هرعت إلى خارج المطبخ ثم اغلفت الباب خلفي عليهم ، صمدت تلك الدقائق المتبقية لوحدي في خدمة الزبائن حتى موعد اقفال المقهى ، كان الاضطراب يعصف بذهني !!، ايعقل ؟!!، ضياء !!، هناك أمر خاطئ يجب ان اعرف ما الذي حدث في المطبخ وإلا فقدت عقلي !!. خرج الزبائن ولم يبقى أحدا ... بدأت في ترتيب المقهى واعادة المقاعد إلى اماكنها ، مسحت الطاولات ، جليت المواعين ، ثم أخيرا بدأت بمسح زجاج واجهة المقهى ... اطفأت معظم الانوار ثم عدت للمطبخ بحذر شديد لأخبرهم بأن الوقت قد حان لمغادرة المقهى .. فتحت الباب بخفة شديدة !، أخرجت رأسي ببطئ لعلي استرق بعض الكلمات منهم لأطفئ نار الفضول في داخلي .... تبدو شروق هادئة ... حمدلله !، ولكنها مازلت تجلس في نفس مكانها وساره بجانبها ، اختفت دموعها وعادت ملامحها إلى ماكنت عليه ما عدا مسحة من الحزن مازلت ظاهرة ...
تقدمت بضع خطوات ، انتبه الاثنان لوجودي ، اعتدلت شروق فنهضت ساره ومدت يدها لشروق حتى تقف هي الأخرى ، نظرت شروق إلي لوهلة !، ثم ازاحت بعيناها للجهة المقابلة ... امسكت ساره يد شروق ثم قالت لها بصوت هادئ :
_ اخبريني ما الذي حدث ؟! هل حاول ضياء ايذاءك بطريقة ما ؟!!.
اسرعت شروق للنفي قائلة :
_ كلا !، لم يفعل .. انما ، انا في الحقيقة ... انا !. حسنا ، كيف اقولها ؟!..
ساره :
_ قوليها ولا تقلقي ..
_ انا أخاف من التواجد مع الفتية لوحدي ... انهم متوحشين ، انا اعاني من فوبيا من الفتيان ( اتجهت لساره وبدأت بالاسترسال ) انهم اشرار !، انت لا تعلمين كم من القصص سمعتها عنهم .. انهم ذئاب لا تفكر إلا في نفسها ، اتعلمين كم من فتاة تعرضت للخداع وفطر قلبها بسبب فتى ؟!، اتعلمين كم من فتاة قررت انهاء حياتها بسبب هؤلاء الانتهازين ؟!، منذ ان وعيت على الدنيا وانا اسمع القصص والمآسي والفظاعات التي يرتكبونها بحق فتيات مسكينات .. انا أخاف ان اصبح أيضا ضحية لهم .. لهذا انا اتفادهم قدر الإمكان ... اجل !، ربما لدي فوبيا منهم .. وهذا افضل لي بألف مرة من ان اثق باحدهم يوما واصبح انا الأخرى ضحية ... انا اعترف لقد تماديت قليلا في ردة فعلي !!، وانا محرجة من نفسي..
قاطعتها ساره :
_ لا داعي للشعور بالاحراج ، جميعنا يمر بلحظات كهذه ...
نظرت ساره إلي فلحقتها شروق .... ها !!، ماذا تريداني ان أقول ؟!! لا تنظرا إلي هكذا وكأني مصلح اجتماعي !، انا بالكاد استطيع القاء تحية في العلن .. لا تتوقعا ان القي عليكما محاضرة ما تدخل الطمأنينة والسلام إلى قلبكما !!. قلت متهربا :
_ هيا بنا ، لقد تأخر الوقت وانا متعب .. اريد قفل المقهى والعودة للنوم ...
تحت أضواء أعمدة الانارة سرنا ليلا ، كان الهدوء والصمت التام سيد الموقف ، تسلل برد الشتاء القارص إلى عظامنا !، ولم ترحمنا موجات السقيع المحملة على ظهر نسمات متفرقة ، الشوارع مبتلة ، يبدو انها امطرت قليلا قبل ظهورنا ... انه الليل موعد ظهور العاشقين وتشابك الايادي واقتراب الأجساد بحثا عن الدفي من البرد وأيضا طلبا للدفئ الذي يمدك به قربك بمن تعلق به قلبك .. شعرت بالحنين فيما كنا عائدين إلى منازلنا ... وجدت شيئا في نفسي وانا اراقب أولئك الذين احتلوا زوايا الطرق والمقاعد العامة المنتشرة على الطريق !، كنت استمع لاحاديثهم ، ولكنها كانت منخفضة لدرجة اني لم استطع فهما ، رأيت بعضهم يضحك للآخر ورأيت المبتسمين ، رأيت اعين تحدق في السماء بصمت ، رأيت وجوه تزدان بالجدية ، سمعت تنهدات حزينة اثناء سيري من هنا ومن هناك ، امدني كل هذا بشعور بالحنين !!، لا ادري حنينا لما ؟! ولكنه كان ثقيلا !!، ليس بشكل سيء .... فقد شعرت أيضا بالدفئ !... تذكرت بأني لا امشي وحيدا !!، توجهت بطرف عيني ليميني ... قد اعادت الطوق لمكانه وعادت أذني القطة فوق رأسها كما يجدر بهما ... لا تبدوا حزينة !!، تبدو مستاءة وغارقة في التفكير ؟!! قضت بأسنانها على شفتها وكأنها تذكرت امرا ما !، تنهدت ... ثم طأطأت برأسها للأسفل اثناء سيرنا حتى اسدل شعرها الليلي الأسود الستار على وجهها :
_ اللعنة على الفتيان ، اريد سحق اعناقهم واحدا تلو الاخر ... بسببهم اليوم بدوت امامكم فتاة بكاءة ضعيفة ..
استفزتني آخر كلمة قالتها :
_ ضعيفة ؟!!، شروق ضعيفة !!، اهذه مزحة ثقيلة ؟!.. ربما كبريائك قد حجب عنك ما يقال من وراء ظهرك يا ساحقة الفتيان !.... منذ ان عرفتك وانت مشرفة الفصل !، في كل المراحل لم تتنازلي عن هذا المقعد .... انسيت تلك الشجارات التي خضتها في الابتدائية ؟!! الجميع في المدرسة يهابك لطالما كنت تلك الفتاة القوية التي يتجنب الجميع اغضابها ... ضعيفة !!، بدت كمزحة غير مضحكة عندما نعت نفسك بهذة الصفة يا شروق !!!!..
في الحقيقة لم يكن قصدي مواساتها ، ليس من شيمي التطبيب والاشفاق ... ولكنها فعلا فتاة قوية !!.... آه !، الحياة غريبة حقا !!، من كان ليظن بان شروق تخاف من الفتيان !!، تخاف من الذين يخافون منها !!، هذه هي الطرفة المضحكة فعلا !، يا إلهي !!، اظن بأن الحياة تحب السخرية منا في بعض الأحيان .... ولكن ... ما هي القصص التي سمعتها حتى أصبحت تخافنا يا ترى ؟!! وهل نحن فعلا كما تقول ؟! هممم ، في الحقيقة اظن بأن هناك البعض منا قد تنطبق عليهم اتهامات شروق ، كلا ، القليل منا ... بل القليل القليل منا ... وحتى هكذا يبدو الامر محرجا لي ... البشر !!!، كم امقتهم ....
اقتربنا من الحي السكني واختفت الشوارع العامة الواسعة والاضاءة القوية لنصبح في طرق ضيقة تنحشر بين المنازل وانارة خافتة . توقفنا امام اول منزل ، منزل ساره ... قالت ساره لشروق :
_ شروق ، ان اردت بأمكاني السير معك حتى منزلك ؟!!.
_ لا بأس سأذهب لوحدي .. وداعا واحلاما سعيدة ساره ...
دخلت ساره منزلها واكملت شروق سيرها ... كان المكان مظلما والوقت قد تأخر قليلا ، فقلت بصوت عال :
_ اتريدين ان ارافقك شروق ؟!!.
_ افضل الموت على ذلك ...
_ كما تشائين ، ولكن ان صادفت سكيرا او مجنونا في طريقك فلا تقولي اني لم احذرك ..
_ غيرت رأيي ... بامكانك مرافقتي ...
توقفنا عند باب منزلها .. كانت الكلمات تقف على طرف لسانها ولكنها محرجة ، فقلت لها :
_ لا تقلقي لن أخبر أحدا بسرك الصغير المتعلق بالفتيان ..
_ جيد ، لأنك لو فعلت فسوف اسحق لك رقبتك ...
أنت تقرأ
مراهقة بطعم الحب الأسود !..
Romanceأنا آدم ... طالب في الثانويه وأكره البشر !!. ولولا خوفي من عقاب والدي المخيف لتركت المدرسة فورا وأغلقت باب غرفتي علي ولم اخرج منها أبدا إلا على قبري !!، لست مأساويا ولا انتحاريُّ حزين !!... كلا !... و على العكس تماما !، انا اعشق نفسي