المقصد السابع🎈

4 2 0
                                    

الفصل الثاني:
في مراتب الشكر:

اعلم ان مراتب الشكر تختلف حسب مراتب معرفة المنعم ومعرفة النعم وايضا تختلف بحسب اختلاف مراتب الكمال الانساني فهناك فرق كبير بين من يكون في حدود الحيوانية ويسير في مدارجها ولايعرف شيئا غير النعم الحيوانية وهي عبارة عن قضاء الشهوات والوصول الى المآرب الحوانية ويرضي نفسه بمنزل الحيوانية ومشتهياتها وهي عبارة عن المأكول والملبوس والمنكوح الحيواني وليس له اطلاح على سائر مراتب الوجود والمقامات ومدارج الكمال غير افق الطبيعة والدنيا فلم يتطرق مطلقا الى العوالم الغيبية المجردة وبين من خرج من هذا الحجاب ودخل في المنازل الاخرى وحصل في قلبه تجل من طليعة عالم الغيب وهناك فرق كبير بين من ينظر نظرة استقلالية الى الاسباب الظاهرية والباطنية والى الاسباب المسببات والوسائط وبين الذين لهم علم بالروابط بين الحق والخلق ويرجعون بدء مراتب الوجود وختامها الى الحق تعالى ويرون بنورانية قلوبهم تجلي مسبب الاسباب من وراء الحجب والاستار النورانية والظلمانية واذا تحقق شكر النعم الالهية بجميع مراتبه من تجلي الوجود الاول وبسط بساط رحمته الى تجلية الاخير بالتجلي القبضي الذي يطوي بساط الملك والقهر في قلب السالك بالمشاهدة الحضورية بل يكون قلب السالك نفسه مظهرا للتجلي الرحماني والرحيمي والملكي والقهري وهذه الحقيقة لاتحصل في الواقع الا لخاتم الانبياء {ص} بالاصالة وللكمل من الاولياء عليهم السلام بالتبعية ولهذا قال الحق تعالى تقدست ذاته: {وقليل من عبادي الشكور} نعم ان الذين ليس لهم علم بتجليات الذات الاحدية ويرون للموجودات ذاتيات اصلية فهم يقعون في كفران النعم الالهية وكذلك الذين لم يشاهدوا تجليات الاسماء والصفات ولم تكن قلوبهم مرآة للحلول فيها والذين ليسس عندهم علم بتجليات الافعال وتوحيد الافعال والصفات فهم يكفرون بالنعم وهم عنها غافلون: (وذروا الذين يلحدون في اسمائه) والذين جمعوا بين الحلولات الالهية الخمسة وتحققوا بالسرائر الانسانية الخفيفة وجلسوا في منزل البرزخية الكبرى وتنعموا بالنعم الباطنة والظاهرة فهم يشكرون الحق جل وعلا بجميع الاشكال ويثنون عليه بكل كلام لان الشكر ثناء على النعم التي عطاها المنعم تعالى شانه فاذا كانت تلك النعمة من قبيل النعم الظاهرية فلها شكر وان كانت من قبيل المعارف والعلوم الحقيقية فلها شكر اخر مختلف واذا كانت من قبيل تجليات الافعال فشكرها على نحو واذا كانت من تجليات الصفات والاسماء فشكرها على نحو اخر واذا كانت من قبيل تجليات الذات فشكرها على نحو اخر مختلف
وحيث ان هذا النحو من النعم يحصل لقليل من خلص العباد فلا يتيسر القيام بوظيفة الشكر والثناء على المعبود الا لقليل من خلص الاولياء :(وقليل من عبادي الشكور) اعلم ان بعض المحققين من اهل المعارف قال ان الشكر من المقامات العامه لانه يتضمن ادعاء مجازاة المنعم بانعامه وهذا اساءة للأدب ولو شاهد العبد السالك ان الحق تعالى متصرف في مملكته باي نحو شاء ويرى لنفسه تصرفا ولا يرى نفسه اهلا لان يقوم بالشكر لان العبد وتصرفاته من جملة الممالك الالهية فالشكر حيث انه متضمن للمكافاة فهو اساءه ادب من هذه الجهة الا ان يكون العبد مامورا بالشكر بحيث يكون القيام من قبيل القيام بالامر الالهي فشكر الاولياء قيام بالطاعة وليس شكرا بمعناه الحقيقي ولكن من المعلوم ان هذا يشمل ادعاء غير الاولياء الذين يحوزون الحلولات ويحافظون على مقام الوحدة والكثرة ويحصلون على رتبة البرزخية الكبرى ولهذا الجهة فان الشيخ العارف خواجه الانصاري مع انه قال الشكر من مقامات العامه فقد قال في درجته الثالثة ان لا يشهد العبد الا المنعم فاذا شهد المنعم عبودة استعظم منه النعمة واذا شهد حبا استحلى منه الشدة واذا شهده تفريدا لم يشهد منه نعمة ولا شدة ويعلم من هذه الفقرات الشريفه ان هذا المقام اي مقام الشكر كغيره من مقامات السلوك تشترك في اوائلة العامه والخاصه او تختص به العامه وفي اواخر تختص به الخاصه وليس لغيرها فيه نصيب.

اللهم عجل لوليك الفرج ♥️♥️♥️
❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن