566

100 23 10
                                    


الساعة الثانية من الصباح إنه يغيب في نوم عميق. فنام عندئذ أركادى على كرسيه مسنداً ذراعه على المنضدة.

فرأى فيما يرى النائم حلماً غريباً مقلقاً. كان يتراءى له أنه غير نائم، وأن فاسيا ما يزال راقداً على السرير. ولكن الأمر الغريب هو أنه كان يحس أن فاسيا يمثل تمثيلاً، وأنه يحاول أن يخدعه، فها هو ذا _أي فاسيا_ ينهض عن سريره صامتاً ويتسلل نحو المكتب على رؤوس الأصابع مراقباً صاحبه بطرف عينه.


شعر أركادى عندئذ بألم شديد يقبض قلبه. أحزنه وأشجاه أن يرى فاسيا لا يثق به بل يخفي عنه أفكاره. أراد أن يوقفه، أراد أن يزجره، أراد أن يرده إلى السرير عنوة .. فإذا بـفاسيا يطلق صرخة هي آخر زفرة من زفراته، وإذا بأركادى يحمل إلى السرير جثة ميتة لا إنساناً حيّاً.


تبلل جبين أركادى بالعرق، وأخذ قلبه يخفق خفقاناً شديداً حتى ليكاد ينفجر. فتح عينيه فإذا هو يرى فاسيا جالساً إلى المنضدة أمامه يكتب.


ظن أركادى أنه ما يزال يحلم، فنظر إلى السرير، فلم يجد عليه فاسيا. فنهض بوثبة واحدة وهو ما يزال تحت وطأة الكابوس الذي ألمّ به أثناء نومه. لم يتحرك فاسيا، بل ظل يكتب.

وفجأة لاحظ أركادى مذعوراً، أن صاحبه يُجري على الورق ريشة بغير حبر، وأنه يقلب صفحات بيضاء مسرعاً في ملء الصفحات إسراعاً رهيباً، كأن هذا خير وسيلة لإنجاز العمل الذي يجب عليه أن ينجزه.

قال أركادى إيفانو فيتش لنفسه وهو يرتعش : (( لا .. ليس هذا إلا نوبة عصبية.)).

هتف يقول وهو يمسك صديقه عن كتفه :

- فاسيا، فاسيا، أجبني !

BRO |✔| اقرأ 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن