🌸المقصد الرابع🌸

6 3 2
                                    

الفصل الرابع
في كيفية الجمع بين الخوف والرجاء

وهو على نحوين احدهما مختص بالكاملين ارباب المعارف وهو الجمع بين التجليات اللطفية والرحمانيه التي هي اسماء الجمال وبين التجليات القهرية والكبريانية التي هي اسماء الجلال او الجمع بين التجلي بالرحمة والتجلي بالعظمه لان قلوب الاولياء بحسب الفطرة الاصلية مختلفه ومتميزة فبعضها اقرب الى افق الرحمة اكثر تناسبا معه وهي قلوب ظهرت من اسماء الجمال والرحمة وهي بنفسها ظهور تجلي الرحمة والجمال كالقلب العيسوي على نبينا واله وعليه السلام في هذه القلبوب يغلب الرجاء على الخوف وتجليات الجمال غالبة على تجليات الجلال والبعض الاخر اقرب افق الجلال والعظم وهي قلوب ظهرت من تجلي الجلال وهي بنفسها ظهور لتجلي الجلال القلب اليحيوي عليه السلام في هذه القلوب الخوف غالب على الرجاء والتجليات الجلالية غالبة على تجليات الجمالية وهناك قلوب جمعت بين التجلين وهذه القلوب كلما كانت اقرب الى افق الاعتدال كانت اكمل الى ان تصل الى حد تظهر عليها فيه تجليات الجمال والجلال على حد الاستواء والاعتدال الحقيقيين فلا يغلب الجلال على الجمال والجمال على الجلال وصاحب هذا القلب الجمعي الاحدي الاحمدي هو خاتم دائرة الكمال وجامع الولاية المطلقة والنبوة المطلقة وهو خاتم النبوات ومرجع ومآب الولايات وهذا الخوف والرجاء اللذان هما من التجليات الاسمائية لا ينقطعان من هذا العالم بانقطاع عالم الطبيعة ورجوع نفسيهما الشريفتان نعم يظهر في كل نشاة على طور ولهما اثر خاص
وما ذكره في شرح اصول الكافي الفيلسوف الاسلامي العظيم الشان الايماني رضوان الله عليه في ذيل هذه الفقرة من الحديث الشريف ان الخوف ليس من الكمالات الباقيه في عالم الاخرة وينقطع بانقطاع هذا العالم فمقصود غير الخوف الذي هو من تجليات الجلال لان هذه التجليات بعد ارتفاع الاشتغال بالطبيعة تكون اعلى واكمل وكلما كانت الارواح والنفوس في غلاف الطبيعة كانت اكثر حرمانا من هذه التجليات وهذا الخوف ليس من سنخ العذاب وجنس العقاب ليكون منافيا لذلك العالم ولعل تجلي اللطف والرحمة فيه يغلب على تجلي الجلال والعظمه بالنسبة الى جميع النفوس والارواح الكاملة فبناء على هذا ينقطع الخوف ولكن التحقيق قد اثبت انه بالنسبة الى اولي الالباب والعارفين كل اسم جمال هو في باطنه جلال وكل اسم جلال في باطنه جمال ولهذا يحصل الانس بعد التجليات الجلالية فالخوف الحاصل من العظمه يتحول الى الطمانينة والسكون والخوف الناجم عن التجليات الابتدائية لاسماء الجلال ينقطع فيحصل الانس والطمانينة والمحبة والله العالم وليكن معلوما ان ما ذكر في انقطاع الخوف يختلف عن الانقطاع الذي ذكره الفيلسوف وذكره بعض الشراح والمحدثين الاجلاء لان ما ذكر ليس انقطاعا بل رجوع الى الظاهر الى الباطن والصورة الى المعنى وفصيل هذا الامر خارج عن مقصد هذا الاوراق واما النحو الاخر من الجمع بين الخوف والرجاء ولعل الاحاديث الشريفه والادعية الماثورة كانت غالبا تتوجه اليه هو انه لابد للانسان من ان يجمع دائما بين نظرين الاول هو النظر الى نقص نفسه وقصورها وفقرها وفاقتها وفي هذا النظر يجد انه ناقص محض قاصر صرف وليس له من نفسه اي قدرة وقوة وكمال وعزة بل كل الكمال والجمال والحسن والبهاء من الحق تعالى وكل المحامد والاثنية راجعه الى ذاته المقدسة بل يعرض في مراة الامكان قصور الكمال ونقص الحسن الازليين كما يظهر نور الشمس في المراة المحدوده والمكدرة محددا ومكدرا وبهذه الرؤية يحصل الخوف في العبادات والاطاعات ايضا فكيف بالخطايا والمعاصي بل ان اكثر عباداتنا عند ارباب المعرفة هي من اجل المنافع الذاتية فهي عبادة للنفس واعمال للشهوة فتحصل منها الكدورة والظلمه وبهذا النظر يحصل الخوف بنظر اخر لابد ان ينظر الى بسط رحمة الله تعالى وسعه نور الرحمانية والرحيمية والنعم الواسعة غير المنتاهية والكرامات الدائمه وبهذا النظر يحصل الرجاء ولابد للانسان ان يكون دائما بين هذين النظرين: نظر الى الذل والفقر الامكانيين ونظر الى الرحمة والنعمه الواجبتين كي يجمع لين الخوف والرجاء الكاملين كما في الحديث الشريف في الكافي عن الصادق عليه السلام عن ابي عبدالله عليه السلام قال قلت له : ما كان في وصية لقمان قال كان فيها الاعاجيب وكان اعجب ما كان فيها ان قال لابنه خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك وارج له رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال ابو عبدالله عليه السلام : كان ابي يقول انه ليس من عبد مؤمن الا وفي قلبه نوران نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا وفي ادعية الامام السجاد علية السلام اشارات كثيرة الى هذا الامر كما في دعاء ابي حمزه الثمالي هو من اعلى مظاهر العبودية وليس عند البشر دعاء بلسان العبودية والادب بين يدي الله بهذه المرتبه حيث يقول: ادعوك راهبا راغبا خائفا اذا رايت مولاي ذنوبي فزعت واذ رايت كرمك طمعت فان عفوت فخير راحم وان عذبت فغير ظالم ..

🌟🌟🌟🌟🌟🌟🌟🌟🌟
🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙🌙
اللهم عجل لوليك الفرج ياالله

جنود العقل والجهلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن