١٣-|كابوسٌ واقِعي|

3.7K 291 88
                                    


«كُل سنة وأنتوا طيبين، عيدكُم مُبارك».

**********

ماذا أيها الموت؟ الم تشبع؟ الم تمتلئ معدتك من إلتهام الأحباب؟ ماذا أيُها الموت؟ بحضرة الفُقد جميعُنا مظلومين لا ظالمين مكسورين لا كاسرين فهو الوحيد الذي يحُق لهُ أن يظلِم ويكسِر، "الموت" كلِمة بسيطة لكنها الوجهُ الآخر للحقيقة حقيقة جميعُنا نستنكِرُها؛ نُبغِضُها؛ رافضينَ التصديقَ بِها، غير مُدركين إن الحياة والموت وجهانِ لعُملة واحِدة وإن كما الأولى حقيقة فالثانية أيضًا حقيقة.

حقيقة تجِدُها تخرُج بصرُاخ أختٍ ملكومة بفقدِ الأُخت التي قضت معها سنين الطفولةِ والمُراهقة والهِرم؛ حتى حملت بذراعيها طفلتيها وبذات اللحظة تفقِد الإبنة.

حقيقة واضحة بدموع أربعة رِجال أشبهُ بالجِبال صامدين بوجهِ جميع الصِعاب وصفعات القدر حتى أتت حقيقة الموت جردتهُم من صمودهم.

حقيقة تجِدُها بأنهيار عائلة كإن الراحلتين كانا عمودها وأساسُها!.

المشهد بطيء، كُل ثانية تمرُ بعامٍ من وجَّع لا ينتهي، لا شيء يعلوا فوق صوت بكائهُم ونفسهُم المُتقطِع وهُم مُنحنين بحضرة الموتِ بإذلال، صاحبةُ العزاء الأولى تُهرول بعدم تصديق مُخترقة البابين وكإن الخطوة تعدوها بألفِ ميلٍ فلا تصل والمسافة القصيرة لا تنتهي.

"أُختي لا ترحلي".
"أيُها الفُقد ويلٌ لكَ ما أقساك تلك شقيقتي".
"نصفي وشقي لا ترحلي مني".

تتردد الكلمات بصدى روحها ولا تقوى على عبور بوابة الخروج والصُراخ، وجدت سريرًا مُغطى بملائة بيضاء تُعلن نبؤة الراحل إلى سفرٍ بعيد فكشفتُ عنهُ وإذا بها تجِدُ نصفها، شقها الراحل.

(يا بت بطلي هبل وجنان الواد هيطفش منك).
ذكرى تبعتها بدمعة.

(الله يخربيتك ويخربيت هزارك البايخ يا إيمان).
لتفتح عينها فقطّ وتُقسم لها بروحها إنها لن تُكرر المُزاح الثقيل مرةً أُخرى.

(هاتي الرواية يا رخمة إلا رواياتي يا إيمان مُمكن أتحول من سحر لكيوت لسحر الشرشوحة لو حد مس وحدة من رواياتي).
لتهمس لها بهمسة واحدة تُطمئنها حينها ستُفني نفسها بجمعِ آلاف الكُتب والروايات المُفضلة لديها.

(إن شاء الله بيوم فرحك أنا هلبسك طرحتك، وهلبسك الجزمة كمان، وهشيل ذيل الفُستان، هو أنا أُختي كام مرة تتجوز).
وشهقة قاسية مزقت حُنجرتها وهي تنحني لتضُمها بقلبها قبل يديها وقد فاقت على صفعة الواقع المؤلمة، لقد رحلت توأمتها! تركتها لعالمها ودُنياها وحدها، من كانت معها بجميعٍ المراحل، من شاركتها السرير والمأكل والمَشرب والدرس رحلت، حتى الرحم تشاركتهُ معها لمُدة تسعةُ أشهُرٍ كاملة، لقد تشاركا كُل شيءٍ والآن لِما لا تُشاركها الموت؟ كيف تترُكها لوحشة العالم دون بسمتِها، وكيف لقلبها هي أن يدفن نصفهُ الراحل بقبرٍ موحش دونها؟ ماذا تنتظِر بأعوامٍ لا شقيقة فيها؟ وأيامٍ دون والدتها بها؟ شهقاتٍ مُتتالية تخرج من أعماق قلبها المقسوم حيثُ دقاتهُ تتقاتل بخوفٍ ورُعب من الحقيقة، حقيقة واحدة يفُر منها الكبير قبل الصغير، القوي قبل الضعيف... الفُقد:
-لأ يا سحر لأ بلاش يا توأمي تمشي من غيري، هعيش إزاي ونُصي مفقود؟ هكمل باقي عُمري من غير صوتك إزاي؟ بلاش والنبي تمشي.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن