التي خمرت في الانسان وبقية الفطر اغصانها واوراقها احدى هاتين الفطرتين - التي لها سمة الاصلية-وهي فطرة العشق الى الكمال المطلق والخير والسعادة المطلقة وهي مخمره ومطبوعة في ذات كل انسان في سلسلة البشر سواء فيهم السعيد والشقي والعامل والجاهل والعالي والداني فلو تفحص الانسان في سلسلة بجميع طوائفها المتشتتة واقوامها المتفرقين في العالم فلن تجد نفرا واحدا غير متوجه بفطرته الى الكمال وعاشق بجبلته للخير والسعادة والمقصود من الفطر امور تكون بهذه المثابة ولهذا فهي اكثر الامور بداهة واشدها وضوحا ولو لم تكن هكذا لما كانت في الفطر . والثانية من الفطرتين - التي لها سمة الفرعية والتابعية -هي فطرة النفور من النقص والابتعاد عن الشر والشقاوة وهذه مخمرة بالعرض وبتبعية فطرة التوق الى الكمال
والنفور من النقص ايضا مطبوع ومخمر في الإنسان ونحن بعد هذا نذكر شرحا في هذا الباب ومن هاتين الفطرتين اللتين ذكرتا فطرة مخمرة غير محجوبه ولا محكومة باحكام الدنيا او الطبيعة وقد بقي فيها التوجه الى الروحانية والنورانية ولو توجهت الفطرة الى الطبيعه وصارت محكومة باحكامها ومحجوبه عن الروحانيه وعالمها الاصلي لجميع لصارت مبدا الشرور
ومنشأ لجميع الشقاوات والتعاسات كما سيفصل لاحقا
فالمقصود من الخير - الذي هو وزير العقل وجميع الجنود العقلية تحت حكمه و في تصرفه - هو الفطرة المخمرة المتوجهة الى الروحانية ومقامها الاصلي . والمقصود من الشر -هو الذي وزير الجهل وجميع جنود الجهل تابعة لها - هو الفطرة المحكومه بالطبيعة والمحجوبه باحكامها..

وانتهى الفصل الاول
انتظرونا في الفصل الثاني
أن شآء آلله
🌹اللهم عجل لوليك الفرج 🌹

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن