529

213 36 24
                                    

ظروف خارقة . أما هو فكان يشعر بشيء من الضيق.

إنه يدرك أن ما فعله في سبيل فاسيا حتى اليوم كان قليلاً. حتى أحسّ بالخجل حين شكره فاسيا من أجل ترهات كهذه ! على أن الحياة ما تزال أمامهما ! .. فتنفس أركادى الصعداء، وأطلق من صدره آهة تخفف وفرح.

لا شك أن وصولهما لم يكن متوقعاً. والدليل على ذلك أن الأسرة كانت قد بدأت تتناول الشاي. ومع هذا فما أكثر ما يحدث أن يكون المسنون أبصر بالأمور من الشباب ... وأي شباب !

كانت ليزانكا تؤكد أنه لن يجيء. فهي تقول لأمها : (( لن يجيء يا ماما، قلبي يقول لي ذلك)).

أما أمها فكانت تردد دائماً أن قلبها هي يقول لها خلاف ذلك تماماً، فلا بد أن يجيء، ولن يستطيع أن يستقر في مكانه هادئ البال، وسيهرع إليهم حتماً، لا سيما وأن المكاتب مغلقة، فاليوم عشية عيد رأس السنة ! وحتى حين فتحت الباب لم تكن ليزانكا تتوقع أن تراه.

فلما رأته لم تصدق عينيها، واستقبلته لاهثة الأنفاس خافقة القلب كـعصفور أسير، محمرّة الوجه كـثمرة كرز (وهي تشبه الكرز على كل حال).

رباه ! يا للمفاجأة الجميلة الممتعة ! وانطلقت من شفتيها الصغيرتين آهات فرحة .. قالت وهي ترتمي على عنق فاسيا : ((يا لك من مخادع يا حبي !)) ... ولكن تصوروا دهشتها واضطرابها حين رأت أركاديا واقفاً وراءه، خجولاً وجِلاً كأنه يريد أن يختبئ.

يجب أن نذكر في هذه المناسبة أن أركاديا شاب تعوزه الثقة بنفسه في حضور النساء، تعوزه كثيراً، حتى أنه في ذات مرة ... ولكننا سنتحدث عن هذا في حينه.

ضعوا أنفسكم في مكانه مع ذلك، تروا أن خجله ليس فيه شيء من سخف.

لقد كان هناك، واقفاً في حجرة المدخل، غريب الملابس بحذائيه المطاطيين وردائه العريض وطاقيته التي من فراء، وعمرته التي تغطي العنق والأذنين والتي أسرع يخلعها كيفما اتفق من جهة أخرى.

ثم لقد كان

BRO |✔| اقرأ 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن