كانت تجلس على سريرها ممسكة بشيء بيدها بقوة وكأنها تحتضنه كي لا يتركها ... اخفى شعرها الزهري الطويل وجهها فيما كانت تميل بجذعها إلى الامام !، دخلت عليها أمها الغرفة وقالت :
_ لقد تأخرنا يا ساره ..
اجابت ساره بتوتر شديد وحاولت إخفاء ما بيدها ثم مسحت وجهها بسرعة وقالت :
_ انا جاهزة يا امي ...
لم ينخدع قلب الام بتمثيل ساره !!، اقتربت منها .... امسكت بوجه ساره بلطف ثم رفعته قليلا حتى انزلقت الخصلات التي كانت تغطي وجهها لتنكشف للأم عينا ساره الطافحتان بالدمع !!، اخذت من يدها ما كانت تمسك به ، صورة لوالدها ... صرت ام ساره على شفيتها وحاولت إخفاء حزنها الذي شعرت به وكاد ان يخنقها ويدخلها في نوبة بكاء !!، تماسكت حتى لا تزيد من حزن ابنتها ثم قالت بصوت دافئ حنون :
_ اتشعرين بالذنب ؟! لانك ستخرجين وتستمتعين ....
ارتمت ساره على حضن والدتها وامسكت برداء والدتها وقالت باكية :
_ اجل يا امي !!، اشعر بالذنب .. اشعر بأنه لا يجدر بي الاستمتاع بوقتي او الفرح فيما ابي قد توفى !!...
ضمت والدة ساره ساره إليها ثم قالت :
_ لا عليك يا ابنتي ... متأكدة بأنك والدك لن يمانع ان تستمتعي بوقتك وربما يحزنه الآن رؤيتك بهذا الشكل !!..
آدم
بالرغم من علمها التام بأني اكره التجمعات البشرية إلا انها مازلت تصر على ذهابي إلى احتفالات رأس السنة الجديدة ؟!!، ما الذي سأجنيه من الذهاب إلى هناك غير الالتصاق بتلك الكائنات المزعجة في ازدحام خانق وتلويث سمعي بمحادثاتهم السخيفة !!، يا إلهي !، يستلزم ذهابي إلى هناك ملابس لائقة !!، لطالما واجهت مشكلة في تنسيق ملابسي !!، سأبدوا بينهم كالمتشرد !!، اللعنه !، ليت هناك ديمقراطية في المنزل .. امي ديكتاتور لا يعرف الرحمة ولا يقبل الرفض كإجابة ؟!!، خرجنا من المنزل وانا ما زلت اتذمر والعن حظي ولكن ... لا حياة لمن تنادى !!، يتجاهلني الجميع وكأنني لست بينهم ؟!!..
لم تنتهي معاناتي هنا !!، عائلة اسلام قادمة معنا !!.. مازال والدها ينظر إلي نظرة من يريد القتل !!، يبدو بأنه لن ينسى ما حدث وربما أيضا هو مستاء من المبلغ المادي الذي اضطر لدفعه ؟!!. اقتربت اسلام مني قبل انطلاقنا ثم نظرت إلي بنظرة غريبة فقلت متعجبا :
_ ماذا ؟!!
_ لا تتحدث معي رجاءا ، والدي منعني من الحديث معك ( ازاحت بنظرها عني بطريقة مستفزة ) انت تجلب المشاكل فقط ...
_ حقا ؟!!، انا اجلب المشاكل ؟!! تتحدثين وكأنها لم تكن فكرتك في الأصل ان نذهب للنادي !!، يا ناكرة المعروف ..
_ مرة أخرى !، ارجوك لا تتحدث معي .. وأيضا ... لا تسر بالقرب مني هناك .. تبدوا كعامل بناء لم يستحم بعد في ملابسك هذه !!.
_ ايتها ال... ، سانتقم منك يا اسلام ....
غربت الشمس وبدأ الناس بالتوافد استعداد لمشاهدة الحدث الأهم .. الألعاب النارية ... كان المكان خانقا يعج بالمتجولين والباعة والأطفال وكبار السن .. وبعيدا في الساحة الخضراء القريبة من الدكاكين فرشت العائلات حصائرهم وجلسوا منتظرين تلك اللحظة .. حيث ينتهي عام ويبدأ آخر جديد .. لم استطع منع نفسي من التشاؤم وتغلبت علي سوداويتي وانا أرى هذا المنظر أمامي والذي يفترض به ان يكون مبهجا إلا ان عقلي لديه منطق آخر ... انطلقت افكاري بأقصى سرعة !!!. يحتفلون بمناسبة اقترابهم خطوة من القبر ؟!! اليس هناك عاقل ليشبه حياته بالسنة التي سنتركها غير اسفين .. بل سنتركها فرحين لنستقبل سنة جديدة ؟!!. وهكذا حياتك عندما تنتهي سيودعونها قليلا ثم يفرحوا بقدوم حياة جديدة غير مكترثين بك !!!، اهذا حقا سبب يدعوا للإحتفال ؟!! مازالت لا افهم بني جنسي !، ولا اظن بأني سأفهم يوما ؟!...
كانت الأجواء كما توقعتها تماما ... العديد من الباعة المتجولين بالبالونات والمسدسات المائية وغزل البنات وحولهم يتقافز الصبية فرحين فيما تسير العائلات كقطعان ممتدة في الطرقات والباعة يصيحون عليهم للشراء وخلفهم العاشقين يدا بيد وعلى اقل من مهلهم وكأنهم قد انساهم العشق مكانهم والزمن الذي يعيشون فيه ؟!!.. وفيما انا غارق في افكاري قفزت أمامي اسلام من حيث لا ادري وكأنها مشعوذة تملك القدرة على الانتقال الفوري من مكان إلى آخر !!. وقالت بصوت مخادع مكار :
_ آدم امك تبحث عنك !!، ( شبكت يداها ثم قالت بود ) اشعر بأن هناك مغامرة جديدة !!. اريد مرافقتك ...
لم اكن لأتجاهل بالطبع فرصة للإنتقام من اسلام فقلت :
_ صحيح !!، تذكرت هناك امر طارئ تريدني امي ان أقوم به ..
_ حقا ؟!!، ارجوك يا آدم اصطحبني معك ..
_ ولكن والدك منعنك من الحديث معي !!، كما ان ملابسي تجلب الاحراج لك !!، اليس كذلك ايتها الشريرة الصغيرة ؟!!.
_ يا إلهي !، انت حقا معقد لا تحتمل المزاح .. كانت مجرد مزحة .. انت تعلم ذلك !!، هيا يا آدم ...
وفيما نحن عائدون إلى حيث تجلس عائلتي وعائلة اسلام لمحت ضياء يركض بسرعة البرق مخترقا الجموع وبدا لي وجهه جاد وبه بعض القلق اثناء ركضه !!. لم استطع من نفسي عن التفكير بما يحصل معه وسبب ركضه ؟!!، ايعقل بأن احد يطارده ...ضياء ؟!! كلا لا اظن بأن ضياء ذو السمعة الناصعة سيتسبب في مشكلة ما ... مستحيل ...
توقف قلبي عندما رأيت ساره ووالدتها تجلسان بالقرب من امي !!. ظننت في البداية انهم يخططان لنوع عقاب صارم يسبب لي عاهة دائمة لأنني جررت ساره معي لمخفر الشرطة في اخر مرة تقابلنا !!، ولكن هناك شيء غريب يحدث بينهم ؟!! استطيع سماع ضحكاتهم من بعيد !!، لا اظن بأنهم يخططون !!، انهم يحظون بوقت ممتع .... غريبة .. اهم أصدقاء ؟! امي وام ساره ..... على كل ، هذا لا يهم مادام لا عقاب لي ...
تبسمت والدة ساره ما ان رأتني !!، ثم قالت ضاحكة :
_ لقد كبرت فعلا !!، ومازلت مشاغبا كما تركتك آخر مرة ؟!!.
اصبت هنا بالصدمة !!.. لقد تذكرتها .. انها صديقة امي واعتدت مناداتها بخالتي !!، قلت لها مسرعا :
_ خالتي ؟!! لقد تذكرتك .. مضى وقت طويل !...
_ اجل ، اجل .. اضطررنا للانتقال بسبب ظروف العمل ... ولكن ها نحن قد عدنا من جديد ...
قالت امي :
_ خذ ساره وارها المكان يا آدم ..
لم استطع كبح غضبي وبدأت بالغليان :
_ الآن فهمت يا أمي .. لقد اجبرتني على القدوم إلى هنا من اجل هذا السبب ؟!! من اجل ان أكون مرشدا سياحي ...
ازاحت بنظرها الى الجهة الأخرى ثم قالت :
_ ربما ....
انطلقنا ثلاثتنا انا وساره وإسلام نحو الساحة حيث عروض الفرق البهلوانية والمهرجين .. توقفت ساره فجأة فتوقفت وبقيت اسلام تسير امامنا ... نظرت لساره متعجبا سبب وقوفها المفاجئ .. بدت متوترة وغير مرتاحه ؟!!، كان واضحا عليها ان هناك شيئ ما يضيق به صدرها رغم محاولتها اخفاءه !!.. نظرت إلي بعينان على وشك ذرف الدموع وقالت بنوع من الغضب والاستياء :
_ اريد مغادرة هذا المكان ....
_ ماذا ؟!!
سارة بنبرة ضيق شديدة :
_ اريد المغادرة فقط ...
_ حسنا ، حسنا !، كما تشائين ... ولكن إلى اين ؟!.
_ لا ادري .. أي مكان غير هذا .. اشعر بالاختناق هنا ..
ركضت ساره عائدة إلينا :
_ لما توقفتم ؟!!.
سنخرج من هنا .. سنذهب إلى مكان اكثر هدوء ...
اقتربت ساره ونظرت إلي عيني مباشرة ببعض من التعجب والذهول ثم قالت بصوت متفاجئ :
_ يا إلهي !!، تريد الذهاب بنا الى مكان نائي ثم قتلي وبيع اعضائي ؟!!
_ لا اريد قتلك ايتها المجنونة ؟!!.
ابتعدنا عن الساحة وضجيجها وسرنا حتى اصبح المكان اكثر ظلمة لعدم تواجد أعمدة الانارة واختفت اصوات الاحتفالات تماما ولم نعد نسمعها .. توقفنا امام أشجار كثيفة هي بداية الغابة الكثيفة التي تحد المدينة !، وللأمانة كان المشهد امامنا مرعبا ... وحدث آخر ما كنا لنتوقعه !!. ظهر ضياء ومعه شخص آخر لا اعرفه من بين الأشجار ؟!!.... لوهلة ظننا انه شبح يتقمص شكل ضياء !!. تراجع كل من ساره وإسلام للخلف جاعلاني في المقدمة .. حركة خسيسه !!، قلت بابتسامة توتر حمقاء :
_ انت ضياء اليس كذلك ؟!!
_ ما هذا السؤال الغريب ؟!! بالطبع انا ضياء ... اسمعوني ، لقد رصدنا شبح يتجول في الغابة ...
_ ها ... اقلت شبح ؟!._____________________________________________
انتظروا مغامرة شيقة بإذن الله الخميس المقبل ...
أنت تقرأ
مراهقة بطعم الحب الأسود !..
Romanceأنا آدم ... طالب في الثانويه وأكره البشر !!. ولولا خوفي من عقاب والدي المخيف لتركت المدرسة فورا وأغلقت باب غرفتي علي ولم اخرج منها أبدا إلا على قبري !!، لست مأساويا ولا انتحاريُّ حزين !!... كلا !... و على العكس تماما !، انا اعشق نفسي