١٤-|رَصاصةٌ|

4.2K 277 245
                                    

عندما نتذوق مرارة الفُقد يُصبح واقِعُنا غير ذا قيمة أو طعم، مزيج من الأسود والرمادي الغامق هو لون ايامنا فالفُقدِ تفنن بأمساك ريشتهُ ورسم ملامحنا ونحنُ فاقدين مكسورين، عندما نُفارق عزيزًا غاليًا دون وداع، ودن عناق، يُصبح الفُراق ليس فراقًا عاديًا بل حالة قاسية من خليط مشاعر تُكابِدها الروح وحدها يُطغى عليها شعور الندم كاسحًا كُل المشاعر، ندم الرحيل دون أن نقضي آخر لحظات عُمرنا مع الفقيد، او عِناق أجلناه ليوم غدٍ فتشرقُ شمسُ الصباح مع أشعتها ترتفع روح الفقيد إلى السماء باقين نحنُ خلفهُ باكين بندم، ننعى رحيلهُ حتى تنقطع الأنفاس وكلمة "يا ريت" تتردد دون توقف، لقد فقدت أبيها اليوم، فقدتهُ وآخر ذكرى لها معه أنتهت بصراخ وبكاء ثم تجاهُل، أودعتهُ القبر دون وداع، والسؤال هنا لو علِمنا بموعدِ الرحيل هل نبقى جوار الفقيد؟ أم نضحك مُستهزئين ما هذا الهُراء ونرحل وحين العودة نعُض الأصابع ندمًا! أم نطعن نفسُنا أو نرميها برصاصة قاتلة ولا وجع العيش دونهم! لمرة أُخرى فقدت وكم ودت لو كانت نهايتها هي قبلهُم، دلفت منزل عمتها بهدوء كبير تنظُر حولها لفيلم الفُقد اللا نهاية لهُ والذي يُعرض حاليًا أمامها وبطلتهُ كانت عمتها بجدارة حيثُ تجلس منهارة ببُكاء شديد، كان صوت القُرآن الكريم ينبعثُ من المُسجلات الموضوعة بالصالة والفتيات تجلسُ هنا وهناك، تقدمت بهدوء من الشقيقة العائدة والتي كانت حور تحتضنها بشدة وتبكي بعدم تصديق لوجود شقيقتها بأحضانها بعد مرور سنين من الحرمان، قالت بدموع ونبرة هادئة وهي تفتح يديها:
-تعالي يا حبيبتي.

أنطلقت الصغيرة بسرعة وبكاء لترتمي بأحضان شقيقتها بشدة لتهتف بألم وهي تمسح خصلاتها بحنان:
-أنتِ كويسة يا روح قلبي! حد أذاكِ أو عملك حاجه؟.

أجابتها ببكاء شديد:
-محدش عملي حاجة، أنا كُنت ببيت آمن.

مسحت على وجنتها بحنان وهي تهمس بصوتٍ مبحوح:
-حقك عليا يا نور عيني، يلا أنا هروح أقعُد مع الحريم وهنتكلم بالليل، ماشي.

أومأت لها ببكاء لتتوجه زهر لحور تُقبلها من وجنتها بصمت وهدوء وتتوجه حيثُ النساء تجلس هناك بصمت كبير ودموع قليلة رغم قلتها كانت تحرق وجنتيها تتلقى العزاء بملامح هادئة دون بُكاء، أتى الليل أخيرًا بعد يومٍ طويل وشاق جدًا، ليرحل المُعزين جميعًا وعند أنصراف آخر إمرأة دلف الشباب جميعًا للأطمئنان على الجميع، دموعهم لم تجف، والألم بادي على ملامح وجههم، جلسوا بصمتٍ قاتل ومتعب عدى آدم الذي توجه لشوق مُتسائلًا بحنان:
-كلتي حاجه يا حبيبتي!.

هزت رأسها بتعب وأرهاق علامة لا ليتنهد بتعب، حاول أن يتكلم لكنهُ صمت وهو ينظر لجاسر الذي كان يكتم بكائه بصعوبة وهو ينظُر لشوق، ليشير له آدم علامة أن يُبادر بالكلام مع الصغيرة، ليتقدم بدموع:
-شوق تعالي هنا يا حبيبتي.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن