اهداء للقطة المجنونة ...
كل عام وانت بخير ...
وفيما انا معلق في الهواء على سلم يترنح في كل الاتجاهات اثناء تثبيتي لأوراق الزينة !، كنت اغلي من الداخل وانفث نيران الغضب كبركان على وشك الانفجار ، بقي رأسي الملتصق بالجدار منحنيا لوقت طويل حتى بدأت اشعر بالالم وهو ينتشر في رقبتي ؟!!. يا إلهي !!، دائما ما اكلف باصعب المهمات ؟!!، هذا ظلم شديد في حقي ؟!!. أولا اجد نفسي مضطرا لترك نعيم غرفتي والحضور إلى هنا لقضاء عطلتي في التحضير لحفلة عيد ميلاد اسلام عوضا عن الاسترخاء على سريري الحبيب ؟!! وثانيا ارغامي على حضور الحفل !!، كم اكره الاحتفالات !!، مازالت ذكرى آخر حفلة ميلاد قمت بها محفورة في رأسي .... اطفأت الشموع الثمانية لوحدي !!، لم يحضر احد سوى ابي وامي ؟!!!، كان يوما محرجا بالنسبة لي ..... لعنت حفلات الميلاد بعدها وقاطعتها للأبد !!، تلك الشريرة اسلام رغم صغر سنها إلا انها تملك عقلا مخيفا ؟!!، لقد اقنعت والدتي بوجهها البريء ان تقنعني بالذهاب لمساعدتها في التحضير !، بمكرها الذي يضاهي مكر ابليس نجحت !!، وامي اجبرتني لا اقنعتني على الذهاب لمساعدتها ...
نظرت للأسفل فيما كنت معلقا بقرب السقف ، واذا باسلام وسارة غارقتان في الضحك وتحضير المزيد من أوراق الزينة وهذا يعني مزيدا من العمل لي !!، انهما يستمتعان بوقتهما ؟!!، همم !!، ساره تزداد جمالا مع كل يوم يمر ؟!!، يا له من شعر زهري جميل !، وبشرة بيضاء كحبات الثلج !، عيناها الخضراوتان تبدوان لي كبوابة لغابة مطيرة لاترى فيها سوى نضارة الأوراق وخضرتها ؟!!... تبدو لي سعيدة !!، بدأت اظن بأنها لا تحزن إلا اذا كنت برفقتها .. هي لا تشبه ابدا تلك الفتاة الحزينة التي كانت تبكي وتضربني في ذلك اليوم ؟!!!؛ حقا ، انها في غاية الجمال !!، يا إلهي تبدوا كشخصية انمي هربت من احدى المسلسلات إلى الواقع ؟!!، لحظة !!، اياك واتهامي بالانحراف عزيزي القارئ !... لست كذلك !، كل مافي الامر اني اقدر الجمال واستمتع به !....
انتهيا من مجموعة أوراق زينة كانا يعملان عليها ، تقدمت اسلام نحوي بكل تكبر ومدت لي الزينة دون ان تتكلم وكأنني اعمل لديها بأجر ؟!!. هنا فقدت آخر ذرة املكها من الصبر فانفجرت :
_ كلا !!، لا مزيد من العمل ... هذا يكفي ، لقد وكلتم لي اصعب الاعمال !، لم اعد اشعر برقبتي وانتم تجلسون في الأسفل وكل ما تقومون به هو قص الأوراق ... لماذا اساعدكم أصلا ؟! انا لم ارد الحضور إلا هنا ولكنك ايتها الشريرة ارغمتني !....
_ انت فعلا كسول ، انا لم اطلب منك المساعدة أصلا ... ( قلبت عيناها واستدارت بطريقة مستفزة ) ان لم ترد المساعدة فبامكانك الذهاب !، لن يمنعك احد ... الحمدلله اني املك صديقين رائعين كساره وضياء ، لست بحاجة لشخص قبيح وشرير ليفسد علي احتفالي ...
توجهت اسلام بنظرها لسارة وقد تصنعت وجها حزين انا اعرفه جيدا فاقتربت منها وقلت بصوت خافت :
_ انت حقا شريرة !!، لا تتظاهري امامي انا اعرف كل حيلك ...
اسرعت ساره لاسلام واخذتها بين يديها تواسيها ثم نظرت إلي سارة بنظرة معاتبة وغضب .... ساره :
_ لا عليك يا اسلام ، سننتهي من التحضير ، سيكون كل شيئا جاهزا عندما يصل اصدقاءك ... هيا ابتسمي !!، اليوم عيد ميلادك ...
_ آه !!، انها تخدعك يا ساره ... لقد تعمدت ان تختارني لاصعب عمل حتى تستفزني .. هذه القطة تستمتع باستفزازي .. انظري لأخيها هيام انه يطارد الفراشات في الخارج ؟!!، اتسمين هذه مهمة حتى ؟!!!..
_ هذا غير صحيح اسلام اعطتك اسهل مهمة ... ضياء يعمل منذ الصباح !، هو من رافق اسلام لاختيار الطعام والمشروبات وهو من احضر كيكة عيد الميلاد من المخبز وهو الآن في باحة منزل اسلام يصنع مسرح صغير ليقيم عليها مسابقات للحضور ... انت !... لم تقم بشيء سوى تعليق أوراق الزينة !، ورغم هذا لم تكف التذمر منذ بدأت !!.
_ حسنا ، قد يبدو لك تعليق الزينة امرا سهلا من بعيد !، صدقيني هو عمل منهك جدا !، لقد تركت فراشي من اجلها بحق السماء !!، كما ان ضياء تعدى مرحلة البشرية !، لقد اصبح رجلا آليا من كثرة التمارين التي يقوم بها .. لا تقارنيني به .... انا مجرد كسول يكره هذه الأمور المملة والتي لا ادري ما الفائدة منها ...
مفاجئة
كنت متوقفا عند الباب كما طلب مني ، انا سأستقبل أصدقاء سارة واسلم كل شخص وردة وقبعة الاحتفال !، ابدو كالاحمق بهذه القبعة المخروطية وباقة الورد !!. توقفت شاحنة مزينة بصور حيوانات عند مدخل منزل اسلام حيث اقف !، خرجت اسلام تركض نحو الشاحنة بسعادة .. اخرج الرجل من الشاحنة قفصا وسلمه لاسلام التي تكاد تطير من الفرحة ، عادت اسلام ومعها قفص كبير نسبيا !، وعندما رأيت مافيه .. ذهلت ولم اجد ما أقوله للمجنونة سوى :
_ قرد ؟!! حقا !!، هذا ما افضل ما توصل إليه عقلك المجنون من أفكار .. قرد لحفلة ميلاد ؟!!!.
_ اصمت يا آدم ، وما ادرى انسان الكهف ؟!، هذا القرد الجميل سيكون رمز احتفالي بميلادي هذا العام ... يا إلهي !، انتظر ردة فعل أصدقائي عندما يرونه !!.. سوف يجنو بالتأكيد ..
اسرعت اسلام الى الداخل وهي تجر قفص القرد خلفها ...
مرت ساعة على بدء الاحتفال .. وللأمانة قام ضياء بعمل مذهل !!، سيتحدث أصدقاء اسلام عن هذه الحفلة لسنوات .. وبفضل ساره سار كل شيء كما خططنا له ، انها بارعة حقا عندما يتعلق الامر بالتنظيم !!، اما اسلام فتبدوا كالملكة !!، انها في غاية السعادة !، الحمدلله ، الأمور تسير على مايرام والكل امامي سعيد .. اعلم ، انتم تتساءلون الان عن مهمتي .. انا اقف بجانب قفص القرد !!، نعم ... هذه مهمتي !، ممم !، لا زلت اظن بأن اسلام تقف خلف هذه المهمة ؟!!، على كل حال هي ليست مهمة سهلة .. القرد هو نجم الحفلة بعد اسلام بلا منازع .. المكان مكتظ عنده واجد صعوبة بالغة في ابعاد الفضوليين عن القفص !!...
اقتربت ساره وتوقفت بجانبي وهي تحمل في يدها صحن فيه قطعة من الكعك .... نظرت إلي ثم قالت وهي تشير باصبعها لقميصي الملطخ :
_ هناك بقعة على قميصك !!..
_ اجل !، لقد قذفني صبي من أصدقاء اسلام بكوب عصير لأني منعته من الاقتراب من القفص .. يا إلهي !!، حتى اصدقائها مجانين ؟!!.. اريد قتله ..
طأطأت ساره برأسها وهي تمسح بطرف اصبعها اطراف الصحن !!، فقلت لها :
_ ماذا تريدين ؟!!، هيا اخبريني ... اعلم بأنك تريدين قول شيء ما ...
_ كلا ، لا اريد قول شيء .... حسنا !!، ربما هناك شيء واحد ...
_ وهو ؟!!
_ اريد ان اعتذر لك عما بدر مني تلك الليلة !!، لقد فقدت السيطرة على نفسي ... انا اسفة يا آدم ....
_ آه !!، لا بأس ... جميعنا يفقد اعصابه في مرحلة ما من الحياة .. ويبدو اني كنت سيء الحظ لتفرغي علي غضبك في تلك الليلة ..
_ آدم !، انت لا تتذكرني ؟!..
_ بلى ، انت الفتاة التي كانت دائما تتشاجر مع الصبية وتعود لوالدتها باكية بعد ان تتعرض لضرب مبرح ...
_ يا إلهي هذا محرج !!، انت فعلا تتذكرني !!!....
سمعت صوت معدني !، توجهت بنظري نحو القفص واذا بذلك الصبي المشاكس يفتح في باب القفص بابتسامة شريرة ترتسم على وجهه !!!... اظهر رأسه من باب القفص ، تفحص المكان بعيناه لبرهة ، ثبت بصره على الصحن الذي تحمله ساره برهة !!!. وبقفزة واحدة كان قد وصل سارة وتشبث بثيابها باصابعه الصغيرة وانتزع منها الكعكة لتسقط ساره للخلف من شدة خوفها فيما يجلس القرد فوقها وهو يلعق الكعكة بطرف لسانه !!، اطلقت ساره صرخة عالية جعلت الجميع ينتبه للقرد الذي اصبح طليقا !!!، انقلب منزل اسلام من مكان للإحتفال إلى ساحة رعب وفرار وصراخ في لحظات !!، فقد الجميع صوابه وبدأوا بالركض في كل الاتجاهات والتعثر فوق بعضهم في طريقهم للخروج فسادت الفوضى المكان وجعلت القرد أيضا يتوتر فبدأ بالقفز في ارجاء المنزل والتنقل وثبا على رؤوس من يقف في طريقه !!، وهكذا بدأت كارثة انهيار حفلة اسلام .... وقفت اسلام على الباب حتى تمنع القرد من الخروج وافساد كيكة عيد الميلاد !!، صرخت بأعلى صوتي :
_ لا تدعيه يخرج !!، الكيكة يا اسلام ....
_ لا تقلق ...
فتحت يداها وثنت ركبتيها وكأنها حارسة مرمى محترفة في انتظار القرد لتلتقطه !..... تتفادى الجموع وهم يفرون بحياتهم خوفا من هذا الوحش الصغير المسمى ( قرد ) فيما عيناها مصوبتان على القرد المشاكس ، للحظة شعرت بأنه المحنة انتهت !!، كانت عيناها تلمعان من شدة الإصرار على امساكه !، وقد اتخذت وضعية تنم عن احترافية عالية !، تبع القرد الجموع الهاربة وهذا ما كانت اسلام تنتظره .... اقترب القرد منها فشعرت ببعض الامل .. قد نتمكن من انقاذ حفلة الميلاد !!، اصبح القرد امام اسلام ، كلاهما ينظر للآخر وقد خلت الطريق بينهم !!، انطلق القرد نحوها فصرخت عليها :
_ الآن !!.....
قفز القرد ثم حط على وجهها !!، ومن على وجهها وثب مرة أخرى متجاوزا اسلام التي مازالت باسطة ذراعيها وثانية ركبتيها بعزم وقد اصبح القرد خلفها !!... سقطت اسلام على ظهرها فركضت وما ان وصلت اليها نظرت إلي قائلة :
_ لقد هرب !....
_ حقا !!، لم اكن اعلم !!.. ايتها الحمقاء لما بقيت متجمدة في مكانك ؟!! هيا انهضي يجب ان نمسكه ...
وما ان اصبحنا في غرفة المعيشة حتى ايقنا بأن الحفلة قد افسدت !!، لقد انسكبت الكيكة على الأرض بفعل التزاحم وها هو القرد يسبح في الكريما حتى اصبح لونه ابيض !!، لم اجد شيئا حولي سوى مجموعة من الهدايا فبدأت برميها عليه ولكن ذلك العفريت يتفادها بخفة ؟!!، لمحت حذاءا منطلقا في الهواء بسرعة جنونية نحو القرد !!، لم يصبه ولكنه اخافة وجعلعه يترك المكان هاربا .... اسرعت اسلام وهي تمسك حذاءها الاخر خلفه ....
سمعت صوت ضياء يصرخ من باحة المنزل فذهبت اليه لأجد كل من كان في الاحتفال يختبئ خلفه !!، وامامه يقف القرد مكشرا لهم عن انيابه .. كان الصراخ عاليا لدرجة ان جميع الجيران سمعونا وبدأوا بالتوافد .... كانت فضيحة بمعني الكلمة !!!...
تم الاتصال بالبلدية واستطاعوا الإمساك وبه واعادته إلى أصحابه ، انتهت الحفلة بهذا الشكل المأساوي ... حتى كيكة الميلاد لم يتذوقها احد سوى القرد !!...
للأمانة كنت مستاءا واشعر بالشفقة على اسلام ... وبقيت على هذا الحال حتى وصلتني رسالة منها على هاتفي تقول
(( كانت افضل حفلة ميلاد حظيت بها .... كان رمزها القرد .. وانتهت كما يجدر بحفلة رمزها قرد مشاكس ان تنتهي .. اشكرك آدم ))
_____________________________________________

أنت تقرأ
مراهقة بطعم الحب الأسود !..
Romanceأنا آدم ... طالب في الثانويه وأكره البشر !!. ولولا خوفي من عقاب والدي المخيف لتركت المدرسة فورا وأغلقت باب غرفتي علي ولم اخرج منها أبدا إلا على قبري !!، لست مأساويا ولا انتحاريُّ حزين !!... كلا !... و على العكس تماما !، انا اعشق نفسي