المقصد الخامس

3 2 2
                                    

الفصل الثاني:
العدالة والجور في الكتب الاخلاقية:

قال الحكماء ان جميع اجناس الفضائل اربعة الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة. لان للنفس قوتين قوة ادراك وقوة تحريك ولكل منهما شعبتان اما قوة الادراك فتنقسم الى العقل النظري و العقل العملي اما قوة التحريك فتنقسم ايضا الى قوة الدفع وهي شعبة الغضب وقوة الجذب وهي الشهوة وتعديل كل من هذه القوى الاربعة واخراجها من حد الافراط والتقريط فضيلة فالحكمه عبارة عن تعديل القوة النظرية وتهذيبها والعدالة عبارة عن تعديل القوة العملية تهذيبها والشجاعة عبارة عن تعديل القوة الغضبية وتهذيبها والعفة عبارة عن تعديل القوة الشهوية وتهذيبها للعدالة اطلاق اخر وهو عبارة عن تعديل جميع القوى الباطنية والظاهرية والروحية والنفسية وبهذا الاطلاق قال الفيلسوف المذكور سابقا: العدالة كل الفضيلة لانها جزء منها وبهذا المقياس للجور ايضا اطلاقان احدهما مقابل العدالة بالمعنى الاخص والاخر مقابل العدالة بالمعنى الاعم وهو المذكور في قول الفيلسوف كل الرذيلة وليكن معلوما ان العدالة حيث هي حد وسط بين الافراط والتفريط فلو مثلنا ذلك تمثيلا حسيا يكون خطا مستقيما واصلا بين نقطة العبودية ومقام قرب الربوبية فطريق سير الانسان الكامل من نقطة النقص العبودية الى كمال العزة الربوبية وهو العدالة وهي الخط المستقيم والسير المعتدل وفي الكتاب والسنة اشارات كثيرة في الصلاة هو هذا السير الاعتدالي وما ورد في الاحاديث الشريفه ان الصراط ادق من الشعرة وحد من السيف هو من جهة ان حد الاعتدال له الوسطية الحقيقية ومن هنا يظهر هكذا في التمثل في عالم ظهور الحقائق ونقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر ابن عبد الله الانصاري قوله: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا هكذا امامه فقال هذه سبيل الله وخطين عن يمينه وخطين عن شماله وقال : تلك سبل الشيطان . ثم وضع يده على الخط الاوسط وتلى : وان هذا سراطي مستقيما فاتبعوه والاعتدال الحقيقي ليس مقدورا وميسورا الا للانسان الكامل الذي لم ينحرف ولم يمل وان اول سيرة الى منتهى نهاية الوصول وهو الخط الاحمدي  و الخط المحمدي بتمام المعنى وغيره من السائرين يسيرون بالتبع لا بالاصالة وحيث ان الخط المستقيم الواصل بين نقطتين ليس اكثر من واحد فان الفضيلة بقول مطلق بقول مطلق والسير على طريق العدالة والاعتدال لا تزيد على واحدة ولكن للرذائل انواع كثيرة بل غير متناهية الا ان اجناسها الكلية قسمت الى ثمانية اقسام لان لكل من هذه الفضائل الاربعة طرفين احدهما حد الافراط والاخر حد التفريط ومن هنا صارت اجناس الرذائل ثمانية  وكل هذه الامور مذكورة في كتب الحكماء والاخلاقيين بانواعها التي تحت هذه الاجناس وصرف العمر في اطراف التحديد والحصر وحسابها لا يعين على السير الانساني وكمالاته.

والحمد الله تعالى🌠🌠🌠🌠🌠🌠
اللهم عجل لوليك الفرج ياالله ❤❤

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن