٤-|بدايةُ اللعبِ على المكشوف|

2K 203 290
                                    

«على هذهِ الأرض كان هابيل قُربان أخيهِ قابيل، لذا لا تتأمل أن تجِد المثالية فوقها»

هذا الكوكب ملاذُ الشياطين، نعيمُ الأبالسة، وفردوسٌ بأستعدادٍ أن يفعلوا أي شيء وكُل شيء ليبقوا بهِ حاكمين وبأيديهم تقبع السُلطة؛ هذهِ الأرض جنةُ الحاقدين، والخيرُ يقبع بجزيرةٍ مخفية قد نُفي إليها مجبورًا، مسلوبًا بالقوةِ والغصب من أفئِدة البشر، فالسيادة لا تُحققها المثالية، بنو البشر لا يرتضون ببقعةٍ واحدة يحكمونها لهُم فآفتهُم الطمع لا يرغبون بأن يُطلق عليهُم "سُكان" بل يجب أن يكونوا هُم الأسياد، منذُ آلافِ السنون كان في الأرض غُرابٌ وآخر فقام الأول بقتل الثاني فذاتهُ لا تستسيغ مُشاركة الأرضِ مع آخرون؛ بعد هذهِ المُقدمة إفتح عينيك جيدًا، أصغي لكُل الصرخات التي ستندلع الآن، وكمم أنفك جيدًا فرائحة الدماء ستفوح وتبقى عالقة بالأجواء كثيرًا؛ فأنتَ هُنا تقف أمام "الغُراب" الذي لا يرتضي شريكًا، وأمام "إبليس البشر" الذي لا يهوى شيءً بقدرِ ما يهوى السيــادة ...

"المشهدُ الأول"

حيثُ إندلاع إولى شراراةُ اللعنة، تلك اللعنة التي ما زالت تحُل عليهِم، مُتشبثة بأجيالٍ تلو أجيال، لا مفر منها ولا هروب، فهي عالقة كسحرٍ أسود قديم.

(-أنتَ بتقول إيه يا "عِز"! بتهزر.)

-فــريـــال؟.

خرج الإسم من فم فريدة، أول من إستفاق من حالة الصدمة والتيه لرؤياها، فألتفتت إليها، تُهديها بسمة هادئة تُخفي خلفها أنياب الأفاعي:
-فريدة! وحشتيني.

-أنتِ!! أنتِ إيه اللي جابك بعد السنين دي كُلها؟.
وكان ذلك السؤال خارجًا من فمِ جاسر، الذي لا تقُل صدمتهُ عن صدمة الجميع، فألتفتت إليه وحين أبصرت عينيه تبخرت بسمتها؛ وتلقائيًا عاد عقلها للذكرى القديمة، لصاحبة العيون الزرقاء منذُ أعوام، إنهُ يُشبهُها، عيناه كأنهُما عيناها، وحاجباه الكثيفة نفس رسمتهُما، فرنت تلك العبارة برأسها كإنها تسمعها الآن وليس منذُ خمسٌ وخمسون سنة.

(-مبهزرش، أنا عاوز أتجوز.)

حينها تبسمت بقسوة سوداء، ترفع رأسها لجاسر وتُتمتم ساخرة، تفوح من بين حروفها الحقد والكُره:
-بقيت راجل طول بعرض يا إبن كمال.

ثم صمتت توزع نظراتها بهدوء على الجميع، تُطالع الجمع فردًا فردًا وتضحك مُستهزءة:
-ده العيلة الكريمة كُلها مجتمعة هنا، عيلة محسن، وفريدة، وأحمد، وعيلة رفعت الأدهم...
وقفت عيناها على آدم المُتحفز ذو الملامح القاسية كالصخر، وتبسمت بدهاء:
-وآدم حبيب قلب زهر، أهم فرد بعيلة الأدهم ...
ثم حادت بعيناها نحو تلك الجالسة على الدرج بصدمة ألجمتها وفتحت ذراعيها لها بترحيب كبير، وبسمة مسرورة تشُق ملامح وجهها المُجعدة:
-والغالية بنت الغالي، واللي كُنت مستنية لُقائها سنين واللي عارفة ان أنا قد إيه بعزها وأحبها وليها مكانة بقلبي "زهر كمال الفيومي".

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن