560

114 22 8
                                    

وابتسم فاسيا لصاحبه، فكان وجهه الشاحب يضيئه شعاع من أمل حقاً. وتابع كلامه يقول :

- إليك ما عقدت النية عليه. لن أحمل إليه بعد غد إلا جزءاً ... أما الباقي فسألفق من أجله حجة ما .. أقول مثلاً أنه احترق أو أنه تبلل أو أنه ضاع أو أقول له أنني لم أستطع أن أكمله ... ذلك أنني لا أستطيع أن أكذب .. سأشرح له كل شيء بنفسي. هل تعلم؟ سأروي له كل شيء .. سأقول له مثلاً : لم أستطع وكفى ! سأحدثه عن حبي. لقد تزوج هو نفسه منذ زمن طويل. سوف يفهمني ! طبعاً سأتكلم بهدوء، واحترام .. وسوف يرى دموعي فيتأثر قلبه.

- طيب .. اذهب إليه، قابله، اشرح له .. ولكن لا فائدة من الدموع يا فاسيا ! لماذا البكاء؟ أؤكد لك يا فاسيا أنك تثير في نفسي ذعراً رهيباً.

- نعم نعم، سأذهب إليه. أما الآن فدعني أكتب، دعني أكتب يا أركاشا. لن أسيء إلى أحد. ولكن دعني أكتب.

ارتمى أركادى على سريره. واضح أنه فقد اطمئنانه لفاسيا، وثقته به. إن فاسيا لن يتورع عن شيء .. لماذا طلب العفو، وكيف؟ ليست هذه هي المسألة في الواقع.

المسألة هي أن فاسيا لم يفِ بالتزاماته، فهو يشعر من ذلك بأنه مذنب في حق نفسه. هو يشعر بأنه عاق مع القدر.

يشعر أنه غير جدير بسعادته، فهذه السعادة هي التي تهزّ نفسه وتحطّمها وتقلبها رأساً على عقب.

إنه لا يبحث إلا عن حجة لينحرف إلى هذا الاتجاه. إنه لما يثب من دهشته في الأمس.

قال أركادى في داخله : ((هذه هي المسألة. يجب أن نصالحه مع نفسه، إنه بسبيل تأبين نفسه.)).

وبعد أن اجترّ أركادى إيفانوفيتش المسألة طويلاً، قرر أن يذهب منذ الغد إلى جوليان ماستاكوفيتش دون إبطاء، فيروي له كل شيء.

BRO |✔| اقرأ 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن