المقصد الاول

92 10 2
                                    

الفصل الثاني
في توضيح هذا المقصود وشرحه

اعلم ان للقلب وهو المركز حقيقة الفطرة وجهتين احدهما الي عالم الغيب والروحانية والثاني الى عالم الشهادة والطبيعة وبما ان الانسان هو وليد عالم الطبيعة والنشأة الدنيوية كما تشير اليه الاية :(فامة هاوية) فلو تربى من مبدأ الخلق في غلاف الطبيعة وحجب عن الفطرة و الروحانية و احاطت به احكام الطبيعه شيئا فشيئا وانغمس في عالمها ونمت غريزته لتغلب عليه احكام الطبيعة فإذا مرتبة الطفولة يجاور ثلاث قوى وهي القوى الشيطانية وهي وليدة الواهمة والقوى الغضبية و الشهوية وكلما نمت حيوانيتة تكمل فيه هذه القوى وتنمو وتغلب عليه احكام الطبيعة الحيوانية ولعل الاية الكريمة
(لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين)
اشارة الى نور الفطرة الاصليه الذي خمر بيد قدرة الله تعالى وهو احسن تقويم لانه صور طبقا للكمال المطلق والجمال التام
والرد الى اسفل سافلين اشارة الى الاحتجاب بالطبيعة التي هي أسفل سافلين فاذا غلبت هذه الاحتجابات والظلمات والكدورات على النفس فقلما ينجو منها احد بنفسة ويسير في عالمه الاصلي بفطرته الاصلية ويصل الى المطلق الكمال النور والجمال والجلال ان الله تبارك وتعالى بعنايته الازلية ورحمته الواسعة ارسل الانبياء العظام لتربية البشر ونزل الكتب السماوية لتعينهم من الخارج على فطرتهم الداخلية وتنجو النفس من هذا الغلاف الغليظ من هنا بينت الاحكام السماوية والايات الالهية الباهرة ودساتير الانبياء والاولياء الكرام طبقا للفطرة والجبلة
وجميع الأحكام الالهية تنقسم بكليتها الى مقصدين احدهما اصلي ومستقل والاخر فرعي وتابع وجميع الدساتير الالهية ترجع الى هذين المقصدين اما بواسطة او بدونها فالمقصد الاول الاصلي المستقل هو توجيه الفطرة الى الكمال المطلق الذي هو الله حل وعلا وشؤونه الذاتية والصفاتية والافعالية ويرتبط به بواسطة او بلا واسطة ابحاث المبدأ والمعاد ومعاني الربوبيات من الايمان بالله والكتب والرسل والملائكة واليوم الاخر وعمدة مراتب السلوك النفساني والكثير من الفروع الاحكام كفريضة الصلاة والحج.
والمقصد الثاني وهو العرضي والتبعي هو تنفير الفطرة من الشجرة الدنيوية الخبيثة والطبيعة التي هي ام النقائص والامراض ويرجع اليه كثير من من مسائل الربوبيات وعمدة الدعوات القرانية والمواعظ الالهية والنبوية ومواعظ الائمة وعمدة ابواب الرياضة والسلوك والكثير من الفروع الشرعية كالصوم والصدقات الواجبة والمستحبة والتقوى وترك الفواحش والمعاصي وهاذان المقصدان مطابقان للفطرة فكما عرفت ان للانسان فطرتين فطرة التوق الى الكمال والفطرة النفور من النقص فجميع احكام الشرائع مربوطة بالفطرة من اجل تخليصها من حجب الطبيعة الظلمانية.

🕊اللهم عجل لوليك الفرج ياالله 🕊

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن