المقصد الخامس 💙

8 3 0
                                    

الفصل الاول
في بيان العدل وضده الجور

اعلم ان العدالة عبارة عن الحد الوسط بين الافراط والتفريط وهي من امهات الفضائل الاخلاقية بل العدالة المطلقة مجموع الفضائل الباطنية والظاهرية والروحية والقلبية والنفسية و الجسمية لان العدل المطلق مستقيم على كل المستويات سواء على مستوى تمظهر الاسماء والصفات والتحقق بها وهو الاستقامة المطلقة ومختص بالانسان الكامل وربه اسم الله الاعظم حيث ان اسماءه عالى كما يقول على صراط المستقيم :( ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم)
ورب الإنسان الكامل وهو خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم على صراط مستقيم وحد اعتدال تام غاية الامر ان الرب تعالى شانه على سبيل الاستقلال والمربوب على سبيل الاستظلا والجور في هذا المقام غلبه القهر على اللطف او اللطف على القهر وبعبارة اخرى هو تمظهر اسماء الجلال او تمظهر اسماء الجمال ويحتمل ان يكون سؤال الاولياء الكمل في الاية الشريفة (اهدنا الصراط المستقيم) هو هذا المقام او على مستوى تجليات المعارف الالهية وجلوات التوحيد في قلوب اهل المعرفة حيث العدالة فيها هي عدم الاحتجاب عن الحق تعالى بالخلق وعن الخلق بالحق وبعبارة اخرى رؤية الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة وهذه الرؤية مختصه لكمال اهل الله والتفريط والافراط في هذا المقام هو احتجاب عن الحق بالخلق وعن الخلق بالحق ويحتمل ان يكون مطلب اهل الله في الاية الشريفة حصول هذا المقام او على مستوى العقائد والحقائق الايمانية حيث العدالة فيها عبارة عن ادراك الحقائق الوجودية على ما هي عليه من الغاية القصوى لكمال الاسماء الى منتهى النهاية لرجوع المظاهر الى الظواهر وهو حقيقة المعاد او على مستوى الاخلاق النفسية وهي اعتدال القوى الثلاث اي القوة الشهوية والغضبية والشيطانية وحيث ان هذا القسم الاخير هو المقصود من الحديث الشريف بحسب الظاهر فلهذا عدة من جنود العقل لهذا سنفصل الكلام في اطراف هذا القسم
اعلم انه يلازم الانسان من اول نشاته الطبيعية بعد القوة العاقلة ثلاث قوى :
احدها القوة الواهمة: وتسمى بالقوة الشيطانية وهذه القوة موجودة في الطفل منذ البداية وبها يكذب ويخدع ويمكر ويحتال
الثانية القوة الغضبية: تسمى بالنفس المفترسة وهي لدفع المضار ورفع موانع الاستفادات
الثالثة القوة الشهوية :وتسمى بالنفس البهيمية ومبدأ الشهوات وجلب المنافع والملذات في المأكل والمشرب والمنكح.
وهذه القوى الثلاث تتفاوت بحسب سني العمر وكلما زاد الرشد الطبيعي لدى الانسان تكون فيه اكمل وتترقى يوميا بحيث يمكن ان تصل كل منها الى حد الكمال فلا تغلب احداها على الاخرى وقد تغلب احداها على الاثنتين الاخريين ويمكن ان تغلب اثنتان ثالثتهما ومن هنا تظهر اصول الممسوخات الملكوتية في سبع صور: احداها الصورة البهيمية اذا كانت النفس الباطنية تظهر بالصورة البهيمية وتكون النفس البهيمية غالبة فيتمثل الانسان في الصورة الملكوتية الغيبية الاخروية على صورة احدى البهائم المناسبة له كالبقرة والحمار امثالهما واذا كان اخر فعلية الانسان سبعي يعني كانت النفس السبعية غالبة تكون الصورة الغيبية الملكوتية على شكل احد السباع كالنمر والذئب وامثالهما واذا غلب القوة الشيطانية على سائر القوى وكانت فعلية الشيطانية اخر الفعليات يكون الباطن الملكوتي على صورة احد الشاطين وهذا اصل اصول المسخ الملكوتي ويحصل من ازدواج الاثنتين من هذه القوى وايضا ثلاث صور بقرة نمر وبقرة شيطان و نمر شيطان ومن ازدواج الثلاث القوى تحصل صورة ممزوجة مختلطة بقرة شيطان نمر وعلى هذا المعنى يحمل الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم يحشر بعض الناس على صورة تحسن عندها القردة والخنازير واعلم ان هذه القوى الثلاث كما ان طرف الافراط فيها مفسد لمقام الانسانية اذ يخرج الانسان تارة من حقيقة الانسانية  وتارة من الفضيلة الانسانية كذلك طرف التفريط فيها فان قصورها ايضا من المفسدات لمقام الانسانية ومن رذائل المملكات اذا كان التفريط والفصور خلقيا وطبيعيا كان دون اختيار صاحبه فالنقصان في اصل الخلقة ويمكن غالبا ان تغير النقائص الطبيعية التي هي على هذا الشكل بالرياضات والمجاهدات والاعمال القلبية والقالبية وقلما تكون صفة من صفات النفس طبيعية بمعنى غير متغيرة ان لم نقل بانه ليس شيء من الصفات غير قابل للتغير فالعدالة التي هي عبارة عن الحد الوسط بين الافراط والتفريط والغلو والتقصير من الفضائل الانسانية الكبيرة بل كما نقل عن  الفيلسوف كبيرة الشان ارسطو طاليس ان العدالة ليست جزءا من الفضيلة بل هي كل الفضائل والجور على العكس ليس جزءا من الرذيلة بل هو كل الرذائل .

اللهم عجل لوليك الفرج ياالله
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن