المقصد السادس 🕯

6 3 1
                                    

الفصل الخامس:
في بيان ابتلاء المؤمنين:

كما ان الرضا من جنود العقل والرحمن من لوازم الفطرة المخمرة كذلك السخط من جنود الجهل وابليس من لوازم الفطرة المحجوبة الجاهلة ومن نقصان المعرفة بمقام الربوبية والجهل بشرف عزه الله جل وعلا
وهذا من الثمرات الخبيثة لحب النفس وحب الدنيا فحب الدنيا يعمي ويصم ولا يرى صاحبه غير الشهوات والاماني الدنيوية وينصرف عن الابتلاءات التي هي مصلحة للنفوس ومربية للقلوب بسبب الاحتجاب عن المقامات الروحية ومدارج اهل المعرفة ومعارج اولي الالباب ويرضى ويفرح من اقبال الدنيا عليه وهو اسوأ افتتان وابتلاء
وسنذكر الان بعض الروايات الشريفة في هذا الباب فلعل ببركة اصحاب الوحي والتنزيل تلين القلوب القاسية وتتيقظ القلوب الغافلة ونحن وان شرحنا ذلك في كتاب الاربعين شرحا مفصلا في باب ابتلاء المؤمنين وسره فسنذكر هنا مختصرا منه لمزيد الفائدة وعدم الاطالة
الكافي باسناده عن ابي عبد الله علية السلام قال: ان اشد الناس بلاء لانبياء ثم الذين يلونهم ثم الامثل فالامثل عن ابي عبد الله علية السلام قال: ( ان عظيم الاجر مع عظيم البلاء وما احب الله قوما الا ابتلاهم) عن ابي عبد الله علية السلام قال: ( ان الله عز وجل عبادا في الارض من خالص عباده ما ينزل من السماء تحفه الى الارض الا صرفها عنهم الى غيرهم ولا بلية الا صرفها اليهم) والاحاديث في هذا الباب كثيرة اي ان الله تبارك وتعالى يبتلي اولياءه ومؤمنيه في دار الدنيا لمحبته لهم وعنايته بهم وعمدة السر في ذلك انهم لو وضعوا في الدلال والنعمة لركنوا الى الدنيا باعتبار اصلهم ولاثرت في ملكوت قلوبهم لذات الدنيا وشهواتها ولزاد تعلقهم بالدنيا وحبهم لها ولنفروا قهرا عن ألحق تعالى ودار كرامته وعن ملكوت انفسهم واصلاح امراضها ولتاخروا عن اكتساب الفضائل النفسانية وبشكل عام لو دقق احد في حال الاغنياء نوعا ما لوجد ان الغنى والثروة والصحة والسلامه والامن والرفاه لو جمعت في الانسان فقلما يستطيع قلب حفظه من الفساد والامراض النفسانية ومنعه من طغيان النفس
ولعل لهذا النكتة قال جابر بن عبد الله (قدس) للإمام الباقر عليه السلام انا في حال الفقر احب الي من الغنى والمرض احب الي من الصحة لانه لم يكن مطمئنا من نفسه ان يحفظها كما يشاء في الرفاه والسلامه ولم يكن مطئنا من طغيان نفسه ولكن الباقر عليه السلام حيث ان مقامه فوق عقول البشر اظهر مقام الرضا بما يتناسب مع افق جابر وعلمه وتاهيله في السلوك الى الله وابرز جذبه من المحبة الالهية وقال اما نحن اهل البيت فما يرد علينا من الله من الفقر والغنى والمرض والصحة والحياة فهو احب الينا نعم ان اولياء الله يرون البليات تحفه سماوية والشدة والضيق عنايات ربانية فهم يانسون بالله تعالى ولا يطلبون غيره ويتوجهون الى الذات المقدسة ولا يرون غيرها واذا طلبوا دار كرامة الحق تعالى فذلك من جهة انها منه تعالى لا من جهة الحظوظ النفسانية
وهم راضون بقضاء الله من جهة الارتباط بالحق تعالى فاصبحت المحبة الالهية منشأ لمحبة اسمائه تعالى وصفاته واثاره وافعاله .

🕯🕯🕯🕯🕯🕯🕯🕯🕯🕯🕯🕯
اللهم عجل لوليك الفرج 🔮🔮 

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن